قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، الثلاثاء، إن الاتحاد الأوروبي وفي سبيل وقف اعتماده على مصادر الطاقة الروسية، سيتعاون مع إسرائيل من خلال مشروعين لتصدير الغاز.
وأضافت فون ديرلاين في تصريحات من جامعة "بن جوريون" الإسرائيلية: "منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير الماضي، عمد الكرملين على قطع إمدادات الغاز عن بولندا وبلغاريا وفنلندا، وذلك لدعم تلك الدول كييف".
وتابعت:" تصرفات الكرملين زادتنا إصراراً على قطع الاعتماد كلياً عن الغاز الروسي، وفي سبيل ذلك، سنتعاون مع إسرائيل من خلال مشروعين كبيرين، أولهما مد أكبر كابل بحري لتصدير الغاز يربط بين إسرائيل وأوروبا عبر اليونان وقبرص، على أن يكون مستقبلاً مصدراً للطاقة المتجددة".
وأردفت: "سيتمثل المشروع الثاني بمد خط أنابيب غاز وهيدروجين نظيف في الشرق الأوسط. هذا استثمار في أمن الطاقة الأوروبي والإسرائيلي، إذ ستسهم تلك البنى التحتية في الابتعاد عن الكربون".
وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أن نموذج التعاون هذا يعد"مثالاً رائعاً حول تكاتف المجتمعات الديمقراطية ليس فقط في وقت النزاعات، بل أيضاً في مواجهة تحديات أخرى مثل ظاهرة التغير المناخي الذي يستدعي توظيف كافة التكنولوجيات والقطاعات الرائدة في سبيل ابتكار تكنولوجيا رائدة تكافح تلك الظاهرة لجعل العالم أفضل مستقبلاً".
"فرصة استراتيجية"
وفي هذا الصدد، التقت فون ديرلاين مساء الاثنين، كلاً من وزير الخارجية يائير لبيد ووزيرة الطاقة كارين الحرّار.
وقال ناطق باسم الحرّار إنّ رئيسة المفوّضية الأوروبية، شدّدت على أنّ "الاتّحاد الأوروبي بحاجة للغاز الإسرائيلي"، في حين، وصف لبيد العلاقات الثنائية بين الاتحاد وإسرائيل بـ"الفرصة الاستراتيجية".
من جهتها، قالت الناطقة باسم المفوضية الأوروبية، دانا سبينانت: "ترقبوا الإعلانات التي سنصدرها بشأن التعاون في مجال الطاقة مع إسرائيل وشركاء آخرين في المنطقة، بينهم مصر التي ستزورها فون ديرلاين بعد إسرائيل".
وأضافت أنّه بعد المباحثات في إسرائيل "ستكون (مصر) بالطبع محطة مهمة لمباحثاتنا حول الطاقة".
وكانت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية، أفادت بأن فون ديرلاين ستصل الأربعاء إلى القاهرة في زيارة تشمل 4 دول، بالتزامن مع زيارة كادري سيمسون مفوضة الطاقة بالاتحاد الأوروبي إلى القاهرة.
وأضافت الوكالة أن رئيسة المفوضية الأوروبية ستلتقي خلال الزيارة عدداً من كبار المسؤولين المصريين، ومن المنتظر أن تتناول العلاقات المصرية الأوروبية والقضايا الإقليمية والدولية، فضلاً عن ملف الطاقة الذي يشكل أولوية لدى أوروبا، خصوصاً بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
وتأتي زيارة كلّ من رئيسة المفوضية والمفوضة الأوروبية للطاقة إلى مصر قبل أيام من اجتماع مجلس المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبي الذي يعقد في الـ19 يونيو في لوكسمبورج برئاسة الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل ووزير الخارجية سامح شكري، والذي من المنتظر أن يتم خلاله اعتماد وثيقة أولويات الشراكة الجديدة بين الاتحاد الأوروبي ومصر حتى عام 2027.
وتتوفر 3 خيارات رئيسية لإسرائيل لتصدير جزء من غازها إلى أوروبا، أحدها نقل الغاز إلى مصر وتسييله للتصدير إلى أوروبا، أما الخيار الثاني المطروح فهو بناء خط أنابيب إلى تركيا، التي شهدت علاقتها مع إسرائيل تحسناً بعد أكثر من عقد من التوتر، فيما المقترح الثالث هو إنشاء خط أنابيب يربط حقول الغاز الإسرائيلية بكل من قبرص واليونان والمعروف بمشروع شرق المتوسط "إيست ميد".
