الاتحاد الأوروبي: تصعيد إيران النووي يتجاوز الأغراض المدنية ولا يتسق مع المفاوضات

time reading iconدقائق القراءة - 9
وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان يستقبل منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في طهران. 25 يونيو 2022 - Getty Images
وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان يستقبل منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في طهران. 25 يونيو 2022 - Getty Images
فيينا/ باريس/ دبي -أ ف برويترزالشرق

قال الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، إن إيران تواصل تصعيد برنامجها النووي بما يتجاوز أي مبررات معقولة لاستخدامه في أغراض مدنية، معبراً عن قلقه البالغ من أن تستمر طهران في اتخاذ إجراءات "لا تتسق مع الاتفاق النووي أثناء إجراء المفاوضات".

وذكر الاتحاد الأوروبي في بيان، أن تعاون إيران الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الوقت المناسب أمر "حاسم للغاية".

وحث البيان إيران على الامتناع عن أي خطوات تصعيدية أخرى والرجوع عن جميع الأنشطة التي تتعارض مع الاتفاق النووي والعودة للتنفيذ الكامل له دون تأخير.

وجدد الاتحاد "التزامه الراسخ ودعمه المتواصل للتنفيذ الكامل والفعال" للاتفاق النووي، مؤكداً عزمه على الاستمرار في العمل مع المجتمع الدولي للحفاظ على هذا الاتفاق الذي وصفه بأنه "ذو أهمية استراتيجية".

وأضاف "تنفيذ إيران لالتزاماتها النووية بصورة كاملة وقابلة للتحقق منها أمر لا غنى عنه".

كما عبر الاتحاد الأوروبي عن أسفه لعدم اغتنام إيران ما وصفها بالفرصة الدبلوماسية المهمة للغاية، داعياً طهران إلى قبول المقترح الأوروبي من أجل الإحياء الكامل للاتفاق النووي المبرم عام 2015.
          
وأبدى الاتحاد دعمه الكامل لأن تكون مفاوضات الاتفاق النووي منفصلة عن التزامات إيران القانونية بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، مؤكداً أن هذه الالتزامات ضرورية لنظام حظر الانتشار النووي العالمي.

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي، الأحد، "نحن في وضع حرج". من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن: "من غير المرجّح أن تلوح آفاق حل في المدى القصير"، معتبراً أن إيران "إما غير قادرة وإما غير عازمة على اتخاذ الخطوات اللازمة للتوصل إلى اتفاق".

كما قالت الولايات المتحدة في اجتماع لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، الثلاثاء، إن إيران "ليست شريكاً راغباً" في محادثات إحياء الاتفاق النووي.

وذكرت الولايات المتحدة في بيان للمجلس، المؤلف من 35 دولة "مستعدون لسرعة تنفيذ اتفاق على العودة المشتركة للتنفيذ الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة. ما ينقصنا هو أن تكون إيران شريكاً راغباً" في إحياء الاتفاق.

وآراء المفاوضين بغالبيتهم متوافقة حالياً على عدم إمكان التوصل لاتفاق قبل الانتخابات النصفية الأميركية المرتقبة في الثامن من نوفمبر المقبل.

وقبل أشهر قليلة كانت القوى الكبرى تأمل إنجاز الاتفاق قبل حلول موعد الاستحقاق الأميركي، الذي من شأن نتائجه أن تعيد خلط الأوراق في حال فوز الجمهوريين.

واستئناف المحادثات بعد الانتخابات الأميركية ليس أمراً مستبعداً، لكن حالياً "لا تجري أي مفاوضات" والأمور عالقة تماماً، وفق المصدر الفرنسي.

واستبعد الباحث الفرنسي برونو تيرتريه في مطلع سبتمبر أي نهاية وشيكة لـ"ملحمة المفاوضات اللامتناهية بشأن نووي إيران"، مشدداً على عدم وجود أي "خطة بديلة".

عقبات أمام الاتفاق 

ويتمحور الخلاف على طلب إيران إنهاء تحقيق للوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن آثار لليورانيوم المخصّب رصدت في ثلاث مواقع غير معلن عنها، ما يمكن أن يشكل مؤشراً يدل على وجود برنامج إيراني لحيازة قنبلة ذرية.

وتندد طهران بـ"تسييس" الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحقيقها، وهي شدّدت، الثلاثاء، على أنها تعاونت بشكل "كامل" مع الهيئة الذريّة.

لكن الدول الكبرى تشدد على أن هذا الأمر لا علاقة له بالمفاوضات الرامية لإحياء "خطة العمل الشاملة المشتركة"، وتشير إلى وجود التزامات قانونية كون إيران دولة موقّعة على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.

وقال المصدر الفرنسي "لن نتهاون في هذه النقطة"، معتبراً أن هذا الأمر يضع استقلالية الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومصداقية الحد من انتشار الأسلحة النووية على المحك.

وفي وقت سابق الثلاثاء، أكد دبلوماسيون، أن القوى الغربية تضغط على دول أخرى في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة؛ للضغط بشكل مشترك على إيران، كي تعطي الوكالة الإجابات التي طالما سعت للحصول عليها بشأن آثار اليورانيوم التي عُثر عليها في ثلاثة مواقع غير معلنة.

وفي اجتماعه الفصلي الأخير في يونيو، أصدر مجلس محافظي الوكالة، قراراً يبدي فيه "قلقه العميق" من الاستمرار في عدم تفسير وجود آثار لليورانيوم بسبب عدم تعاون إيران بالقدر الكافي، ودعا طهران إلى التعامل مع الوكالة "دون تأخير".

وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إنه لم يتم إحراز تقدم أو مشاركة من إيران منذ ذلك الحين.

وبدلاً من تمرير قرار جديد في اجتماع مجلس المحافظين هذا الأسبوع، أعدت الدول الأربع التي تقف وراء قرار يونيو، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، بياناً مشتركاً تؤكد فيه من جديد دعم ذلك القرار، أملاً في أن توقع عليه العديد من الدول الأخرى.

دعوة إيران للوفاء بالتزاماتها 

وجاء في القرار "ندعو إيران إلى العمل فوراً على الوفاء بالتزاماتها القانونية وقبول عرض مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بدون تأخير، الخاص بزيادة المشاركة لتوضيح كافة قضايا الضمانات العالقة وحلها"، في إشارة إلى التحقيق، الذي قامت به الوكالة على مدى سنوات.

ويحمل القرار، الذي يتخذه مجلس المحافظين، نفس أهمية أي قرار رسمي يتخذه، وهو أعلى جهة لصنع السياسات في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويجتمع أكثر من مرة في العام.

ويعد البيان، الذي تصدره مجموعة من الدول لكن بدون أن تقدم أو تصدر قراراً، مجرد إبداء رأي.

ومؤخرا حذّرت الوكالة من أنها غير قادرة حالياً على ضمان "الطابع السلمي الصرف" للبرنامج النووي الإيراني.

وكانت قد برزت خلال المفاوضات نقاط خلاف عدة تم تخطيها، لا سيّما مطالبة إيران الولايات المتحدة بشطب الحرس الثوري من القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية. وقد تمت "تسوية" هذه النقطة ولم تعد شرطاً يعرقل إنجاز الاتفاق.

كذلك، تم تخطي مسألة الضمانات الأميركية، وفق دبلوماسيين غربيين. فإيران تتوجّس من تكرار ما حصل في عام 2018 حين انسحب ترمب من الاتفاق.

خطر عسكري؟

ووفق دبلوماسي أوروبي، فإن الكل يخشى خطر المواجهة العسكرية لكن "أحداً لا يريد الحرب"، خصوصاً في خضم النزاع الدائر في أوكرانيا.

وأطلقت إسرائيل التي تعارض بشدة الاتفاق الدولي المبرم مع إيران بشأن برنامجها النووي، حملة لإقناع القوى الغربية بعدم المضي قدماً في إحياء "خطة العمل الشاملة المشتركة".

وتعتبر الدولة العبرية أن الاتفاق لا يردع "أنشطة زعزعة الاستقرار" الإيرانية في المنطقة.

وخلال زيارة لألمانيا، الاثنين، تطرّق رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد إلى "طرح تهديد عسكري موثوق ضد إيران على الطاولة".

كما قال لبيد، الثلاثاء، إن بلاده تمكنت من وقف التوصل إلى توافق لإحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015 بين القوى الكبرى وإيران.

وأضاف خلال فعالية لإعلان مرشحي حزب "يش عتيد" (هناك مستقبل): "سأقولها بحذر، لقد تمكنا من وقف الاتفاق النووي مع إيران".

ويقول المصدر الأوروبي إن إسرائيل "لم تبلغ بعد كامل جهوزيتها" لشن ضربات استباقية، لكن تقريراً نشرته الاثنين مجموعة الأزمات الدولية أشار إلى أن الدولة العبرية "عززّت على ما يبدو في الأشهر الأخيرة عملياتها السرية في إيران"، في إشارة إلى سلسلة اغتيالات شهدتها الأخيرة نُسبت إلى إسرائيل.

ولا يحبّذ الغربيون السيناريو العسكري، لكن الجمود الحالي وما تصفه مجموعة الأزمات الدولية بأنه توازن "اللا اتفاق واللا أزمة" لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية.

تأثير أوكرانيا 

واعتبرت مجموعة الأزمات الدولية أنه "حتى وإن كانت هناك فرصة لنجاح العملية (التفاوضية) في فيينا بحلول نهاية العام، هناك أيضاً ما يدعو للخشية من فوات أوان التفاهم المطروح حالياً على الطاولة قريباً، لأن الفجوة أكبر من أن تردم وانعدام الثقة بين الولايات المتحدة وإيران أعمق من أن يتم تخطيه".

وتخوّفت المجموعة من "خطر دخول الفرقاء في دوامة تفضي إلى مواجهة عسكرية إذا استُنفدت الجهود الدبلوماسية أو فشلت".

وتقول مصادر مقرّبة من الملف إن الأوضاع في أوكرانيا هي بالتأكيد عامل اضطراب، لكن "خطة العمل الشاملة المشتركة" التي شاركت روسيا والصين في إبرامها، لا تزال تخدم مصالح هذين البلدين.

ويشدد مركز صوفان للأبحاث على وجود رابط قوي بين إبرام "اتفاق (نووي) والسياق الحالي على صعيد الطاقة"، مشيراً إلى أن التوصل إلى تفاهم من شأنه أن يعيد النفط والغاز الإيرانيين إلى الأسواق الدولية.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات