أطول غواصة بالعالم تثير مخاوف من "حرب بحرية باردة" روسية أميركية

time reading iconدقائق القراءة - 7
الغواصة "بيلجورود" الروسية خلال مناسبة بحرية في عام 2019  - navalnews.com
الغواصة "بيلجورود" الروسية خلال مناسبة بحرية في عام 2019 - navalnews.com
دبي - الشرق

تسلّمت البحرية الروسية في يوليو، ما يُعدّ أطول غواصة معروفة في العالم، والتي وصفها أحد صنّاعها بأنها سفينة أبحاث، فيما يعتبرها آخرون منصة للتجسّس وربما لأسلحة نووية، حسبما أفاد الموقع الإلكتروني لشبكة "سي إن إن".

الغواصة "بيلجورود" سُلّمت إلى البحرية الروسية في ميناء سيفيرودفينسك، وفقاً لما أعلنته أبرز شركة لتشييد السفن في روسيا Sevmash Shipyard. وشددت على قدراتها غير الفتاكة، معتبرة أنها تتيح "فرصاً جديدة بالنسبة إلى روسيا" لإجراء "بعثات علمية وعمليات إنقاذ في أكثر المناطق النائية في محيط العالم".

ويرى خبراء أن تصميم الغواصة الجديدة، هو نسخة معدّلة من الغواصات الروسية التي تحمل صواريخ موجّهة، من فئة Oscar II، والتي باتت أكثر طولاً بهدف استيعاب أول طوربيدات نووية "شبح" في العالم ومعدات لجمع معلومات استخباراتية.

وإذا نجحت "بيلجورود" في إضافة تلك القدرات الجديدة إلى الأسطول الروسي، فقد تمهّد في العقد المقبل لـ"إحياء مشاهد الحرب الباردة في البحار والمحيطات"، مع تتبّع الغواصات الأميركية والروسية بعضها بعضاً، وفقاً لـ"سي إن إن".

أطول غواصة في العالم

"بيلجورود" التي يتجاوز طولها 184 متراً، تُعدّ أطول غواصة الآن، وهي أطول من غواصات الصواريخ الباليستية والموجّهة من فئة "أوهايو" التابعة للبحرية الأميركية، التي يبلغ طولها 171 متراً.

تم تعويم "بيلجورود" في عام 2019، وكان من المقرر تسليمها للبحرية الروسية في عام 2020، على الأرجح، بعد خضوعها لتجارب واختبارات، لكن ذلك أُرجئ نتيجة أزمة فيروس كورونا المستجد، كما أفادت وكالة "تاس" الرسمية الروسية للأنباء. ولم يُحدّد جدول زمني لنشر الغواصة.

مهمة "بيلجورود" هي ما يميّزها عن أيّ من الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية في الأسطول الروسي، أو عن أيّ من الغواصات النووية التي تعمل في أيّ مكان بالعالم، بحسب "سي إن إن".

"طوربيد فريد من نوعه"

وذكرت "تاس" أن الغواصة ستحمل طوربيدات نووية من طراز "بوسيدون" قيد التطوير، والتي صُمّمت لتُطلق من على بعد مئات الكيلومترات، وتسمح بالتسلّل عبر الدفاعات الساحلية في قاع البحر.

وكتب خبير الغواصات الأميركي إتش آي ساتون، على موقعه الإلكتروني في مارس: "هذا الطوربيد النووي الضخم فريد من نوعه في تاريخ العالم. بوسيدون هو فئة جديدة تماماً من الأسلحة. سيعيد تشكيل التخطيط البحري في روسيا والغرب، ممّا يؤدي إلى متطلّبات جديدة وأسلحة مضادة جديدة".

وأشار ساتون إلى أن "بوسيدون"، الذي يُرجّح أن يبلغ قطره مترين وطوله أكثر من 20 متراً "هو أضخم طوربيد طُوّر في أيّ بلد"، مضيفاً أنه "يزيد بثلاثين مرة عن حجم طوربيد ثقيل عادي".

وقال مسؤولون أميركيون وروس، إن هذه الطوربيدات يمكن أن تطلق رؤوساً حربية ضخمة، ممّا يتسبّب في موجات إشعاع تجعل مساحات شاسعة في الخط الساحلي المستهدف، غير صالحة للسكن طيلة عقود.

"إغراق مدن أميركية"

في نوفمبر 2020، قال كريستوفر فورد، الذي كان آنذاك مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الأمن الدولي وعدم الانتشار، إن "بوسيدون" صُمّم لـ"إغراق مدن ساحلية أميركية من خلال تسونامي (أمواج مدّ) مشعّة".

