نقص الأمطار يهدد المغرب العربي بالجفاف

time reading iconدقائق القراءة - 6
 أرض يابسة في منطقة شرق وسط تونس بالقيروان بسبب الجفاف - 20 أكتوبر 2021. - AFP
أرض يابسة في منطقة شرق وسط تونس بالقيروان بسبب الجفاف - 20 أكتوبر 2021. - AFP
سيدي سالم- تونسأ ف ب

تسبب التغير المناخي في منطقة المغرب العربي في حدوث تداعيات خطرة أبرزها تزايد عدد السدود التي نضب منها الماء، وجفاف أشجار الزيتون لدرجة تهدد بحرمان مئات المزارعين من مصدر رزقهم.

في تونس تراجع مستوى المياه في سد سيدي سالم الذي يمد نحو 3 ملايين تونسي بالماء، من أصل 12 مليون نسمة يمثلون العدد الإجمالي للسكان، 15 متراً من أعلى مستوى تعبئة سُجل خريف عام 2018 حين شهدت البلاد أمطاراً تسببت في سيول جارفة.

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مهندس لم تذكر طبيعة عمله، يدعى الشريف القاسمي، قوله إنه بعد عشرات السنوات "من التغير المناخي الرهيب وصلنا إلى وضعية حرجة".

وأضاف: "لم تكن هناك أمطار نافعة منذ عام 2018، وما زلنا نستعمل مياه السد المخزنة منذ ذلك التاريخ".

وتابع القاسمي: "في أغسطس الماضي، حينما شهدت البلاد موجة قيظ بلغت فيها الحرارة درجات قياسية وصلت إلى 48 درجة، خسر السد 200 ألف متر مكعب في اليوم بفعل التبخر".

تبخر المياه

تراجعت تعبئة السد الواقع في الشمال الغربي للبلاد إلى 17% من طاقته الإجمالية، وهو مستوى تاريخي، بينما بقيت السدود في أرجاء البلاد عند مستوى 31%، بحسب "فرانس برس".

ويصنف معهد الموارد العالمي كلاً من المغرب وتونس وليبيا والجزائر من بين 30 دولة هي الأكثر تعرضاً لشح المياه على كوكب الأرض.

وتواترت في السنوات الأخيرة مواسم الجفاف وطالت فتراتها وكانت أشد وطأة على العديد من المزارعين على غرار علي الفيلالي (54 عاماً) الذي يستغل 22 هكتاراً بالقرب من محافظة القيروان وسط البلاد، والتي كان مناخها شبه الرطب يسمح بإنتاج أصناف الخضراوات والحبوب على مساحات شاسعة.

وقال الفيلالي: "عندما بدأتُ الزراعة مع أبي كانت الأمطار موجودة كما كنا نحفر الآبار لنجد الماء، ولكن منذ 10 سنوات تنزل طبقة المياه الجوفية إلى 3 أو 4 أمتار إضافية كل سنة".

الأمطار أو الرحيل

الفيلالي أضاف، وهو يشير إلى أرضه الزراعية الممتدة والمغروسة بنحو 1000 شجرة زيتون، أنه فقد نصفها خلال 10 سنوات، موضحاً أنه مع اقتراب موسم الجني تطرح غالبية الأشجار ثماراً ذابلة، وقد أخّر الجفاف عمليات زرع حبوب القمح في الأرض.

وتبعاً لذلك، فإن عمليات الجني المحدودة للثمار تعني مباشرة تحمّل المزارعين مزيداً من الديون وفرص عمل أقل للعمال.

وارتفعت نسبة البطالة في تونس بسبب جائحة كورونا إلى 18%، ما دفع العديد من الأشخاص إلى الهجرة ومغادرة البلاد بمن فيهم المزارعون ومربو المواشي في كل مناطق البلاد.

وقال أستاذ الجغرافيا في المعهد الأميركي بأوريجون، أيرون وولف: "تجف المياه الجوفية في شمال إفريقيا بسبب نقص الأمطار والسَحب المفرط للماء".

وعرّج وولف في حديثه على مثال النهر الصناعي في ليبيا الذي يستنزف "المياه الجوفية" في الصحراء لينقلها إلى المدن الساحلية.

ومكنت الأمطار القوية الأخيرة في الجزائر من إعادة تعبئة السدود إلى مستوى 32.6%، لكن المخزونات تبقى على الرغم من ذلك ضعيفة، فهي في منطقة الوسط 9% والغرب 18%.

وكشفت الحرائق التي اندلعت في أغسطس الماضي عن الإجهاد المائي الذي يعاني منه بلد مجبر على استخدام مياه الشرب للري والصناعة بسبب ضعف إعادة المعالجة الكافية للمياه المستعملة.

تناقص مياه السدود

في المغرب قال وزير الفلاحة محمد صديقي، إن بلاده سجلت انخفاضاً بنسبة 84% في تساقط الأمطار منذ مطلع العام الجاري، مقارنة بالعام الماضي، إذ بلغت نسبة امتلاء السدود في البلاد نهاية أكتوبر الماضي 36%.

وبتقدير وولف، فإن تداعيات الجفاف تتجاوز المجال الزراعي لتصبح "محركاً لغياب الاستقرار السياسي، فينزح الريفيون إلى المدن حيث لا توجد مساعدات، ما يثير احتجاجات".

وتوقع مدير عام مكتب التخطيط والتوازنات المالية بوزارة الفلاحة التونسية حمادي الحبيب، أن يشهد عام 2050 وجود مياه "أقل بكثير" نتيجة نقص الأمطار وارتفاع عدد السكان في المقابل.

وأضاف أنه على قناعة بأن الدولة ستنجح في عملية التأقلم مع هذه الظروف عبر اللجوء إلى أصناف جديدة من المحاصيل.

في المقابل يخشى الفيلالي أن تصل مثل هذه الحلول متأخرة جداً، ويقول إنه يفكر في مغادرة محافظة القيروان "نحو العاصمة أو إلى أي منطقة أخرى...إن لم يكن هناك أمطار فلن يكون هناك ماء، فلمَ البقاء هنا؟".

اقرأ أيضاً: