الانتخابات العراقية.. حمى التنافس تتصاعد بين الطوائف والأحزاب

time reading iconدقائق القراءة - 12
الشرطة العراقية في مواجهة متظاهرين بالعاصمة بغداد خلال إحياء الذكرى الثانية لحراك أكتوبر - 1 أكتوبر 2021 - REUTERS
الشرطة العراقية في مواجهة متظاهرين بالعاصمة بغداد خلال إحياء الذكرى الثانية لحراك أكتوبر - 1 أكتوبر 2021 - REUTERS
بغداد -باسل حسين*

مع اقتراب موعد الانتخابات العراقية المبكرة المقررة في 10 أكتوبر الجاري، تتصاعد حُمّى التنافس بين التحالفات السياسية والأحزاب والأفراد المستقلين، في وقت يكثف المرشحون حملاتهم من أجل إقناع الناخبين بالتصويت لهم، وذلك بينما تحث الحكومة ومعها المفوضية العليا للانتخابات الخطى من أجل إجراء الاستحقاق التشريعي في موعده دون عوائق تخلّ بمصداقيته.

وينقسم المشهد الانتخابي في العراق إلى 6 مجموعات متنافسة، هي التحالفات والأحزاب الشيعية، ومثيلاتها السنّية والكردية والتركمانية، إلى جانب الأقليات والمرشحين المستقلين، في حين تراجعت الأحزاب التقليدية العابرة للهويات، وأبرزها "ائتلاف الوطنية" بزعامة إياد علاوي.

ويُمثل المرشحون 21 تحالفاً سياسياً و109 أحزاب، ويبلغ عددهم 3249 مرشحاً، منهم 959 قدمتهم التحالفات، فيما رشّحت الأحزاب التي دخلت منفردة 1501 مرشح، ووصل عدد المرشحين المستقلين إلى 789، أما من ناحية الجنس فيبلغ عدد الذكور 2298 مرشحاً، بينما يبلغ عدد الإناث 951 مع الالتزام بالنص الدستوري فيما يتعلق بـ"الكوتا" النسائية بحيث لا تقل عن 25%.

تدافع وانقسام سياسي شيعي

سعت التحالفات والأحزاب التقليدية الشيعية، طوال 18 عاماً الماضية، إلى الحفاظ على تصدرها للمشهد السياسي الشيعي في العراق، وذلك عبر هيمنتها على المقاعد البرلمانية في الدورات السابقة، في حين تسعى التحالفات والأحزاب الجديدة إلى إزاحتها أو على أقل تقدير منافستها على مقاعد "الطائفة".

وتتجسد التحالفات والأحزاب الشيعية التقليدية في "الكتلة الصدرية" بزعامة مقتدى الصدر، الذي قدم 95 مرشحاً، طامحاً أن يكون رئيس الوزراء القادم من تياره، ثم "ائتلاف الفتح" ولديه 73 مرشحاً، برئاسة هادي العامري المتحالف مع زعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، بينما يترأس عمار الحكيم تحالف "قوى الدولة الوطنية" ومعه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي ولديه 143 مرشحاً، أما ائتلاف "دولة القانون" برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نور المالكي فقدم 71 مرشحاً.

وفي محاولة إلى منافسة التحالفات والأحزاب التقليدية، ظهرت قوى شيعية جديدة، تتوزع على عدة اتجاهات، منها أسسها أو يرأسها منشقون عن الأحزاب التقليدية أو كانوا بمناصب تنفيذية في الحكومات السابقة، مثل الوزير الأسبق والنائب الحالي محمد الدراجي الذي يرأس حزب "المهنيون للإعمار" ولديه 25 مرشحاً.

ومن القوى الشيعية الجديدة أيضاً، حزب "المنقذون" الذي يتزعمه الوزير الأسبق محمد توفيق علاوي، ولديه 60 مرشحاً، وكذلك حزب "إنجاز" برئاسة الوزير باقر جبر صولاغ ولديه 28 مرشحاً، و"تجمّع الفاو زاخو" الذي يرأسه الوزير الأسبق عامر عبد الجبار وقدم 32 مرشحاً.

إضافة إلى ما سبق، دخلت الانتخابات أحزاب شيعية أخرى ذات أجنحة مسلحة، كانت ترفض سابقاً الدخول للعمل السياسي، كحركة "حقوق" التي يرأسها حسين مؤنس، أحد قيادات (كتائب حزب الله العراقي) الذي قدم 40 مرشحاً.

وتسعى التحالفات والقوى الشيعية المتنوعة أو المنقسمة إلى التنافس على مقاعد البرلمان القادم بعدد متوقع من 180 إلى 189 مقعداً.

السُّنة.. طموحات وهواجس

العرب السُّنة بدورهم يسعون أيضاً إلى إعادة هيكلة وجودهم في المشهد السياسي العراقي، وتجاوز مرحلة تنظيم داعش اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، ومحاولة التكيّف مع التغيرات الحاصلة في العراق والمنطقة.