وأفاد تقرير أعدّته خدمة أبحاث الكونجرس الأميركي، في أبريل الماضي، بأن طوربيدات "بوسيدون" تستهدف أن تكون أسلحة انتقامية، مصمّمة للردّ على عدوّ، بعد هجوم نووي على روسيا. وأضاف أن غواصة "بيلجورود" ستكون قادرة على حمل 8 طوربيدات، في حين يقلص خبراء حمولتها، إلى 6 طوربيدات.

التقرير ذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين روّج لهذا لطوربيد، في خطاب ألقاه عام 2018، قائلاً: "إنه صامت، وقادر على المناورة بدرجة عالية، ويكاد يخلو من نقاط ضعف يستغلّها العدوّ". وأشار إلى إمكانية استخدامه ضد أهداف "بما في ذلك مجموعات حاملات الطائرات، والتحصينات الساحلية، والبنية التحتية"، إذا زُوّد برؤوس حربية تقليدية.

تقييمات متضاربة

لكن ثمة شكوكاً بشأن الطوربيد، وما إذا كانت البحرية الروسية ستتزوّد به في نهاية المطاف. وقال هانز كريستنسن، مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأميركيين: "لا تزال هذه تقنية قيد التطوير، كلّ من الطوربيد والمنصة". واستبعد أن يكون "بوسيدون" جاهزاً قبل النصف الثاني من العقد الحالي، علماً أن خدمة أبحاث الكونجرس رجّحت نشره عام 2027، بحسب "سي إن إن".

وأشار كريستنسن إلى أن "بيلجورود" هي سفينة اختبار من فئة "خاباروفسك" للغواصات العاملة بالطاقة النووية، والتي يمكن إطلاق أولّها هذا العام. وأضاف: "هناك أيضاً الأداء الضعيف للجيش الروسي في غزو أوكرانيا، والذي يبرّره محللون جزئياً بتصميم سيء للأسلحة وفساد أدى إلى إهمال صيانة المعدات العسكرية الروسية".

وقال كريستنسن: "حرب أوكرانيا هي تذكير بأن الأسلحة الروسية المتطوّرة ليست حلاً سحرياً، بل تعاني مشكلات الموثوقية. هناك كل الأسباب للاعتقاد بأن طوربيداً عابراً للقارات يعمل بالطاقة النووية، سيشهد مشكلات" أيضاً.

لكن خبراء آخرين يحذرون من التقليل من أهمية الغواصة أو طوربيدات "بوسيدون". وقال توماس شوجارت، وهو قبطان غواصة سابق في البحرية الأميركية، يعمل الآن محللاً في مركز الأمن الأميركي الجديد إن "إسقاط الانطباعات عن القوات البرية والجوية التكتيكية الروسية، على القوات البحرية والنووية الروسية، لا سيّما تلك القائمة على متابعة تنفيذ خطة سيئة جداً في أوكرانيا، يمكن أن يؤدي إلى التقليل بشكل خطر من كفاءة تلك القوات الاستراتيجية الروسية وقدرتها".

وتابع: "سيكون الأمر أشبه بمراقبة الانسحاب الفوضوي للولايات المتحدة من أفغانستان، ثم التشكيك بقدرة غواصاتها للصواريخ الباليستية على تنفيذ مهمتها النووية".

"لعبة قط وفأر تحت الماء"

خدمة أبحاث الكونجرس أشارت إلى أن "بيلجورود" قد تكون الأولى في أسطول من 4 غواصات يمكنها حمل طوربيدات "بوسيدون"، تخدم اثنتان منها في أسطول المحيط الهادئ الروسي والأخريان في الأسطول الشمالي.

في عام 2020، رجّح ساتون أن تكون الغواصات الثلاث المقبلة المزوّدة بطوربيد "بوسيدون"، من فئة "خاباروفسك"، "الغواصة الحاسمة لعشرينات القرن الـ21، إذ تمثّل خصماً جديداً وصعباً".

وأضاف في إشارة إلى فئة "خاباروفسك": "ليس مرجّحاً أن تحاكي قوات بحرية أخرى ذلك، لكنها سترغب في مواجهتها. يمكن إحياء لعبة القط والفأر تحت الماء، حيث يطارد الروس غواصات بحرية أميركية وغواصات قاتلة للبحرية الملكية (البريطانية)". ولفت إلى احتمال نشوب "حرب باردة جديدة، في القطب الشمالي وشمال المحيط الأطلسي وشمال المحيط الهادئ".

قد تكون "بيلجورود" قاذفة اختبار مستقبلية لـ"بوسيدون"، ورجّح ساتون أن تعمل كمنصة لجمع المعلومات الاستخباراتية. وزاد: "سيكون طاقمها من البحرية الروسية، لكنها ستعمل تحت إشراف مديرية أبحاث أعماق البحار، وهي منظمة سرية". وتابع أنها تحمل غواصات صغيرة، من أجل "تنفيذ مهمات خاصة سرية".

شاهد أيضاً:

تصنيفات