مسودة اتفاق
في سياق موازٍ، أفادت مسودة وثيقة اطلعت عليها وكالة "رويترز" ويعود تاريخها إلى 7 يونيو، بأن المفوضية اقترحت على دول الاتحاد الأوروبي عقد صفقة مع مصر وإسرائيل لزيادة واردات الغاز الطبيعي من شرق البحر المتوسط.
وتأتي مسودة مذكرة التفاهم، التي ما زالت عرضة للتعديل وتنتظر موافقة الدول المعنية عليها، في إطار جهود الاتحاد الأوروبي لخفض واردات الوقود الأحفوري من روسيا.
وأفادت الوثيقة المؤلفة من 9 صفحات بأن الغاز الطبيعي الذي سيوّرد للاتحاد الأوروبي سيأتي إما من مصر أو من إسرائيل أو من أي مصدر آخر في منطقة شرق البحر المتوسط، بما في ذلك الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالمنطقة.
وتُرسي مسودة الاتفاق مبادئ تعزيز التعاون بين الأطراف الثلاثة، لكنها لا تحدد كمية الغاز التي يعتزم الاتحاد استيرادها أو أي جدول زمني للتوريدات.
وتشير المسودة إلى أن الاتفاق سيشمل استخدام البنية التحتية للغاز الطبيعي المسال في مصر، مشيرة إلى اعتزام الدولة أن تصبح "مركزاً إقليمياً للغاز الطبيعي".
وبحسب الوثيقة، فإن مصر ستتمكن من شراء بعض الغاز المنقول إلى الاتحاد الأوروبي أو دول أخرى عبر البنية الأساسية المصرية، كما يمكنها استخدام هذا الغاز محلياً أو تصديره.
وأضافت الوثيقة أن الأطراف "ستعمل معاً من أجل تحديد السبل والوسائل الملائمة لتحقيق الغرض من مذكرة التفاهم هذه من أجل التعجيل بتصدير الغاز الطبيعي للاتحاد الأوروبي".
ولا يطرح الاتفاق أي متطلبات مالية أو قانونية ملزمة على الموقعين، كما يستمر العمل بمذكرة التفاهم تسع سنوات منذ تاريخ التوقيع، لكن هذا الجزء يأتي مكتوباً داخل قوسين في إشارة إلى أنه أكثر عرضة للتغيير من غيره.
في المقابل، سيتمكن الاتحاد الأوروبي بموجب الاتفاق من تمويل بنية أساسية جديدة، إذا كان ذلك متماشياً مع التزامه بعدم التشجيع على أي استثمار آخر في مشروعات البنية الأساسية الخاصة بالوقود الأحفوري في دول ثالثة، ما لم تكن تتفق تماماً مع مسار طموح ومحدد بوضوح باتجاه الحياد المناخي.
ويمكن كذلك تقديم تمويل لتطوير تكنولوجيا خفض الانبعاثات وإزالة الكربون من الغاز الطبيعي. وأضافت المسودة أن الأطراف ستعمل على "خفض تسرب غاز الميثان من البنية التحتية للغاز الطبيعي ودراسة تكنولوجيات جديدة لتقليل عمليات التنفيس والحرق".
وتصدّر مصر بالفعل كميات صغيرة من الغاز للاتحاد الأوروبي ومن المتوقع أن تُزيد هي وإسرائيل الإنتاج والتصدير في السنوات المقبلة.
وصدّرت مصر 8.9 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال العام الماضي و4.7 مليار متر مكعب في الأشهر الخمسة الأولى من 2022، وفقاً لبيانات شركة "رفينيتيف أيكون".
وقال مسؤولون بقطاع الغاز إن إسرائيل في طريقها خلال الأعوام القليلة المقبلة لزيادة إنتاجها من الغاز إلى مثليه، ليبلغ نحو 40 مليار متر مكعب عن طريق توسعة مشروعات وبدء الإنتاج من حقول جديدة.
وعبّرت إسرائيل عن أملها في التوصل إلى اتفاق لتوريد الغاز إلى أوروبا وتدرس كذلك مد خط أنابيب لتصدير المزيد من الغاز لمصر.
يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي استورد 155 مليار متر مكعب من الغاز من روسيا العام الماضي، أي ما يمثل حوالي 40 % من إجمالي استهلاكه.