قالت مجلة "ناشونال إنترست"، إنه يتعين على إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، أن تكون أكثر وضوحاً في ما يتعلق بعلاقتها مع الصين التي باتت تشكل "تهديداً وجودياً"، معتبرة أن الصراع الحاد الحالي بين البلدين، هو "حرب باردة جديدة".
وأشارت المجلة الأميركية، في تقرير مطول، السبت، إلى أن الصين "دولة استبدادية ولديها طموحات توسعية متعددة، يحلم قادتها بعالم يمكنهم السيطرة عليه وإعادة تشكيله"، على حد تعبيرها.
واعتبرت أن "عمل بكين على جعل حلمها حقيقة يجعلها ليست مجرد منافس أو خصم، بل يجعلها تشكل تهديداً وجودياً للنظام العالمي الحالي، ولسيادة الدول الأخرى، وللقيم والحريات التي يعتز بها الأميركيون ويموتون من أجل حمايتها".
"عالم آمن للديكتاتوريات"
وحذرت المجلة من أن بكين "عازمة على خلق عالم آمن لها، ولشركائها من الديكتاتوريات الأخرى: روسيا وإيران وكوريا الشمالية وفنزويلا وبيلاروسيا، كما أنها تخطط لسحق أي شخص أو أي دولة لديها الشجاعة الكافية للتشكيك في أهدافها أو قيمها، وهي العملية التي قد يمكن الصين من خلالها تدمير النظام الدولي القائم على القواعد، الذي ساعد في منع نشوب حرب عالمية على مدى 76 عاماً، وأدى إلى ارتفاع غير مسبوق في مستوى المعيشة حول العالم".
ورأت المجلة، التي تصدر عن مركز "نيكسون"، أنه قد حان الوقت لأن يدرك العالم هذه الحقيقة، وأن تقود الولايات المتحدة تحالفاً من الدول الحرة الراغبة في الدفاع بيقظة عن القيم التي تعتز بها.
ولفتت المجلة إلى أن القوة الاقتصادية والعسكرية المتنامية للصين تبدو "مثيرة للإعجاب"، لكن الموارد الموجودة لدى الولايات المتحدة، والعالم الحر، تفوق موارد الصين وشركائها من الديكتاتوريات الأخرى بكثير، ولذا فإن بكين لن تفكر في شن حرب لا تتوقع أن تكسبها، على الرغم من أن "قادتها مقامرون، وربما يخاطرون في حال أدركوا أن خصومهم ضعفاء ومفرقون".
"معركة وجودية"
وشددت المجلة على ضرورة أن يكون هدف الولايات المتحدة في "حربها الباردة" مع الصين هو نفس هدف الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي، الذي كان متمثلاً في وقف أفعال الخصم المُزعزعة للاستقرار، وطموحاته التوسعية.
وحث التقرير، واشنطن على بذل كل ما في وسعها لإقناع قادة هذا الخصم بأن سياساتهم الخطيرة، والمدمِرة للذات، لا جدوى منها، ويجب أن تتغير في حال أرادوا الازدهار.
وتابعت: "تحتاج الولايات المتحدة إلى وجود قيادة فكرية واضحة لا لَبس فيها لهذه المعركة الوجودية من أجل حرية العالم، ويجب أن يشمل ذلك تسمية الصراع باسمه الصحيح: حرب باردة".
ومضت المجلة تقول إن الولايات المتحدة كانت تأمل في أن تنتزع الطبقة الوسطى الصينية الناشئة قدراً أكبر من الحرية من قادة البلاد، وأن تتصرف بكين بمسؤولية في الخارج، لكنها خسرت هذا الرهان.
وفي عهد الرئيس الصيني شي جين بينغ، "استعاد الحزب الشيوعي الصيني دوره القديم، وألغى العديد من الإصلاحات الرأسمالية، وضاعف من معدل القمع في الداخل، وقاد حشداً عسكرياً غير مسبوق، وذلك بينما كان يتحرش بجيران بكين، ويهدد أولئك الذين قد يقفون في طريق سياساتها"، بحسب المجلة.
"منافسة جيوستراتيجية"
واليوم، تشير إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى "التعاون والمنافسة والمواجهة" مع الصين، وهي التعبيرات التي ليست بالضرورة تعكس الواقع، كما لم يعد تعبير "منافسة القوى العظمى"، الذي كان يستخدمه الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، يعكس الواقع اليوم أيضاً، فالمنافسة الجيوستراتيجية في عصرنا الحالي تدفع لتحريض الولايات المتحدة ضد الصين، ولذا فإنه قد حان الوقت لتسمية العلاقات الأميركية-الصينية باسمها الصحيح، وفقاً لـ"ناشونال إنترست".
ورأت المجلة، أنه في حين تعتبر روسيا قوة إقليمية خطرة مثل تركيا وإيران، فإنها ليست في نفس مكانة الولايات المتحدة والصين، لافتة إلى أنه "من الممكن أن تكون موسكو مزعجة، ولكنها لا تمثل تهديداً وجودياً للولايات المتحدة باستثناء كونها حليفاً مفيداً لبكين".
ووصفت المجلة الصين بأنها "اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية في هذا العصر"، معتبرة أن طموحات بكين تبدو غير مقبولة مثل طموحات روسيا الشيوعية السابقة، وطالبت بضرورة إحباط هذه الطموحات في حال رغب العالم في البقاء على الشكل الذي نعرفه عليه.
ورصدت المجلة أوجه التشابه بين الصين والاتحاد السوفييتي، قائلة إنهما "يمثلان تهديداً للديمقراطية الأميركية، واستخدما قوتهما الاقتصادية لتقييد الديمقراطيات، ويمثلان تهديداً للتفوق التكنولوجي للولايات المتحدة، وتهديداً لأيديولوجية الحرية الأميركية".
"رسالة واضحة"
وتابعت: "نحن بحاجة لسماع رسالة واضحة تماماً مفادها أن هذا الصراع وجودي، وبمجرد وصفه بأنه حرب باردة، سيصبح الصراع مع الصين هو القضية المركزية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، مما سيدفع صانعي السياسات لتصميم سياسات واضحة المعالم للمجتمع بأسره للفوز في هذا الصراع".
وفي حال إعلان "الحرب الباردة" بوضوح، توقعت المجلة، أن الولايات المتحدة ستطلب من حلفائها وأصدقائها الوقوف إلى جانبها وهو ما سيفعلونه.
ورجحت "ناشونال إنترست" أن ألمانيا ستبيع عدداً أقل من السيارات في الصين، وفرنسا عدداً أقل من السلع الفاخرة، وستنخفض التجارة الأميركية مع الصين أيضاً، وسيجد الأميركيون عدداً أقل من السلع "المصنوعة في الصين" في المتاجر.
واختتمت بالقول، إن "إعلان الحرب الباردة مع الصين سيساعد على زيادة استعداد الولايات المتحدة والعالم الحر لهذا الصراع، كما أنه سيثني الصينيين عن اختبار قدرة وتصميم هذا العالم على الحرب".
اقرأ أيضاً: