الخارجية الإثيوبية لـ"الشرق": مفاوضات سد النهضة لم تصل إلى طريق مسدود

time reading iconدقائق القراءة - 7
الناطق باسم الخارجية الإثيوبية دينا مُفتي - الشرق
الناطق باسم الخارجية الإثيوبية دينا مُفتي - الشرق
أديس أبابا/ القاهرة - الشرق

اعتبر الناطق الرسمي باسم الخارجية الإثيوبية دينا مُفتي، أن المفاوضات الجارية بين بلاده ومصر والسودان بشأن سد النهضة "لم تصل إلى طريق مسدود"، لكنه شدد على أن بلاده غير مستعدة في الوقت الحالي للتوقيع على اتفاق مُلزم بقواعد استغلال مياه نهر النيل وتقسيمها.

وجاءت تصريحات مفتي في مقابلة أجراها مع "الشرق"، في وقت توقفت الاثنين الماضي المفاوضات الثلاثية، التي يرعاها الاتحاد الإفريقي، بطلب سوداني حظي بتأييد من مصر.

إثيوبيا: لا اتفاق خارج ملء السد

وأوضح الدبلوماسي الإثيوبي، أن أديس أبابا تصر على "اتفاق بشأن تعبئة سد النهضة" فقط، في وقت تطالب فيه القاهرة والخرطوم باتفاق ملزم وشامل بشأن ملء السد وتقسيم المياه وآليات فض النزاعات المستقبلية.

ويعد هذا الخلاف السبب الرئيسي الذي توقفت بفعله المفاوضات الجارية، إذ قالت السودان في بيان الاثنين الماضي، إنها طلبت تأجيل جولة المحادثات إثر "التطورات التي شهدتها المفاوضات أخيراً في ما يتعلق بتغيير أجندة التفاوض عما كان متوافقاً عليه طوال السنوات الماضية"، في إشارة إلى مقترح اتفاق إثيوبي "غير شامل".

وأكد الناطق باسم وزارة الري المصرية محمد السباعي هذا الموقف، إذ قال في بيان إن "مصر اشترطت استئناف المفاوضات بالاعتماد على مخرجات القمة الإفريقية المصغرة الشهر الماضي، والتي قضت بالتفاوض بشأن اتفاق ملزم وشامل بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة"، في وقت قدمت فيه إثيوبيا اقتراحاً اعتبرته مصر "مجرد إرشادات وقواعد بشأن ملء سد النهضة".

وبرر مُفتي رفض بلاده للتوقيع على اتفاق شامل، قائلاً لـ"الشرق"، إن "إثيوبيا لن تكون في وضع يسمح لها بالتوقيع على اتفاق ملزم يحرمها من أي استغلال مستقبلي للنيل".

ولفت إلى أن هناك "ضغوطاً" من مصر والسودان لإجبار بلاده على التوقيع على اتفاق شامل، وهو ما ترفضه أديس أبابا. وقال مفتي: "نود التفاوض فقط على السد، وليس على حوض (النيل)".

وأضاف المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية أنه "بالنسبة للأمور الأخرى مثل استغلال المياه وتشاركها، فنقول إننا سوف نأتي إلى هذه المسألة عندما يكون الوقت مناسباً. عندها نتفاوض على هذه المسائل ونتفق عليها".

طريق الاتفاق "ليس مسدوداً"

وبالرغم من الخلاف المستمر بين أديس أبابا من جهة والخرطوم والقاهرة من جهة أخرى بشأن طبيعة الاتفاق الذي يتم التفاوض بشأنه، فإن المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية أكد أن المفاوضات "لم تصل الطريق المسدود".

وقال دينا مفتي لـ"الشرق"، إن إثيوبيا "لا ترفض اتفاقاً ملزماً، لأن أي اتفاق يصبح ملزماً بعد التوقيع عليه"، لافتاً إلى أن الاختلاف بين إثيوبيا ومصر والقاهرة يتمحور أساساً حول "ماهية الاتفاق".

وأوضح أن "أديس أبابا قدمت عرضها الفني لملء السد في الجلسة الأخيرة من المفاوضات، وطلب السودانيون وقتاً لمراجعة المقترح والتشاور حوله، ودعم المصريون ذلك، فلم نعارض".

وأضاف مفتي، أن " إثيوبيا ملتزمة بالمفاوضات وبالحل السلمي لأي خلاف، ونحن متفائلون، ولا نعتبر أن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود. بل نقول إنها توقفت في الوقت الراهن، على أمل أن تُستأنف قريباً".

تنسيق مصري-سوداني

ومن المنتظر أن يكون استئناف المفاوضات بشأن سد النهضة أبرز الملفات التي سيناقشها رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي ونظيره السوداني عبد الله حمدوك، خلال لقاء مرتقب بينهما السبت المقبل في الخرطوم.

وأوضح مصدر سياسي مصري لـ"الشرق"، أن المباحثات الثنائية في الخرطوم "ستتركز على التنسيق بشأن مفاوضات سد النهضة بهدف "تطابق الموقفين المصري والسوداني حالياً إزاء (المراوغات الإثيوبية) التي أدت لاتخاذ البلدين قراراً بتعليق المفاوضات".

ويبحث الجانبان الخطوة التالية في هذا الملف، والتي أكد المصدر السياسي لـ"الشرق"، إنها لن "تخرج عن اقتراحين هما: العودة إلى مجلس الأمن أو دعوة الاتحاد الإفريقي لتحمل مسؤولياته أمام تجاهل أديس أبابا كل قرارات القمة الإفريقية المصغرة التي عقدها الاتحاد لمناقشة الأزمة".

إثيوبيا مرتاحة من الوساطة الإفريقية

وعبر المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية عن ارتياح بلاده من وساطة الاتحاد الإفريقي، في وقت ذكرت فيه تقارير أن جنوب إفريقيا، التي تترأس حالياً المنظمة القارية، "مُحرجة" من إصرار أديس أبابا على جدول أعمال للمفاوضات مغايرة لمخرجات القمة الإفريقية المصغرة التي انعقدت الشهر الماضي.

وقال دينا مفتي لـ"الشرق"، إن بلاده "لم تسمع شيئاً من جنوب إفريقيا"، مشدداً على أن رئاسة الاتحاد الإفريقي "ملتزمة بتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث، ونحن نثني على مساعيه".

وأكد أن "إثيوبيا لن تُحرج أبداً الاتحاد الإفريقي، وتريده أن ينجح في رعاية المفاوضات"، مضيفاً أن من يحرج الاتحاد الإفريقي هي الدول التي تماطل في استئناف المفاوضات"، حسب تعبيره.