بعيداً عن الجذور.. زوكربيرج يقود "ميتا" إلى مرحلة جديدة

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا" مارك زوكربيرج يضع الجيل الجديد من نظارات الواقع المعزز  - Facebook@zuck
الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا" مارك زوكربيرج يضع الجيل الجديد من نظارات الواقع المعزز - Facebook@zuck
دبي-الشرق

وسط منافسة شرسة مع المنصات التكنولوجية العالمية في بيئة متسارعة التطور، يسعى الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا" مارك زوكربيرج، إلى تكثيف العمل داخل الشركة التي تضم عدة منصات، من خلال إطلاق خدمات جديدة.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، دعا زوكربيرج كبار مساعديه في شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إلى اجتماع في اللحظة الأخيرة بمنطقة خليج سان فرانسيسكو هذا الشهر، وذلك لمناقشة خارطة الطريق لتحسين هذه الشبكة، بما في ذلك اعتماد تجديد من شأنه تغيير كيفية تصفح المستخدمين للخدمة.

وعلى مدى أسابيع سابقة، أرسل زوكربيرج رسائل إلى مديريه التنفيذيين حول عملية التطوير، وضغط عليهم لزيادة سرعة وتنفيذ عملهم، وقالت مصادر مُطلعة إن قادة "فيسبوك" جاؤوا من جميع أنحاء العالم لحضور الاجتماع، حيث قام زوكربيرج والمسؤولين المجتمعين بفحص كل شريحة في أعمال الشركة.

وفي غضون أيام، كشف الفريق النقاب عن تحديث لتطبيق "فيسبوك" للتنافس بشكل أفضل مع منافس كبير وهو تطبيق "تيك توك"، وأشارت الصحيفة إلى أن زوكربيرج بينما يقود شركته التي تبلغ قيمتها 450 مليار دولار، والتي تم تغيير اسمها إلى "ميتا"، يدفع بوتيرة لا هوادة فيها إلى مرحلة جديدة.

خفض الإنفاق

في الأشهر الأخيرة، كبح الرئيس التنفيذي لـ"ميتا" جماح الإنفاق، وقلص الامتيازات في الشركة، وأعاد تشكيل فريقه القيادي، وأوضح أنه سيخفض عدد الموظفين ذوي الأداء المنخفض.

وقال زوكربيرج إن "أولئك الذين لا يلحقون بالركب مدعوون للمغادرة"، في حين أرسل المديرون مذكرات للتعبير عن جدية هذا النهج، وكانت إحداها مذكرة بعنوان "العمل بكثافة متزايدة".

"ميتافيرس" والابتعاد عن الجذور

"نيويورك تايمز" أشارت إلى أن زوكربيرج (38 عاماً) يحاول دفع شركته بعيداً عن جذورها في شبكات التواصل الاجتماعي، وتركيزها على عالم ما يسمى بـ"ميتافيرس"، حيث يقوم عبر وادي السيليكون هو وغيره من المدراء التنفيذيين، بإعادة التفكير في رؤيتهم الأصلية وتعديلها، بعد أن ابتليت منصاتهم بإشكاليات تتعلق بـ"الخصوصية والمحتوى السام والمعلومات المضللة".

وذكرت الصحيفة أن هذه اللحظة تُعد تذكيراً بمراهنات شركات أخرى مثل "نتفليكس"، عندما أوقفت نشاطها في مجال إرسال محتويات الـ"دي في دي" عبر البريد الإلكتروني في العقد الماضي، للتركيز على البث المباشر.

لكن زوكربيرج يقوم بهذه التحركات وسط تحديات يفرضها منافسون مثل "تيك توك"، و"يوتيوب"، و"آبل".

نجاح غير مضمون

لكن، وفقاً للصحيفة، يبدو أن النجاح ليس مضموناً بعد بالنسبة لخطة تطوير "ميتا"، خصوصاً أنه في الأشهر الأخيرة، تراجعت أرباح الشركة وتباطأت الإيرادات، إذ أنفقت بسخاء على "ميتافيرس" كما أضر التباطؤ الاقتصادي بأعمال الشركة الإعلانية.

وقالت مديرة سياسة "فيسبوك" السابقة ومؤسسة شركة "أنكور تشينج"، كاتي هارباث، وهي شركة استشارية تعمل في قضايا التكنولوجيا والديمقراطية: "عندما يُركز مارك بشكل كبير على شيء ما، فإنه يصب كل تركيزه عليه عملياً داخل الشركة".

وأضافت: "ستتخلى الفرق سريعاً عن الأعمال الأخرى للتركيز على المشكلة المطروحة، ويكون الضغط شديداً للتحرك بسرعة لإظهار التقدم".

إعادة الهيكلة

زوكربيرج كان بدأ العام الماضي بخطة إعادة هيكلة "ميتا" بشكل جدي، وذلك من خلال عدة إجراءات، منها القيام بترقية عدد من المسؤولين، على غرار صديقه أندرو بوسورث، المعروف باسم بوز، والذي بات يتولى منصب كبير مسؤولي التكنولوجيا، إذ يقوم جهود الأجهزة لـ"ميتافيرس".

وكذلك طالت الترقيات عدداً آخراً، منهم خافيير أوليفان، رئيس العمليات الجديد، ونيك كليج، الذي أصبح رئيساً للشؤون العالمية، وجاي روزين، الذي تولى منصب مسؤول أمن المعلومات.

كما نقل زوكربيرج آلاف العمال إلى فرق مختلفة من أجل "ميتافيرس"، وقام بتكثيف تركيزهم على المشاريع الطموحة، مثل نظارات الأجهزة، والأجهزة القابلة للارتداء، ونظام التشغيل الجديد لتلك الأجهزة.

وضمن جهود إعادة الهيكلة خفّضت "ميتا" أهدافها الخاصة بالتوظيف في المجال الهندسي لهذا العام إلى 6 آلاف، ما يتراوح بين 10 آلاف إلى 12 ألفاً مع تقليص الميزانيات.

وفي مذكرة الشهر الماضي، قال كبير مسؤولي المنتجات في الشركة كريس كوكس إن البيئة الاقتصادية تتطلب "فرق تنفيذية أفضل وأكثر رشاقة".

ويركز الرئيس التنفيذي لـ"ميتا" جهود أولئك الذين بقوا في المجالات التي يعتقد أنها ستفيد الشركة أكثر على المدى الطويل، وتشمل "ميتافيرس" و"المراسلة" و"أنستجرام ريلز" و"الخصوصية"، و"الذكاء الاصطناعي"، مع تحقيق عائدات أعلى من المنتجات التي لا تجلب حالياً سوى القليل أو لا شيء، وفقاً لمذكرة كوكس، التي حددت 6 "أولويات استثمارية" للشركة في النصف الثاني من هذا عام.

تراجع الإيرادات

"ميتا" كانت قد أعنت عن نتائجها الفصلية للربع الثاني من العام الجاري، وبداية أبريل ونهاية يونيو الماضيين، محققة عوائد بقيمة 28.82 مليار دولار، لتنخفض بذلك لأول مرة في تاريخ الشركة بنسبة 1%، مقارنة بعوائد نفس الفترة العام الماضي.

وتأتي عوائد الشركة لتخذل توقعات الخبراء، والتي رجّحت وصولها إلى 28.92 مليار دولار، أي بفارق 100 مليون دولار عما حققته بالفعل، وذلك بحسب ما نشره موقع "فاينانشيال تايمز".

وكان قطاع تطوير تقنيات الواقعين المعزز والافتراضي "Reality Labs" خسر 2.8 مليار دولار خلال الربع الثاني فقط، مع توقعات بوصول خسارته خلال العام الحالي إلى 10 مليار دولار أخرى، لتنضم إلى المليارات العشرة التي خسرها القطاع العام الماضي.

وأعلن زوكربيرج، أن العالم يعيش حالياً حالة اقتصادية متردية، ما سيكون له تأثير ملحوظ ومتزايد على قطاع الإعلانات الرقمية خلال الفترة المقبلة.

وقال في كلمته أمام المستثمرين خلال اجتماع الشركة، بأن لا أحد يمكنه توقع مدة استمرار سوء الأحوال الاقتصادية، أو مدى التأثير المتوقع لها على قطاعات الأعمال المختلفة، مشيراً إلى أنه يرى أن التأثير سيصبح أسوأ مما كان عليه خلال الربع الأول.

كما ألقت الشركة باللوم على حالة الضغط التي تشهدها العملات النقدية الأجنبية أمام قوة الدولار الأميركي، ومدى تأثيرها على إيجابية نتائج الشركة للربع الماضي، مركزة على تأثير ضعف اليورو أمام الدولار في السوق الأوروبي، حيث أن هذا الضعف تسبب في تراجع عوائد الشركة بنسبة 3% على أساس سنوي.

وتراجعت قيمة الإعلان على منصات "ميتا" بمعدل 14%، وقالت مديرة التشغيل شيريل ساندبيرج للمستثمرين إن الشركة لا تزال في مرحلة التخطيط لاتخاذ إجراءات مضادة لتقليل تأثير تغيير سياسات "آبل المتعلقة ببيانات مستخدمي أيفون، وتأثيرها على قطاع الإعلانات في "ميتا".

وكان عملاق التواصل الاجتماعي توقع وصول خسائر قطاعه الإعلاني إلى 10 مليارات دولار هذا العام، إلى جانب تكبد الشركة نفس قيمة الخسارة العام الماضي، بعد فرض "آبل" سياسات جديدة بشأن الخصوصية.

وانخفض صافي الدخل في ميتا من 10.39 مليار دولار، عن نفس الفترة العام الماضي، إلى 6.69 مليار دولار، وذلك مقابل توقعات "وول ستريت" بتحقيق 7 مليارات دولار، إلى جانب ارتفاع التكاليف والنفقات بنسبة 22%.

وعلى الرغم من قرار الشركة وقف التوظيف، فإن عدد موظفيها ازداد بنسبة 32% على أساس سنوي، وأشار زوكربيرج إلى أنه سيوكل قرارات تخفيض العمالة إلى المدراء المباشرين.

إقرأ أيضاً:

تصنيفات