لكن يبدو المشهد الانتخابي السُّني أقل تعقيداً من نظيره الشيعي، إذ ينقسم بين كتلتين رئيسيتين، هما "تحالف تقدم" بزعامة رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي والذي قدم 124 مرشحاً، و"تحالف عزم" برئاسة رجل الأعمال خميس الخنجر الذي قدم 124 مرشحاً أيضاً. وكلاهما يسعى إلى الحصول على غالبية المقاعد السنّية، في محاولة للظفر برئاسة البرلمان والزعامة السنّية السياسية في الوقت نفسه.

وتهدف قوى سنّية سياسية أخرى للفوز بأكثر عدد ممكن من المقاعد، ومنافسة كلا التحالفين الرئيسين "تقدم" و"عزم"، وأبرزها تحالف "للعراق متحدون" برئاسة رئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي الذي قدم 34 مرشحاً، و"الجماهير الوطنية" برئاسة النائب أحمد عبدالله الجبوري الذي قدم 32 مرشحاً، فيما قدم تحالف "جماهيرنا هويتنا" في محافظة صلاح الدين 12 مرشحاً.

وتسعى الأحزاب السنّية للتنافس على 69 إلى 75 مقعداً من أصل 329.

جهود كردية لزيادة التواجد

مقارنة بسابقيه، اتسم المشهد الانتخابي الكردي بالاستقرار النسبي خلال 18 عاماً ماضية، إذ هيمن الحزب الديمقراطي الكردستاني طوال عدة دورات على المقاعد البرلمانية في محافظتي أربيل ودهوك، بينما سيطر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني على مقاعد محافظتي السليمانية وكركوك، وذلك رغم المنافسة القوية من حزب "التغيير كوران" الذي انشق عنه بعد عام 2010، إلا أنه تراجع لاحقاً وضعف كثيراً بعد وفاة زعيمه نوشيروان مصطفى.

الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني، قرر الدخول في هذه الانتخابات منفرداً بعدد مرشحين يبلغ 51، بينما تحالفَ حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني مع حركة "كوران" تحت مسمى (تحالف كوردستان/ يماني كوردستان) وقدم 44 مرشحاً.

وتحاول أحزاب كردية أخرى المنافسة وتحقيق عدة اختراقات في دوائر انتخابية عدة، منها حزب "حراك الجيل الجديد" ولديه 23 مرشحاً، والحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني الذي قدم 20 مرشحاً، فيما هناك أحزاب صغيرة تحاول الحصول على مقاعد محدودة، مثل حزب "كادحي كردستان" الذي تبنّى 4 مرشحين أو جماعة العدل الكردستانية التي قدمت 5 مرشحين.

واستجابت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لطلب حزب الاتحاد بوضع قوباد طالباني محل لاهور جنكي في رئاسة (تحالف كوردستان/ يماني كوردستان)، وجاء ذلك بعد خلافات بين طرفي الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني (بافل الطالباني نجل الرئيس الراحل جلال الطالباني، ولاهور جنكي ابن عمه)، والتي قادت في النهاية الى إبعاد جنكي من الرئاسة المشتركة ومن مناصبه أيضاً.

ويرى مراقبون أن هذا الانقسام قد ينعكس سلبياً على نتائج الحزب في الانتخابات، وهو ما ينفيه المقربون من الحزب.

ومن المفارقات التي يحتويها المشهد الانتخابي الكردي، ترشيح الحزب الديمقراطي لاثنين، أحدهما في الأنبار والآخر في كربلاء، على الرغم من خلو المحافظتين من الوجود الكردي، وفي المقابل رشّح أحد الأحزاب الشبابية الجديدة هو "قادمون"، 5 مرشحين في أربيل ومثلهم وفي السليمانية.

وتسعى الأحزاب الكردية إلى المحافظة على عدد مقاعدها في مجلس النواب العراقي القادم (لديها حالياً 58 مقعداً) أو زيادتها، حيث هناك إمكانية للتنافس على عدد من المقاعد ما بين 58 إلى 63.

وبغض النظر عن عدد المقاعد صعوداً أو هبوطاً، فإن الأكراد لعبوا دوراً يُعد بمثابة "بيضة القبان" التي ترجح كفة على أخرى، لاسيما في تشكيل الحكومة، ومع الانقسام السياسي داخل القوى الشيعية والسنّية، فان هذا الدور من المتوقع أن يبقى قائماً وفاعلاً.

الحراك الشبابي وجدل المشاركة

لم تستطع القوى الشبابية التي تُمثّل حراك أكتوبر الاتفاق على موقف مُوحّد من الانتخابات، ففي حين قرر فريق المقاطعة نتيجة عدم الثقة بقدرة الاستحقاق التشريعي على إحداث التغيير المنشود، ذهب فريق آخر إلى ضرورة المشاركة بوصفها ساحة مواجهة جديدة بالإمكان التعويل عليها لمواصلة مسيرة الحراك بصيغة تكاملية.

