يُشارك المُمثل السوري عابد فهد، في الموسم الدرامي لشهر رمضان الجاري، من خلال مسلسل "350 غرام"، إذ يُقدم دور المحامي "نوح الريّس" وهي شخصية مركبة ومعقدة يحاكي فيها الخير، والشر، والطيبة، والعقد النفسية واختراق القوانين.
ويرى فهد أنّ المسلسل يضم مُمثلين يمتلكون أدواتهم، ما يُسهم في خلق حالة تنافسية تُشبه اللعبة، قائلاً إنّ: "المشروع به ممثلين جديرين مثل سلوم حداد، الذي أعتبره أستاذاً، لذلم أصبحت اللعبة ممتعة وتحلو المنافسة، فعندما يمتلك المُمثل أدواته ويمتلك الشخصية يلعب بها كما يشتهي".
وتدور أحداث المسلسل، حول انقلاب حياة "نوح الريس" المحامي العُقر المتلاعب بالقانون، رأساً على عقب بعد تعرضة لوعكة صحية، أدت إلى نقل قلب من إحدى المتبرعين له، لتتصاعد الأحداث.
"350 غرام"، من بطولة عابد فهد، وسلوم حداد، وكارين رزق الله، وغريس قبيلي، ومصطفى سعد الدين، وهو من تأليف ناديا الأحمر وإخراج محمد لطفي.
700 مشهد
وأكد عابد فهد، في بداية حديثه لـ"الشرق"، أنّ شخصية "نوح الريس"، تطلبت منه جهوداً ضخمة تعرض خلالها لمتاعب ذهنية، قائلاً إنّ: "الشخصية طويلة جداً، وأديت حوالى 700 مشهد، وأتذكر أني بدّلت ملابسي أكثر من 900 مرّة من مشهد إلى مشهد لكوننا نعمل بمبدأ الراكورات".
واستعرض المُمثل السوري، طقوسه الخاصة خلال التحضير للشخصية التي يُجسدها، قائلاً: "منذ القراءة الأولى للنص، تتكون لديّ رؤية وملامح الدور، فأنظر إليه من بعيد بعين ثالثة إلى أن يقترب ويصبح جزءًا أساسياً من لحم ودم، حتى يتكون للشخصية شكلها ووجهها ولونها وصوتها وكيف تتحرك وماذا تلمس".
وأوضح أنه يعتبر شخصية نوح الريس "شخصيتان منفصلتان، إحداهما ما قبل العملية الجراحية، وثانية ما بعد العملية، فسلوك نوح وأسلوبه ورؤيته للحياة ونظريته بالقانون كلها تختلف عن تعاطيه مع القضايا والموكلين والقوانين".
وأشار إلى حرصه الدائم على اليقظة داخل البلاتوه، وأن يتمتع بطاقة كبيرة، قائلاً: "الرغبة والشغف يمداني بالطاقة، كما أخاف دوماً من وقوع الشخصية في مطب معيّن على اعتبار أن هناك مفاجآت في كل المسلسلات".
وبعتبر فهد، أن تصوير "350 غرام" في ظلّ وباء كورونا كان بحدّ ذاته مغامرة، موجهاً الشكر للقائمين على العمل، لحصرهم على خروج المسلسل بشكلٍ متميز، وكذلك دولة الإمارات للتسهيلات المغرية التي قدمتها خلال التصوير في ظل الظروف الصحية.
مساحة الدور
وصرح المُمثل السوري، أنّ فكرة البطل الأوحد لا تهمّه إطلاقاً، ولا يبحث عن المساحة "بالعكس أتمنى أن يكون تأثير الدور سريعاً ومكثفاً"، موضحاً أنّ "البطل الأوحد يحتاج إلى سيناريو وإنتاج ضخم وإخراج وديكورات وغيرها ليكتمل العمل، وإن لم تتأمن كل هذه الشروط يحتاج الممثل الأوحد إلى أبطال جديرين بالوقوف معه وجديرين أن أقف أنا معهم بكل احترام، لأن هكذا يصنع العمل الجماعي مع ممثلين كبار يُشاركونه الخبرة والإتقان".
وتابع: "أعمال البطل الأوحد تحتاج إلى رؤية أخرى، فهناك مثلاً سيناريوهات تحكي سيرة شخص معين، ولكن هذا الشخص لم يعش وحده، لم يكن بطلاً وحده، هناك من يشاركه البطولة والرأي والموقف، وهناك من يعارضه".
البحث عن التجديد
ووصف تجديد تعاونه مع الكاتبة ناديا الأحمر والمخرج محمد لطفي، في مسلسل "350 غرام"، بعد تجربتهم السابقة "هوس" بقوله: "التجربة الأولى كانت ناجحة، لكن ليست بالضرورة أن تتكرر، دائماً أبحث عن التجديد، فالعمل مع هذا الفريق بشكل دائم سيحمل تشابهاً وأنا أفضل ألا تتشابه الأعمال المتوالية".
وحول مدى مرونته والتزامه بتعليمات المخرج، أفاد: "ألتزم بما يديره المخرج، لكنني مشاغب جداً، فربما أكون مرناً إلى حد ما، في حال كنت مقتنعاً بما يدور من حولي، الأهم ألا يكون هناك إساءة للعمل، والقائمين عليه يفهمون ما يفعلون من دون مفاجآت، لأنها تزعجني، وعدم احترام المشروع وتقديم كل ما يلزم له قد يحوّلني إلى عدو لهذا الإنسان الذي لا يحترم هذا الجهد".
