Open toolbar

نازحة سودانية تسير أمام مركبة تابعة لقوات "يوناميد" في دارفور - AFP

شارك القصة
Resize text
الخرطوم _

انقسمت الساحة السودانية بين مؤيد ومعارض عند مطالبة الحكومة، نهاية شهر يناير الماضي، بتشكيل بعثة أممية تحت الفصل السادس لميثاق الأمم المتحدة، على أن تشمل ولاية البعثة كامل أراضي الدولة.

وفي نهاية فبراير، طلب مجلس الأمن والدفاع التابع للأمم المتحدة، من حكومة عبد الله حمدوك إرسال طلب جديد للأمين العام للأمم المتحدة للحصول على موافقة مجلس الأمن، لإنشاء بعثة سياسية تحت البند السادس، لدعم مفاوضات السلام، وإنفاذ الوثيقة الدستورية.

جدل سياسي

وسرعان ما عاد الجدل من جديد، بين مؤيد ومتحفظ، بعد أن أقر مجلس الأمن الدولي في 25 إبريل الجاري، الطلب المقدم من قبل حمدوك، للحصول على دعم الأمم المتحدة خلال الفترة الانتقالية، بعدما أكدت الأخيرة ضرورة حماية المكاسب وتجنب العودة إلى مربع الحروب.

ورحب مجلس الأمن بالتزام الحكومة السودانية، ومعظم الجماعات المسلحة بالدخول في محادثات سلام مستمرة للتوصل إلى اتفاق شامل.

عضو المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء السوداني، البراق النذير الوراق، أكد لـ "الشرق" أن ما يجري عبارة عن ترتيبات لإيجاد صيغة جديدة لحماية السيادة الوطنية، لأن صيغة البند السابع السابقة تجيز استخدام السلاح والقوة"، لافتاً إلى أن "كل آليات التعامل من قبل الأمم المتحدة مع السودان منذ العام 1993، تتعامل مع السودان على أنه بلد استبدادي وراعٍ للإرهاب، بسبب ممارسات النظام السابق".

وقال "النذير:"من خلال هذه الخطوة، أردنا أن نقوم بترتيبات جديدة في اتجاه إخراج السودان من العزلة الدولية، وأن يكون دائماً في دائرة الاتهام، السلطة الانتقالية تسعى لتحسين علاقات السودان مع المجتمع الدولي".

وفي ما يتعلق بالانتقادات حول الخطوة، قال النذير إن "التعامل وفق الديموقراطية في بلد كان يقبع تحت وطأة الحكم الاستبدادي لثلاثة عقود، ليس بالأمر السهل". وأضاف: "أن تنقل الدولة من سباتٍ عميق، من كبت الحريات والعنف إلى الديموقراطية، يجعل الهجوم أمراً طبيعياً ومتوقعاً".

استجابة دولية

وعقد مجلس الأمن جلسة تداول عبر تقنية الاتصال المرئي (VTC) لمناقشة التقرير المشترك للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي عن بعثة الـ"يوناميد" في السودان.

وأقر أعضاء مجلس الأمن الطلب المقدم من الحكومة السودانية إلى الأمين العام، للحصول على دعم الأمم المتحدة خلال الفترة الانتقالية. وأكدوا "ضرورة حماية المكاسب وتجنّب العودة إلى الصراع في دارفور"، إضافة إلى عزمهم على اتخاذ قرار مسؤول في شأن انسحاب البعثة المختلطة وخروجها، وإنشاء وجود لاحق للبعثة بحلول 31 مايو 2020 بالتعاون الوثيق مع حكومة السودان.

ورحّب أعضاء مجلس الأمن بالتزام حكومة السودان ومعظم الجماعات المسلحة الدخول في محادثات  للتوصل إلى اتفاق سلام شامل. وشجّعوا جميع الأطراف على الانخراط بشكل بنّاء وفوري ومن دون شروط مسبقة للتوصل لاتفاق سلام شامل.

مخاوف حمدوك

تحفظات كثيرة أبداها مراقبون حيال طلب السودان وموافقة مجلس الأمن على إرسال بعثة لحفظ السلام تعمل تحت البند السادس. وفي السياق، أوضح المحلل السياسي طلال إسماعيل أنه يعتقد أن "طلب حمدوك جاء ضمن صراع داخل مكونات الحكومة الانتقالية"، لافتاً إلى أن "هذه الخطوة هي محاولة لقطع الطريق أمام أي جهة تسعى إلى زعزعة الفترة الانتقالية، الآن".

وأكد أن"الإجراءات تسير والجميع يطالب بضرورة التعجيل بخروج بعثة يوناميد من دارفور، وهي كانت موجودة أصلاً لحفظ السلام في المنطقة. وبالتالي فإن من غير المنطقي طلب بعثة أخرى ونحن نسعى لخروج الأولى". وأشار إلى أن "فرص تحقيق السلام متاحة حالياً أكثر من أي وقت مضى".

وقال إسماعيل إن "طلب حمدوك يبدو غريباً بالنسبة إلي، إذ كان يمكن أن يُعدّل لتقديم المساعدات بعد تحقيق السلام الشامل، لكنه الآن يُقرأ وكأنه يريد قطع الطريق على طرف ما، بسبب التخوف من حدوث انقلاب عسكري للانقضاض على السلطة".

وشدد على أن "من الأجدر طلب المساعدة من الأمم المتحدة لما بعد الفترة الانتقالية، لتحقيق سلام دائم من خلال انتخابات حرة، إذ أن صناعة استحقاقات السلام ومتابعتها هي عملية مكلفة ويمكننا وقتها الاستعانة بالأمم المتحدة ولكن ليس قبل ذلك".

من جهته، يرى الصحافي والمحلل السياسي، نصر الدين العماس المشهد من زاوية أخرى، إذ أوضح لـ"الشرق" أن الأمم المتحدة موجودة بالفعل في السودان. وسأل: " لماذا لم يتحدث من يتكلم عن سيادة وطنية و قيادة الآن، عندما كان عدد جنود يوناميد الموجودون في السودان في عهد نظام المخلوع البشير، حوالي 26 ألف جندي وتحت البند السابع، الذي يبيح استخدام القوة؟". وقال: "الآن حمدوك يتحدث عن البند السادس، لكن تنفيذ السلام عملية شاقة ومكلفة وتحتاج العديد من الإمكانات غير المتاحة لدى السودان حالياً".

وأضاف: "لذلك، يكون الحل الأسلم بوجود الأمم المتحدة، لضمان تنفيذ كل الترتيبات اللاحقة للسلام في كل الملفات الأمنية وعودة النازحين، وإجراء الإحصاء السكاني وغيرها من العمليات المكلفة".

حماية السيادة الوطنية

وفي السياق ذاته، أصدرت وزارة الخارجية السودانية بياناً أكدت فيه أن بعثة الأمم المتحدة التي طلبها السودان، وفقاً للخطاب الثاني الذي وجهه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، إلى الأمين العام للأمم للمتحدة أنطونيو غوتيريش في 27 فبراير، يجب أن تنشأ بشكل شفاف يضمن الملكية الوطنية للبعثة، وتكون وفقاً لمقتضيات الفصل السادس من الميثاق.

وشدّدت الخارجية في بيانها على أن "طلب السودان إعادة صياغة العلاقة مع المنظومة الدولية لا ينطوي على أدنى تساهلٍ أو تنازلٍ عن ملكيتنا لقرارنا الوطني. وأن الدعم الأجنبي لا يعني بأي حال من الأحوال التنازل عن حاجتنا الملحة إلى الإعتماد على النفس وبناء أو إعادة بناء قدراتنا الوطنية، بل لصالحها".

وأشار البيان إلى أن "حكومة السودان لا تسعى، في الواقع، إلى استقدام بعثة جديدة للأمم المتحدة، وإنما إلى تغيير طبيعة البعثة الأممية المختلطة الموجودة بالفعل بالبلاد، بما يتيح إزاحة هذه الأحمال الثقيلة الناجمة عن خروقات النظام المباد التي تستعصي على الحصر".

بين الفصلين السادس والسابع

منذ 2005، يخضع السودان للفصل السابع وفق قرارات مجلس الأمن، الذي يجيز استخدام القوة العسكرية والعقوبات السياسية والاقتصادية ضد البلد المعني أو أي أفراد يهددون الأمن والسلم، فيما يمنح الفصل السادس، الذي تطالب به الحكومة السودانية، إمكان تكوين بعثة أممية خاصة لدعم السلام تشمل ولايتها كامل أراضي البلاد، من دون أن تشمل وجود قوات عسكرية على الأرض.

وفي 31 أكتوبر 2019، اعتمد مجلس الأمن قراراً بتمديد ولاية "يوناميد" لمدة عام إضافي، وتنتشر "يوناميد" في دارفور منذ مطلع 2008، وهي ثاني أكبر بعثة حفظ سلام أممية، إذ تجاوز عدد أفرادها 20 ألفاً من قوات الأمن والموظفين، قبل أن يتبنى مجلس الأمن، في 30 يونيو 2017، خطة تدريجية لتقليص عدد جنود القوات المشتركة الموجودة في دارفور.

 

 

 

Google News تابعوا أخبار الشرق عبر Google News

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.