وأكدت بعض الأحزاب الشبابية أنها لا تدّعي تمثيل حراك أكتوبر، على الرغم من أنها تعتبر نفسها جزءاً منه. ومن هذه الأحزاب "قادمون" الذي يُقدم نفسه على أنه عابر للهويات وذو هوية وطنية، برئاسة حسين الرماحي الذي قدم مرشحوه في 17 محافظة عدا دهوك، وبأعلى عدد مرشحين من التحالفات والأحزاب 183 مرشحاً، وكذلك حزب "نازل آخذ حقي" الديمقراطي، برئاسة مشرق الفريجي ولديه 19 مرشحاً، وحركة "امتداد" برئاسة علاء الركابي ولديها 38 مرشحاً.

مرشحون مستقلون ولكن..

يبلغ عدد المرشحين المستقلين المشاركين في الانتخابات العراقية 789 مرشحاً، يتوزعون في جميع الدوائر الانتخابية، ومن المتوقع أن يُشكلوا رقماً مهماً في مجلس النواب القادم، حيث يُعدون منافسين جديين للقوى الشيعية أو السنّية أو الكردية.

وقد شجع النظام الانتخابي رقم 9 لسنة 2020، بتبنّيه نظام الترشيح الفردي، وقرار المفوضية بتقليل مبلغ رسوم الترشيح من 25 مليون دينار عراقي إلى 2.5 مليون دينار عراقي، على ترشح المستقلين بهذا العدد الكبير نسبياً 24% من عدد المرشحين الكلي.

ويرى مراقبون للشأن الانتخابي العراقي أن بعض المستقلين ليسوا مستقلين تماماً، إنما هم امتداد لأحزاب وتحالفات استخدمت هذه الطريقة كنوع من التكتيك الحزبي لغرض الحصول على مقاعد إضافية.

التركمان وصراع الوجود

باعتبارهم أحد المكونات الرئيسة للمجتمع، ولعبوا أدواراً مهمة في تاريخ العراق، يرى التركمان أنهم غائبون عن القرار الرسمي للبلاد، ولذلك يسعون من خلال الانتخابات المرتقبة، لتعزيز حضورهم السياسي.

وينقسم التركمان إلى 3 تيارات، الأول اندمج مع الأحزاب الشيعية أو السنّية أو الكردية أو العابرة للهوية، وتيار يعمل ضمن أحزاب تُمثل القومية التركمانية، وقوى قدمت مرشحيها كأفراد مستقلين.

وتُعد أحزاب الجبهة التركمانية العراقية (10 مرشحين)، وجبهة تركمان العراق الموحد (9 مرشحين)، والميدان التركماني العراقي (4 مرشحين)، أهم الأحزاب التي تُمثل المكون التركماني، فضلاً عن أحزاب أخرى صغيرة مثل الإرادة التركمانية (مرشح واحد)، وحزب الوفاء التركماني (مرشح واحد).

وتسعى الأحزاب التركمانية للحصول على (6 إلى 10) مقاعد في البرلمان العراقي القادم.

الأقليات ومحنة البقاء

منح القانون الانتخابي في العراق حصّة خاصة بالأقليات يُطلق عليها "كوتا"، وذلك من أجل ضمان وجود تمثيل خاص بها في مجلس النواب، إذ مع تزايد هجرة الأقليات من العراق بعد عام 2003، فإن وضع "كوتا" لهم بالنسبة للسلطة السياسية في البلاد، يُشكل جزءاً من محاولة إعادة التمكين السياسي والحث على البقاء في وطنهم.

ومنح القانون الانتخابي الجديد 5 مقاعد للمسيحيين في البرلمان، على أن يكون العراق دائرة انتخابية واحدة، حيث يبلغ عدد مرشحيهم 34 من التحالفات والأحزاب والمستقلين، فيما تم منح الإيزيديين مقعداً واحداً في نينوى تكون فيها المحافظة دائرة واحدة ويبلغ عدد مرشحيهم 7.

أما أقلية الشبك فقد مُنحت مقعداً واحداً في نينوى تكون فيها المحافظة دائرة واحدة أيضاً، ويبلغ عدد مرشحيها 8، وكذلك مُنح الصابئة المندائيون مقعداً واحداً في بغداد على أن يكون العراق دائرة واحدة، ويبلغ عدد مرشحيهم 8، وعلى غرارهم أعطي الأكراد الفيليين مقعداً واحداً في واسط تكون فيها المحافظة دائرة انتخابية واحدة، ويبلغ عدد مرشحيهم 10.

* باسل حسين - رئيس مركز "كلواذا" للدراسات وقياس الرأي العام العراقي

اقرأ أيضاً: