إسرائيل تكثف ضغوطها على "بن آند جيريز" للمثلجات بعد مقاطعة المستوطنات

time reading iconدقائق القراءة - 10
شاحنة توصيل مثلجات "بن آند جيريز" بمصنع في بير توفيا في إسرائيل - 20 يوليو 2021 - REUTERS
شاحنة توصيل مثلجات "بن آند جيريز" بمصنع في بير توفيا في إسرائيل - 20 يوليو 2021 - REUTERS
دبي-الشرق

شكلت الحكومة الإسرائيلية فريق عمل للضغط على مؤسسة "بن آند جيريز" الأميركية للمثلجات، وشركتها الأم "يونيليفر"، للتراجع عن قرار اتخذته المؤسسة بمقاطعة المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية والقدس الشرقية، بحلول أواخر العام المقبل، وذلك كما نقل تقرير لموقع "أكسيوس" الأميركي، عن مسؤول إسرائيلي.

وبرّرت "بن آند جيريز" قرارها الذي أعلنته الأسبوع الماضي، بأن بيع منتجاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة "يتعارض مع قيمنا"، علماً أن ذلك أثار صداماً بين المؤسسة و"يونيليفر".

وأشار التقرير إلى "قلق" لدى الحكومة الإسرائيلية، من أن قرار المؤسسة الأميركية "سيشجّع شركات دولية أخرى على اتخاذ خطوات مماثلة، للتمييز بين إسرائيل ومستوطنات الضفة الغربية".

ويأتي قرار المؤسسة بعد نحو عقد على تعرّضها لضغوط من "ناشطين مؤيّدين للفلسطينيين"، بحسب التقرير الذي قال إن الحكومة الإسرائيلية تمكّنت سابقاً من إقناع المؤسسة بالامتناع عن اتخاذ خطوات مشابهة، لافتاً إلى أن الضغط تفاقم على المؤسسة، بعد القتال الذي خاضته إسرائيل مع حركة "حماس" قبل أسابيع.

"برقية سرية" للخارجية الإسرائيلية

وبحسب تقرير "أكسيوس" بعثت وزارة الخارجية الإسرائيلية "برقية سرية" في 22 يوليو الجاري، إلى كل البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية في أميركا الشمالية وأوروبا، تأمرها بإطلاق حملة ضغط على "بن آند جيريز" و"يونيليفر"، لإقناعهما بالتفاوض.

وصدرت تعليمات للدبلوماسيين الإسرائيليين، بتشجيع المنظمات اليهودية، وجماعات موالية لإسرائيل وهيئات إنجيلية، على تنظيم تظاهرات أمام مكاتب الشركتين، والضغط على المستثمرين فيهما وموزعي منتجاتهما.

وطُلب من السفارة الإسرائيلية في واشنطن، والقنصليات الإسرائيلية في الولايات المتحدة، الضغط من أجل تفعيل تشريعات مناهضة لحركة "المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" على إسرائيل، والتعامل مع حكام ورؤساء بلديات وأعضاء في الكونغرس ومسؤولين في الدولة، مثل المدعين العامين.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن هذه الحركة تسعى إلى إرغام إسرائيل على تغيير سياساتها، في ما يتعلّق بالمستوطنات من خلال الضغط الاقتصادي مشيرة إلى اكتسابها زخماً في الولايات المتحدة.

ووَرَدَ في برقية الخارجية الإسرائيلية: "علينا الاستفادة من الأشهر الـ18 المتبقية قبل تنفيذ القرار، ومحاولة تغييره. نريد ممارسة ضغوط بعيدة المدى على يونيليفر وبن آند جيريز، بواسطة مستهلكين وساسة، وفي الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي، من أجل الوصول إلى حوار مع الشركتين".

واعتبرت البرقية أن الشركتين "استسلمتا وتعاونتا مع حركة (المقاطعة، وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات)"، ونعتت قرار الشركتين بأنه "نفاق، ويتعارض مع قيم مسؤولية الشركات، وتفوح منه رائحة مثل ثقافة الإقصاء المتطرفة".

"استسلام لمعاداة السامية"

ويأتي تقرير "أكسيوس" بعد ساعات على تأكيد رئيسة مجلس إدارة "بن آند جيريز"، أنورادها ميتال، أنها ليست معادية للسامية، إثر تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لَبيد، بأن المقاطعة "استسلام مخجل لمعاداة السامية".

وكتبت ميتال على تويتر: "أنا فخورة ببن آند جيريز، لوقفها بيع المثلجات في الأرض الفلسطينية المحتلة. هذا العمل ليس معادياً للسامية. لستُ معادية للسامية. الكراهية الدنيئة التي طالتني، لا تخيفني. الرجاء العمل من أجل السلام، لا الكراهية!".

وكان تقرير نشره موقع شبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية، أفاد بأن مجلس إدارة "بن آند جيريز" استاء من بيان أصدرته "يونيليفر" للإعلان عن المقاطعة، ورد فيه أن مؤسسة المثلجات "ستبقى في إسرائيل من خلال ترتيب مختلف"، علماً أن ذلك لم يظهر في الإعلان الذي صاغه المجلس.

وأوردت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن ميتال لم تقل بوجوب انسحاب "بن آند جيريز" من إسرائيل بشكل كامل، كما أن مجلس الإدارة لم يعلن ذلك واستدركت أن ميتال دعمت سابقاً حركة "المقاطعة، وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" المناهضة لإسرائيل، إذ كتبت على تويتر في عام 2018: "الكارثة تتواصل، 70عاماً على النكبة، فلسطين تنزف، قاطعوا إسرائيل واسحبوا استثماراتكم منها وافرضوا عقوبات عليها".

"بن آند جيريز" و"يونيليفر"

وذكر موقع "إن بي سي نيوز" أن سحب منتجات المؤسسة الأميركية يتطلّب إنهاء اتفاق ترخيص مع صاحب الامتياز المحلي الذي وزّع منتجات "بن آند جيريز" في إسرائيل منذ عام 1987.

وأعلنت "يونيليفر" أنها لن تجدد العقد، علماً أنه ينتهي في ديسمبر 2022، مضيفة: "رغم أن منتجات بن آند جيريز لن تباع بعد الآن في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلا أننا سنبقى في إسرائيل من خلال ترتيب مختلف".

وقالت ميتال إن مجلس إدارة المؤسسة كان يضغط منذ سنوات، لسحب مبيعات المثلجات من الأراضي المحتلة.

وأراد المجلس إصدار بيان مختلف، لم يشر إلى استمرار المبيعات في إسرائيل، وهذا قرار ذكرت ميتال أنه يتطلّب موافقة مجلس الإدارة.

واعتبرت ميتال أن البيان الذي أصدرته "يونيليفر" يتعارض مع رغبات مجلس الإدارة "منتهكاً اتفاقاً قانونياً" أُبرم عندما اشترت "يونيليفر" مؤسسة "بن آند جيريز"، في عام 2000.

وقالت لـ "إن بي سي نيوز": "أنا حزينة لخداعها. الأمر لا يتعلّق بإسرائيل، بل بانتهاك اتفاق الاستحواذ، الذي حافظ على روح المؤسسة".

مجلس إدارة مستقل

وعندما استحوذت "يونيليفر" على "بن آند جيريز"، في عام 2000، صاغت الشركتان اتفاق استحواذ غير عادي، تضمّن تشكيل مجلس إدارة مستقل، يتحكّم بالمهمة الاجتماعية للمؤسسة، ونزاهة العلامة التجارية وسياساتها.

ويعني ذلك أن على المجلس أن يوافق على أي تغييرات على المنتج، واتفاقات الترخيص، والأسواق الجديدة وبيانات المهمة الاجتماعية، وفق "إن بي سي نيوز".

وتحدثت ميتال عن "اتفاق استحواذ فريد بشكل مذهل، يقيّد أيدي الرئيس التنفيذي ويونيليفر"، معتبرة أنه "صُمّم بحيث يمكن لمؤسسات تقدمية أن تضمن استقلاليتها وتحمي قيمها، عندما تستحوذ عليها شركة ضخمة".

وتطرّقت ميتال إلى محاولة "يونيليفر" تجاوز قرار مجلس الإدارة، قائلة: "يحاولون تدمير روح المؤسسة. نريد أن تقود القيم هذه المؤسسة، لا أن تمليها الشركة الأم. إنه أمر مذهل أنهم يستطيعون أن يقولوا ذلك، فيما صدر البيان من دون موافقة المجلس".

انتقادات إسرائيلية

وتوظف "يونيليفر" ألفي شخص في إسرائيل، واستثمرت نحو 296 مليون دولار في سوقها. ورغم تنصّل الشركة الأم من حركة مقاطعة إسرائيل، إلا أنها تواجه عقوبات مالية محتملة، في دول أقرّت قوانين لمكافحة المقاطعة، كما أوردت "تايمز أوف إسرائيل".

وتتخذ "بن آند جيريز" ولاية فيرمونت مقراً، وأسّسها يهوديان أميركيان يساريان، هما بن كوهين وجيريز غرينفيلد، في عام 1978.

وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن لدى المؤسسة "تاريخاً مديداً من نشاط العدالة الاجتماعية، بما في ذلك دعم احتجاجات حركة السود مهمة في الولايات المتحدة العام الماضي".

وحرص الرئيس التنفيذي لـ "يونيليفر"، ألان جوب، على الإشارة إلى أن "بن آند جيريز" اتخذت القرار من تلقائها، مذكّراً بأن الشركة الأم احترمت الاستقلالية الواسعة التي احتفظت بها المؤسسة، في ما يتعلّق بسياساتها في العدالة الاجتماعية.

وتحدث عن "مسألة معقدة وحساسة، تثير مشاعر قوية جداً"، مستدركاً أن "يونيليفر تبقى ملتزمة تماماً بأعمالنا في إسرائيل".

يأتي ذلك بعد رد فعل عنيف من السلطات الإسرائيلية، إذ اعتبر رئيس الوزراء، نفتالي بينيت، أن "بن آند جيريز" قررت "تصنيف نفسها على أنها مناهضة لإسرائيل"، فيما وصف الرئيس يتسحاق هرتزوغ قرارها بأنه "شكل جديد من الإرهاب".

ووجّه السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، جلعاد إردان، رسائل إلى حكام 35 ولاية، أصدرت قوانين مناهضة لمقاطعة إسرائيل، يحضّهم فيها على معاقبة "بن آند جيريز".

اعتراضات أميركية

ووصف الحاكم الجمهوري لولاية تكساس، غريغ أبوت، قرار "بن آند جيريز" بأنه "مخز وإهانة لأقرب حليف لأميركا في الشرق الأوسط"، وحضّ "يونيليفر" على "عكسه".

في المقابل، وصف عمر البرغوثي، أحد مؤسّسي حركة "المقاطعة، وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات"، قرار "بن آند جيريز" بأنه "مهم جداً"، مشيراً إلى أن الحركة كانت تحضّها منذ سنوات، على الانسحاب من إسرائيل.

وتابع: "يُظهر ذلك أنه لا يمكنك التعامل مع دولة فصل عنصري، من دون أن تكون متواطئاً. نتوقّع أن تحذو حذوها مزيد من الشركات المسؤولة اجتماعياً، وربما بشكل أقلّ علنية".

اقرأ أيضاً: