مناجم قديمة في اليابان تشعل خلافاً بين طوكيو وسول

time reading iconدقائق القراءة - 5
أنقاض منجم أيكاوا للذهب والفضة في جزيرة سادو باليابان - 19 أغسطس 2021  - REUTERS
أنقاض منجم أيكاوا للذهب والفضة في جزيرة سادو باليابان - 19 أغسطس 2021 - REUTERS
سادو (اليابان)- أ ف ب

في أسفل جبل بجزيرة سادو في اليابان، تمتد شبكة من مناجم الفضة والذهب التي تعود إلى قرون، وقد أصبحت الآن تشكل مصدراً جديداً للخلاف مع كوريا الجنوبية.

ويُعتقد أن بعض مناجم الذهب والفضة في سادو قبالة الساحل الغربي لليابان، بدأ العمل فيها في بداية القرن 12، وبقيت قيد العمل حتى بعد الحرب العالمية الثانية.

تراث عالمي

تقول اليابان إن هذه المناجم تستحق أن تدرج على قائمة منظمة الأممم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) للتراث العالمي، نظراً لتاريخها الطويل وتقنيات التعدين الحرفي المستخدمة في تلك الجزيرة فيما كانت المناجم الأوروبية قد تحوّلت إلى المكننة.

وبالتالي، قدمت طوكيو طلباً في هذا الإطار لاعتراف "يونسكو" بـ 3 مواقع، هي منجم نيشيميكاوا للذهب ومنجم تسوروشي للفضة ومناجم أيكاوا للذهب والفضة، خلال الفترة بين عامَي 1603 و1867، عندما كانت أعمال التنقيب تجري يدوياً.

لكن في سول، ينصب التركيز على ما لم يذكر في الطلب: استقدام عمال كوريين خلال الحرب العالمية الثانية، عندما احتلت اليابان شبه الجزيرة الكورية.

ويشكل وضع هؤلاء العمال موضع خلاف، إذ يؤكد البعض أن معظمهم وقعوا عقوداً على أساس طوعي.

وقال كويشيرو ماتسورا، المدير العام السابق لـ"يونسكو" الذي يدعم ترشيح المناجم: "كانت ظروف العمل قاسية جداً، ومع ذلك كان الأجر مرتفعاً جداً، ولهذا السبب سعى العديد من الأشخاص، من بينهم الكثير من اليابانيين، للحصول على هذا العمل".

"التمييز كان موجوداً"

لكن آخرين يؤكدون أيضاً أن شروط العمل ترقى إلى مستوى العمل القسري، وأن العمال الكوريين كانوا يواجهون ظروفاً أقسى بكثير من العمال اليابانيين.

قال أستاذ التاريخ السياسي الياباني في جامعة واسيدا في طوكيو تويومي أسانو: "كان التمييز موجوداً"، موضحاً أن ظروف العمل للكوريين كانت "سيئة جداً" و"أوكلت إليهم المهمات الأكثر خطورة".

وأدت الخلافات التاريخية التي تعود إلى استعمار اليابان لشبه الجزيرة الكورية (1910-1945) إلى تسميم العلاقات لسنوات بين طوكيو وسول، ما أسفر عن إنشاء مجموعة عمل تهدف إلى إفشال محاولة إدراج مناجم سادو على قائمة "يونسكو".

وتوجد خلافات مماثلة بين البلدين المجاورين في ما يتعلق بمواقع ثورة ميجي الصناعية في اليابان (1868-1912) المصنفة ضمن التراث العالمي منذ عام 2015.

والعام الماضي، دعت "يونسكو" اليابان إلى اتخاذ خطوات لتوعية الزوار بأن "عدداً كبيراً من الكوريين وغيرهم من الأشخاص جلبوا ضد إرادتهم وأجبروا على العمل في ظروف قاسية" في هذه المواقع.

وقال ماتسورا إن اليابان "ينبغي أن تتجنب ارتكاب الخطأ نفسه مجدداً" في سادو. وأضاف: "نحتاج إلى أن نقول بطريقة أكثر واقعية وصدقاً كيف عاش العمال الكوريون وعملوا" في هذه المناجم.

ذاكرة انتقائية

بدأت هذه الأماكن تستقبل السياح في الستينيات، عندما بدأ نشاط التعدين يتراجع. وفي السبعينيات، وضعت أجهزة "روبوت" متحركة في بعض أنفاق التعدين لإعطاء فكرة عما كان شكل الحياة هناك.

وقال هيديجي ياماجامي لوكالة "فرانس برس"، وهو زائر ياباني يبلغ 79 عاماً إنه يفترض أن يذكر أن عمّال سخرة كوريين عملوا فيها، موضحاً: "لم تكن لدي أي فكرة عن ذلك. كنت أعتقد أن اليابانيين هم من قاموا بكل هذا العمل الشاق".

بالكاد تذكر اللوحات التوضيحية في الموقع ذلك، فيما تناولت جوانب أخرى مظلمة لهذه المواقع التي تعود إلى فترة إيدو حين كان عمال المناجم في الغالب فقراء أو مشردين لا يحملون أوراقاً ثبوتية أسروا وأجبروا على العمل القسري، كما تحدثت أيضاً عن عمالة الأطفال.

وأعرب البروفيسور تويومي أسانو عن أمله في أن تشدد اليونسكو على ذكر التاريخ الكامل لمناجم سادو وألا تكون ذاكرة انتقائية، إذا أضيف الموقع إلى قائمة التراث العالمي.

وتابع أسانو أن اليابان "يجب ألا تخاف" من الاعتراف بجزء من تاريخها إذ إن "كل أمة لديها جوانب مظلمة في تاريخها. أولئك الذين ليس لديهم جوانب مظلمة لا وجود لهم".

اقرأ أيضاً: