"ابقوا في منازلكم".. نقص حاد في الوقود يشلّ الحركة في سريلانكا

time reading iconدقائق القراءة - 8
طوابير من السيارات والشاحنات أمام محطة وقود في كولومبو - 18 مايو 2022 - AFP
طوابير من السيارات والشاحنات أمام محطة وقود في كولومبو - 18 مايو 2022 - AFP
كولومبو- وكالات

أغلقت الحكومة في سريلانكا، الشركات والمدارس، الجمعة، وطلبت من الموظفين الحكوميين البقاء في منازلهم، بعدما تسبّب نقص حاد في الوقود بشلّ حركة النقل في البلاد، في ظلّ أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد منذ عقود.

وشكّل آلاف من المواطنين طوابير للحصول على غاز الطهي والبنزين، فيما حذر رئيس الوزراء رانيل ويكرماسينجه من نقص في الغذاء، متعهداً بأن تشتري الحكومة أسمدة لموسم الزراعة المقبل تكفي لزيادة المحاصيل.

وتواجه سريلانكا، التي تعتمد على السياحة ويقطنها 22 مليون فرد، أسوأ أزمة اقتصادية منذ استقلالها عام 1948، وتعاني منذ أشهر من نقص في السلع الأساسية، بما في ذلك الوقود والأدوية، إضافة إلى العملات الأجنبية، وانقطاع يومي للكهرباء، وتضخم يُعتبر سابقة، تزامناً مع تباطئ النشاط الاقتصادي.

وتكافح الحكومة لتأمين أموال تتيح دفع تكاليف استيراد الوقود والغاز وضروريات أخرى، إذ باتت الدولة الواقعة على المحيط الهندي على شفا إفلاس. وتسبّبت مشكلاتها الاقتصادية في أزمة سياسية، إذ تواجه الحكومة احتجاجات واسعة، كما أفادت وكالة "أسوشيتد برس".

وأشار ويكرماسينجه إلى أن ثمة حاجة ماسة لتأمين نحو 75 مليار دولار، من أجل توفير المواد الأساسية، مستدركاً أن الخزانة تكافح للعثور حتى على مليار دولار.

9 وزراء جدد

ودفعت الأزمة رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا، إلى الاستقالة الأسبوع الماضي، ليخلفه ويكرماسينجه الذي يحاول تشكيل حكومة وحدة وطنية.

وعيّن الرئيس جوتابايا راجاباكسا، شقيق ماهيندا، 9 أعضاء إضافيين في الحكومة الجمعة، ممّا رفع العدد الإجمالي إلى 13 وزيراً. وبين المعيّنين، وزراء الصحة والتجارة والسياحة والتعليم والعدل. لكن الرئيس لم يسمّ وزيراً للمال، ويُرجّح أن يحتفظ ويكرماسينجه بهذه الحقيبة، وفقاً لـ"رويترز".

وينقسم الوزراء الجدد إلى أربعة نواب مستقلين، وثلاثة من الحزب الحاكم واثنين من أبرز أحزاب المعارضة، علماً أن أربعة نواب من الحزب الحاكم عُيّنوا وزراء في الأسبوع الماضي.

لكن ذلك لم يوقف الاحتجاجات في البلاد، إذ استخدمت الشرطة خراطيم مياه لتفريق طلاب جامعيين، تظاهروا في كولومبو الخميس، مطالبين باستقالة جوتابايا راجاباكسا.

"سنموت.."

طلبت وزارة الإدارة العامة من الموظفين الحكوميين، باستثناء أولئك الذين يحافظون على الخدمات الأساسية، البقاء في منازلهم الجمعة، وذلك "في ضوء النقص الحالي للوقود ومشكلات في مرافق النقل" بكل أنحاء البلاد.

كذلك أغلقت الحكومة الشركات والمدارس الرسمية والخاصة، في ظلّ تفاقم أزمة نقص الوقود، إذ ينتظر آلاف الأشخاص في طوابير أمام محطات الوقود في البلاد، بحسب "أسوشيتد برس".

