في دراسة استقصائية تُعد الأولى من نوعها حتى الآن، وجد العلماء أن الرجال أكثر عُرضة للمعاناة من الأعراض الشديدة للإصابة بفيروس "كورونا" المُستجد، وأكثر احتمالية للموت إثر تعرضهم لتلك العدوى.
تسبب تفشي وباء "كورونا" المُستجد في جميع أنحاء العالم في حيرة العلماء الذين لا يفهمون بشكل كامل سبب تأثر بعض الأشخاص بالفيروس أكثر من غيرهم. حتى الآن، يبدو أن كبار السن وأولئك الذين يُعانون من ظروف مرضية معينة معرضون لخطر أشد.
فحصت الدراسة المنشورة في دورية "فرونتير" الاختلافات في نمط الإصابة بين الجنسين، وجدت الدراسة أن الرجال والنساء من المحتمل أن يصابوا بالفيروس بشكل متساوٍ، لكن الرجال أكثر عرضة للمعاناة من الآثار الشديدة للمرض والموت. وتشير النتائج إلى أنه قد تكون هناك حاجة إلى رعاية إضافية لكبار السن من الرجال أو أولئك الذين يعانون من حالات مرضية كامنة.
في حين أن معظم الأشخاص الذين يصابون بعدوى "كورونا" المٌستجد يعانون من أعراض خفيفة، فإن تحديد العوامل التي تجعل الأشخاص عرضة لأعراض شديدة أو هؤلاء الذين تسبب الإصابة في وفاتهم يُمكن أن يساعد المجتمع العلمي على حماية ومعالجة الأشخاص الأكثر عرضة للخطر.
حتى الآن، يؤكد الباحثون أن المصابين الأكبر سناً والذين يعانون من أمراض القلب أو الخلل في الجهاز التنفسي هم أكثر عرضة للوفاة. ومع ذلك، لاحظ الطبيب "جين كوي يانغ" وجود أتجاه يبدو أعلى في الوفاة بين الرجال مقارنة بالنساء.
ويقول "يانغ" في تصريحات نقلها بيان صحفي تلقت "الشرق" نسخة منه إنه لاحظ أن عدد الرجال الذين توفوا في المستشفى أكبر بمقدار يزيد عن الضعف من عدد النساء.
أثارت تلك الملاحظة تساؤلًا: فهل الرجال بشكل عام أكثر عرضة من النساء بالإصابة أو الوفاة جراء العدوى الفيروسية؟
بدأ "يانغ" وزملاؤه في إجراء تحقيق لقياس الفروق بين الجنسين للإجابة على ذلك التساؤل.
قام الباحثون في تلك الدراسة بتحليل العديد من بيانات المرضى لمعرفة ما إذا كانت هناك اختلافات في كيفية استجابة الرجال والنساء للإجراءات الصحية والعلاجات المُخففة لأثار الإصابة بالفيروس. وشمل ذلك التحقيق أكثر من 1100 مريض.
يُشبه الفيروس المسؤول عن التفشي الحالي الفيروس الذي يقف وراء فاشية "السارس" التي اندلعت عام 2003. كما يرتبط كلاهما بنفس النوع من البروتين. بالنظر إلى ذلك التشابه، حلل الأطباء أيضًا مجموعة بيانات مستقاة من 542 مريضًا بالسارس.
وفي كلا الحالتين، وجد الباحثون أن كبار السن يُعانون أكثر من الإصابة الفيروسية. إلا أن مفاجأة كانت في انتظارهم.
فأكثر من 70٪ من المرضى المتوفين جراء الإصابة كانوا من الرجال، مما يعنى أن الذكور لديهم ما يقرب من 2.5 مرة من معدل وفيات النساء.
ويقول "يانغ" إنه من المثير للاهتمام "أن كونك من الذكور كان عامل خطر كبير لتدهور حالتك بسبب الإصابة، بغض النظر عن العمر".
وترى نتائج تلك الدراسة أن زيادة عدد المتوفين بين الرجال يرجع إلى زيادة مستوى البروتين المتورط في الارتباط بكلاً من "كورونا" المٌستجد وسارس في الدم.
ولا يزال هناك حاجة ماسة لإجراء المزيد من الدراسات لتأكيد النتائج، إذ أن حجم العينة في تلك الدراسة يُعد صغيرًا للغاية مُقارنة بعدد الإصابات حول العالم.
إلا أن تلك الورقة البحثية تُعد إشارة أولية إلى أن اختلاف الجنس عامل خطر كبير لتدهور الحالة والوفاة.
ويوصي "يانغ" بتقديم رعاية داعمة إضافية للذكور، خاصة كبار السن منهم، مع توفير وصول أسرع لغرف العناية المركزة وأجهزة التنفس الاصطناعي لهم.