وعن أداء كارين رزق الله مقارنة بالنجمات اللبنانيات اللواتي شاركنه البطولة من قبل قال: "يتّسم دور كارين بالهدوء والحكمة ويتصاعد لاحقاً مع تصاعد الأحداث، واختيرت هي تحديداً للدور لأن شخصيتها وملامحها تناسب الشخصية وهي نقيض الشيطان نوح".
واعتبر عابد أنّ "لعبة الموت" كانت من أفضل التجارب التلفزيونية، إذ أن "سيرين عبد النور، كانت شريكة حقيقية، فهي تحب الشراكة وتتعاطى بها بحرفية".
وعن تجربة إبنه "تيّم" الذي يشارك في المسلسل، قال إنّ: "ابني موهوب جداً، له إيقاعه ورؤيته ونظريته، أعتقد أنه يتفوق علىّ وهذا ما يسعدني، ولكن لا أعرف إن كان عليّ تشجيعه كونني أخاف أن أورّطه لأن هذا المجال متعب ومرهق ويثير الجنون.. أنا أدرس الموضوع بهدوء لنرى أين يمكن أن تصل الأمور".
ياسر العظمة
وأرجع عابد فهد، إصراره على الظهور في عمل واحد في الموسم الرمضاني، أو بأعمال قليلة سنوياً، إلى أن "تشتيت المُشاهد بكذا عمل خطأ، وهو يؤذي مسار التسويق وشركات الإنتاج"، رافضاً أن يكون هذا التوجّه متعلقاً بالأجر الذي يتقاضاه.
وأشار إلى تجديد تعاونه مع المنتج والممثل ياسر العظمة، في مسلسل "السنونو"، والذي خرج من السباق الدرامي في اللحظات الأخيرة، قائلاً: "لا أتردد في العودة للتعاون معه، لأن العمل معه متعة وفن وخبرة، وتتّقد اللحظات مع بعضها البعض، القديمة مع الحديثة مع الجديدة، هناك دفء ما في كواليس.. هذا الرجل الكبير الذي لا يقدّر بثمن بمضمونه الثقافي وانتمائه وحبه لسوريا ولدمشق".
الدراما السورية
ويرى عابد فهد، أن الدراما السورية لا تنفصل عما يجري في بلاده، واصفاً إياها بالدراما الحقيقية الواقعية وغير المتوقعة..
ويعتبر أن "انتشار النجوم السوريين في العالم العربي، يصنع الدراما السورية الثابتة والتي ستعود بشكل أو بآخر، فهناك مخرجين شباب جدد، وهناك أعمال سورية هذا العام مثل (حارة القبة، وسوق الحرير والصدمة)".
وقال إنّ "هناك أعمالًا لسلاف معمار، وكاريس بشار، وعباس النوري، ومنى واصف، وشكران مرتجى وسامية الجزائري، فهذه الأعمال الآن حاضرة على كل الفضائيات وتؤكد أن الدراما السورية لم تغب، الصناعة الوحيدة التي لم تتأثر بالحرب هي الدراما السورية".
دراما التشويق
وعن رأيه في موجة المسلسلات العربية الرائجة حالياً والمعتمدة على التشويق والحكايات البوليسية، قال: "هي أعمال مشروعة تستهوي الناس، ولكنها سقطت أو ربما تسقط في نهايتها، لأنها تقع في مطب التكرار عموماً، ولا أقصد أي اسم أو مسلسل".
وأردف: "على سبيل المثال نجد في مسلسل "قيد مجهول" بطولة عبدالمنعم عمايري وباسيل خياط، عملاً بعيداً من المافيا والبوليسي، لكن التشويق فيه يكمن في الحكاية وفي الدراما النفسية المركبة للشخصية.. التشويق هنا جعلني أتابع 8 حلقات في يوم واحد".
الاتجاه للكوميديا
وأكد عابد فهد، إنه يبحث عن الكوميديا في أعماله الجديدة، وذلك بعدما اتّسمت أدواره بالصراعات واقترنت بالشخصية القوية، لعل أبرزها في "الساحر" و"طريق".
وقال: "دائماً أبحث عن الكوميديا، وأعتقد أن أي مشروع يمكن أن يتحول كوميدياً، إن كان درامياً أو تراجيدياً، وأنا أبحث وأفتش عن هذا الدور وسنرى".
واستعاد الفنان السوري ذكرياته في كواليس مسلسل "350 غرام"، بقوله: "كنا دائماً في حالة كوميدية وكنا نضحك طوال الوقت، وشخصية نوح الريس كان من الممكن أن تتحول إلى مهرج حقيقي أو لاعب سيرك لو كان هناك وقتاً كافياً".
المنصات الرقمية
ويرى فهد، أن منصات البثّ الرقمي بدأت تلغي دور الدراما على التلفزيون، ولكنها لا تستطيع إلغاء دور التلفزيون خصوصاً لناحية البرامج المباشرة وتغطية الحدث مثل مباريات كرة القدم، الأخبار، محطات التلفزيون الإخبارية، البرامج الحوارية والمنوعات، فالمنصات تقتصر فقط على الدراما المسجّلة".
وأشار إلى تجربته الدرامية السابقة "هوس"، والتي عرضت على إحدى المنصات الرقمية، قائلاً "يجب أن يُعرض على الفضائيات التلفزيونية ويكون له ترويج جيد، فالمنصات الرقمية أحياناً لا تخدم الأعمال وخاصة الجديدة منها".
ووصف تجربة "هوس" بأنها ممتعة "لما في العمل من جهد وصورة وإخراج جيدين"، متمنّياً أن يحظى المسلسل بجماهيرية واسعة فور عرضه على شاشات التلفزيون.
اقرأ أيضاً: