الثمن الحقيقي لخفض إنتاج النفط السعودي المفاجئ

time reading iconدقائق القراءة - 7
وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان - AFP
وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان - AFP
دبي-الشرق

قسط التأمين السعودي البالغ 3 مليارات دولار للوقاية من انخفاض أسعار النفط، سينتهي به الأمر إلى أن يصبح أصغر بكثير مما يبدو للوهلة الأولى، حتى لو تبين أن الطلب أقوى مما تخشى المملكة.

وقد انهار اجتماع "أوبك بلس" لمنتجي النفط هذا الأسبوع، في حالة من الفوضى مساء الاثنين، بسبب ضغط روسيا من أجل زيادة الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يومياً في فبراير، بينما أراد معظم الأعضاء ترك حجم الإنتاج دون تغيير، بسبب استمرار فيروس كورونا في تعكير صفو الاقتصادات العالمية، ولا يزال تعافي الطلب هشاً.

وبدت السعودية قلقة بشكل خاص في الاجتماع، وفي كلمته الافتتاحية، حذر وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، مراراً وتكراراً من إهدار المكاسب التي حققتها المجموعة بشق الأنفس، العام الماضي، من أجل "فائدة فورية، ولكن وهمية"، وذهب إلى حد اقتراح أنه كان من الضروري عكس زيادة الإنتاج التي دخلت حيز التنفيذ للتو.

ومع ذلك، في النهاية، تم التخلي عن المسؤولية الجماعية التي طالب بها السعوديون سابقاً، وحصل الجميع على ما يطلبونه، وستبقى أهداف الإنتاج لمعظم البلدان دون تغيير في فبراير ومارس، ويمكن لروسيا وكازاخستان المضي قدماً في الزيادات التي ترغبان بها، وإن كانت موزعة على شهرين، وستنفذ المملكة العربية السعودية خفضها، وبعد ذلك بعض الدول.

وكان وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، مبتهجاً للغاية بشكل واضح عندما كشف عن أن المملكة ستخفض إنتاجها بمقدار مليون برميل يومياً أو ما يعادل 12% إلى 8.12 مليون برميل يومياً في فبراير ومارس، وبدا سعيداً لنجاحه في الحفاظ على سرية القرار، ليس فقط من الصحافة ولكن بشكل لا يصدق من جميع الوزراء الآخرين أيضاً.

ويبدو أن نائب رئيس الوزراء الروسي لشؤون الطاقة، ألكسندر نوفاك، كان المسؤول الوحيد الموثوق به بدرجة كافية لإبلاغه بالقرار مقدماً، وهو الذي كان قد حذر الأمير من قرار خفض الإنتاج.

وبعد كل شيء، من شأن مثل هذه الخطوة أن ترفع الأسعار وتكون بمثابة شريان حياة لمنافسي مجموعة المنتجين.

وتخشى روسيا من خسارة حصتها في السوق لصالح منتجين آخرين خارج تحالف "أوبك بلس"، مثل شركات قطاع النفط الصخري الأمريكي، التي رفضت الانضمام إلى نهج خفض الإنتاج، لكنها اضطرت إلى خفض الإنتاج لمواجهة انهيار الأسعار.

ومن الواضح أن السعودية تشعر بالقلق للغاية بشأن التأثير المحتمل على أسعار النفط من حدوث انهيار آخر للأسعار، بسبب الموجة الحالية من الإغلاق في البلدان المستهلكة للنفط.

وهكذا، بدلاً من محاولة إخضاع الجميع لقرارها كما حدث في الماضي، أدارت المملكة ظهرها لتحالف "أوبك بلس" وقررت المضي قدماً بمفردها، وهو قرار جاء من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

تكلفة خفض المملكة لإنتاج النفط

التخلي عن إنتاج مليون برميل يومياً لمدة 59 يوماً في فبراير ومارس، سيكلف 3 مليارات دولار في ظل سعر خام يبلغ 51 دولاراً للبرميل، وهو السعر السائد قبل إعلان وزير الطاقة السعودي، عن الخفض الطوعي للإنتاج.

ومع ذلك، هناك عدة عوامل تقلل من التكلفة التي قد تتحملها السعودية جراء خفضها الإنتاج النفطي.

أولاً، هناك وفورات في تكاليف الإنتاج، وربطت شركة "أرامكو" السعودية تكلفة الإنتاج عند 2.80 دولاراً للبرميل في نشرة الإصدار لبيع أسهمها في الطرح العام الأولي عام 2019.

وإذا رفعنا تكلفة الإنتاج إلى 3 دولارات للبرميل، لحساب التضخم، فستوفر المملكة 177 مليون دولار على مدى فبراير ومارس، مع خفض الإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً.

وبعد ذلك، هناك تأثير الاستهلاك المحلي، ومن المأمول أن يكون الربع الأول بمثابة نقطة منخفض، مع هبوط الاستهلاك عادة بحوالي 140 ألف برميل يومياً عن الربع السابق له، لذلك فبينما سينخفض الإنتاج ​​بمليون برميل يومياً، فقد تنخفض الصادرات بمقدار 860 ألف برميل فقط.

 

ويتوافر أيضاً أكبر مصدر للتوفير، والمقصود بذلك، تقليص فاتورة خفض الإنتاج، وهو تأثير خفض الإنتاج على أسعار النفط نفسها.

وأدى إعلان المملكة عن الخفض الطوعي لإنتاج النفط، فوراً إلى ارتفاع سعر خام برنت إلى ما يقرب من 54 دولاراً للبرميل، كما ارتفعت أسعار النفط في العقود الآجلة، مع ارتفاع السعر في الأشهر الأقرب بما يقل قليلاً عن 3 دولارات للبرميل منذ الاثنين.

ولا يكفي هذا الارتفاع حتى الآن لتعويض التأثير على الإيرادات من الأحجام المنخفضة، ولكنه خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح.

حقائق بالأرقام

بين أغسطس وأكتوبر 2020، وهو الشهر الأخير الذي تتوفر عنه بيانات رسمية من خلال "مبادرة بيانات المنظمات المشتركة"، صدرت المملكة العربية السعودية 7.17 مليون برميل يومياً من المنتجات الخام والمكررة، وبذلك تبلغ القيمة نحو 21.6 مليار دولار على مدار 59 يوماً بسعر 51 دولاراً للبرميل، ويؤدي خفض الإنتاج إلى خفض تدفق الصادرات النفطية السعودية إلى 6.29 مليون برميل يومياً، بقيمة 18.9 مليار دولار عند 51 دولاراً للبرميل، أو 20 مليار دولار عند 54 دولاراً للبرميل.

وسيؤدي ارتفاع أسعار النفط والوفورات الأخرى إلى تراجع تكلفة خفض الإنتاج السعودي بأكثر من نصف المليارات الثلاثة المقدرة بشكل عام.

وهذا يقلل تكلفة خفض إنتاج السعودية للنفط بمقدار مليون برميل يومياً خلال فبراير ومارس، من 3 مليارات دولار إلى 1.47 مليار دولار فقط.

وبفضل الوفورات في تكاليف الإنتاج قد تنخفض التكلفة إلى 1.29 مليار دولار، وكل دولار إضافي على متوسط ​​سعر النفط خلال فبراير ومارس، سيوفر للمملكة 372 مليون دولار أخرى.

وقد لا يكون تحوط المملكة من انخفاض آخر في الطلب من دون تكلفة، ولكن أرخص بكثير مما يوحي به السعر الأولي وثمن ضئيل مقابل نيل بعض راحة البال.

 *هذا المحتوى من اقتصاد الشرق بالتعاون مع بلومبرغ.