وفي سوق بالعاصمة كولومبو، تشكّل طابور طويل أمام متجر يبيع أسطوانات غاز الطهي التي ارتفع سعرها إلى نحو 5 آلاف روبية (14 دولاراً)، من 2675 روبية في أبريل.

ونقلت "رويترز" عن محمد الشاذلي، وهو سائق بدوام جزئي كان يقف في الطابور لليوم الثالث، على أمل الحصول على غاز الطهي لأسرته، قوله: "من دون غاز، من دون زيت كيروسين، لا يمكننا فعل أي شيء.. من دون طعام سنموت. سيحدث ذلك 100%".

وقالت امرأة مسنّة تبيع الفاكهة والخضار في السوق: "لا فائدة من الحديث عن مدى صعوبة الحياة.. لا أستطيع أن أتوقّع كيف ستكون الأمور في غضون شهرين، وبهذا المعدل قد لا نكون حتى هنا".

لكن مسؤولين ذكروا أن الحكومة تمكّنت من جمع مبلغ الـ53 مليون دولار اللازم لتسديد سعر شحنة وقود، وصلت إلى ميناء كولومبو الأسبوع الجاري. ولفت هؤلاء إلى إمكان تزويد محطات الوقود خلال عطلة نهاية الأسبوع.

تدابير مالية

وأعلن محافظ المصرف المركزي، ناندلال ويراسينجه، الخميس، تأمين النقد الأجنبي من قرض للبنك الدولي وتحويلات مالية، من أجل دفع ثمن شحنات الوقود وغاز الطهي.

وأضاف أن التضخم قد يرتفع إلى 40% في الشهرين المقبلين، علماً أن أسعار الأغذية ارتفعت بنسبة 46.6% على أساس سنوي.

وتابع أن سريلانكا لن تدفع خدمة الديون قبل أن تتمكّن من إعادة هيكلة ديونها الخارجية، البالغة 51 مليار دولار، معرباً عن أمله بالتوصل إلى "اتفاق مع دائنينا في غضون 6 أشهر تقريباً".

وبهدف تحسين السيولة بالدولار في المصارف التجارية، جرّم المصرف المركزي استحواذ السريلانكيين على الدولار لأكثر من أسبوعين.

وكانت القوانين تسمح للمواطنين بالاستحواذ على 15 ألف دولار كحدّ أقصى خلال 3 أشهر، قبل أن يتوجّب عليهم إيداعها في مصرف أو تحويلها وفق سعر الصرف الرسمي. أما بعد أسبوعين، فلن يتمكّنوا إلا من تملّك 10 آلاف دولار كحدّ أقصى ولمدة أقصاها 14 يوماً، بحسب ويراسينجه. 

وأشار إلى أن المحادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن خطة إنقاذ محتملة، لا تزال جارية، مستدركاً أن الاتفاق النهائي يتطلّب موافقة وزير المال، الذي لم يُعيّن بعد.

تحذير من نقص في الغذاء

وأدى قرار أصدره الرئيس جوتابايا راجاباكسا، في أبريل من العام الماضي، حظّر كل الأسمدة الكيماوية، إلى خفض غلّة المحاصيل بشكل كبير. ورغم إلغاء الحكومة للحظر، لم يتم استيراد كميات ضخمة حتى الآن.

وحذر ويكرماسينجه من نقص في الغذاء، إذ كتب عبر "تويتر": "فيما قد لا يكون هناك وقت للحصول على الأسمدة لموسم يالا (مايو - أغسطس)، تُتخذ خطوات لضمان مخزون كاف لموسم مها (سبتمبر - مارس).. أحضّ الجميع بصدق على إدراك خطورة الوضع..".

وأعلنت اليابان، التي تربطها بسريلانكا علاقات اقتصادية مديدة، أنها ستمنحها منحة طارئة بقيمة 3 ملايين دولار، لتأمين أدوية وأغذية، بحسب "أسوشيتد برس".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات