
بينما كان مسؤولو الانتخابات في إسرائيل، يحصون آخر أصوات الانتخابات التشريعية مساء الأربعاء، سارع رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو لتشكيل تحالف لقيادة حكومة جديدة بعدما أظهرت النتائج الجزئية حصول كتلته اليمينية على "فوز كبير"، وفقاً لـ "تايمز أوف إسرائيل".
وفي غضون ذلك، بدأ رئيس الوزراء المنتهية ولايته يائير لبيد، في الحديث إلى حلفائه في التحالف الحكومي الذي سيغادر موقعه فيما يبدو، والتي نقلت تقارير إعلامية أن بعضهم "يفور غضباً منه بسبب طريقة إدارته للحملة الانتخابية".
وحتى الخامسة والنصف صباحاً بتوقيت إسرائيل، أحصت لجنة الانتخابات المركزية نحو 4.3 مليون صوت، تشكل 89% من إجمالي أوراق الاقتراع، ويتوقع أن يكتمل العد في وقت لاحق الخميس.
وأظهرت النتائج الجزئية الرسمية للانتخابات حصول كتلة نتنياهو على 65 مقعداً في الكنيست البالغة عدد مقاعده 120، ما منح رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق "أغلبية مريحة" لتشكيل الحكومة بعد 17 شهراً قضاها في مقاعد المعارضة.
وأشارت النتائج إلى "عودة مذهلة" لنتنياهو، والذي يخضع حالياً للمحاكمة في 3 قضايا فساد، وستنهي عودته 4 أعوام من "الانسداد السياسي"، جرت إسرائيل إلى 5 انتخابات تشريعية خلال تلك الفترة.
"التخلي عن المتطرفين"
صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، رأت أن نتنياهو، سيفضل تشكيل "تحالف راديكالي" هذه المرة في اختياره للحكومة، "حتى يتخلى عن بن غفير"، في إشارة للسياسي المتشدد دينياً والمعروف بتصريحاته العدائية تجاه العرب إيتمار بن غفير.
وأشارت الصحيفة إلى أنه مع خضوعه للمحاكمة في قضايا فساد، فإن نتنياهو سيقرب إليه جماعات اليمين المتطرف التي ستكون مفيدة في مهاجمة النظام القضائي، مشيرة إلى أنه سيتخلى عنهم لاحقاً، ليستبدلهم بوزير الدفاع بيني جانتس.
ولفتت "هاآرتس" إلى أنه بجانب الأحزاب الثلاثة المتحالفة مع نتنياهو (الصهيونية الدينية، شاس، والتوراة اليهودية)، لا يوجد أي حزب آخر في الكنيست مستعد للانضمام لحكومته.
مفاوضات معقدة
رغم تلقي نتنياهو الدعم خلال حملته الانتخابية من الحزب اليميني المتطرف "الصهيونية الدينية" الذي يقوده إيتمار بن غفير، وحزب "شاس" الأصولي المتشدد، وحزب "يهودية التوراة"، فإنه سيحتاج إلى التفاوض مع الأحزاب الأخرى بشأن أهدافه السياسية، والحقائب الوزارية لتأمين الدعم لحكومته.
ولفتت "تايمز أوف إسرائيل" إلى أن هذه العملية قد تشمل "مفاوضات معقدة" في مناطق، تذهب فيها بعض الأطياف إلى مطالب صعبة، أو لا تتفق فيها مع بعضها البعض.
وفي إشارة إلى أن الليكود (حزب نتنياهو)، يعتقد أن عملية تشكيل ذلك التحالف ستكون "مباشرة"، قالت تقارير إعلامية الأربعاء، إن نتنياهو يسعى إلى أن يؤدي رئيس جديد للكنيست اليمين بحلول 15 نوفمبر، وأن يسرع الخطى لتشكيل حكومة بأسرع ما يكون وإبعاد لبيد عن السلطة.
ووصفت الصحيفة الإسرائيلية الجدول الزمني لنتنياهو بأنه "سريع للغاية"، إذ عادة ما تستغرق مفاوضات تشكيل التحالف الحكومي أسابيع أو أكثر من ذلك، كما أن رئيس الوزراء السابق لن يحصل على تفويض لتشكيل حكومة قبل الأسبوع المقبل على أفضل تقدير.
مشاورات تشكيل الحكومة
وفي وقت سابق الأربعاء، قال مكتب الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتزوج، إنه سيبدأ اجتماعات مع ممثلين من أحزاب الكنيست لسماع ترشيحاتهم لرئيس الوزراء الجديد الأسبوع المقبل، فور انتهاء فرز الأصوات والتصديق على النتيجة بشكل نهائي.
وستبدأ مشاورات تشكيل الحكومة بعد إعلان النتيجة وتقديمها للرئيس بشكل رسمي الأسبوع المقبل.
ولدى هرتزوج مهلة حتى 16 نوفمبر لإعلان أي عضو في الكنيست سيتولى تشكيل الحكومة الجديدة، رغم أنه قد يفعل ذلك في وقت أقرب. وأمام رئيس الوزراء المكلف 28 يوماً لتشكيل الحكومة مع إمكانية مدها لـ14 يوماً إضافية.
وقالت "تايمز أوف إسرائيل"، إن نتنياهو سيسعى إلى إغراء الأحزاب المتحالفة مع لبيد للتخلي عن تحالفهم معه والانضمام إلى كتلته، ومن بين من سيستهدفهم، وزير الدفاع بيني جانتس، وحزبه الذي يعد من أقرب الأحزاب أيديولوجياً إلى كتلته.
لكن جانتس، الذي كان متحالفاً مع نتنياهو في وقت سابق في حكومة وحدة، قال إنه "لن يجلس مع تحالف نتنياهو".
"خنزير آكل للحوم البشر"
على الجانب الآخر، يجري رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته يائير لبيد، مشاورات مع كتلته بعد "الأداء الضعيف" في الانتخابات، وأفادت تقارير بأنه سيتحدث مع جانتس، وقادة الأحزاب الأخرى، بعد إعلان النتائج لنهائية.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن بعض أعضاء كتلة لبيد "وبخوه" بسبب طريقة إدارته للحملة الانتخابية، بعدما أظهرت استطلاعات عينات التصويت هزيمة كتلته.
ونقلت "تايمز أوف إسرائيل" عن مصادر اتهامها للبيد بالفشل في حشد أعضاء كتلته لتحقيق أفضل النتائج ليسار الوسط، وبدلاً من ذلك "ركز على بناء حزبه (يش عتيد) على حساب أبرز حليفين له، الحزبين اليساريين "ميرتس" والعمل".
وحصل حزب لبيد "يش عتيد" على 24 مقعداً في الكنيست، وهو أفضل أداء للحزب، لكن "ميرتس" لا يُتوقع أن يتخطى العتبة المطلوبة من الأصوات للوصول إلى الكنيست، في "سقوط مدو" للحزب الذي قاد اليسار في البلاد.
ونقلت "القناة الـ12" الإسرائيلية، عن مصدر لم يذكر اسمه قوله: "لبيد تصرف برعونة، لم يدر التكتل، ولم يهتم بالعرب أو اتفاقات الفائض".
واتفاقات الفائض، هي اتفاقات تمكن حزبين فشلا في الوصول إلى العتبة المطلوبة من الأصوات في تجميع أصواتها التي لا تمكنها منفردين من الحصول على مقعد كامل.
وقال المسؤول: "لقد تصرف (لبيد) كخنزير آكل للحوم البشر، لاستبعاد بقية الأحزاب، لكي يكون حزبه أكبر الأحزاب، وهذه هي النتيجة".
ضياع فرصة إبعاد نتنياهو
وقالت الصحيفة إن لبيد سعى بشكل مكثف خلال الشهر الماضي، إلى توحيد جهود "ميرتس" والعمل للدخول في قائمة موحدة، لكن زعيمة حزب العمل ميراف ميشيلي، قاومت فكرة التحالف مع "ميرتس"، والذي يقع على مبعدة من موقع العمل على الطيف اليساري.
وواجهت ميشيلي انتقادات هي الأخرى من حزب "ميرتس"بسبب رفضها توحيد الجهود.
أما حزب التجمع الوطني الديمقراطي، وهو أحد الأحزاب العربية فقد سقط ضحية هو الآخر، للعتبة الانتخابية، بعدما قرر الترشح منفرداً بعيداً عن القائمة العربية الموحدة.
وقالت "تايمز أوف إسرائيل" إنه في حالة كان التجمع و"ميرتس" وحدا جهودهما ودخلا الكنيست فإنهما كانا سيحصلان على 8 مقاعد من الأحزاب الأخرى، وحرمان نتنياهو من أغلبيته.