صفقة بيع تركيا "إف-16" تعود للواجهة.. وترصّد في الكونجرس الأميركي

time reading iconدقائق القراءة - 6
مقاتلة تركية من طراز "إف-16" تعود إلى قاعدة جوية في مدينة دياربكر جنوب شرقي تركيا - 9 نوفمبر 2007 - REUTERS
مقاتلة تركية من طراز "إف-16" تعود إلى قاعدة جوية في مدينة دياربكر جنوب شرقي تركيا - 9 نوفمبر 2007 - REUTERS
دبي-الشرق

عادت إلى الواجهة صفقة محتملة لبيع أنقرة مقاتلات أميركية من طراز "إف-16"، إذ أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن إدارة الرئيس جو بايدن تدرس اقتراحاً قدّمته تركيا في هذا الصدد، في خطوة قد تُصلح العلاقات الأمنية المقطوعة مع الولايات المتحدة، ولكن الصفقة تواجه معارضة من أعضاء في الكونجرس ينتقدون علاقات متنامية لأنقرة مع موسكو.

وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولين أتراكاً بارزين يرون أن اتفاقاً في هذا الصدد قد يشكّل شريان حياة لعلاقات بلادهم مع الولايات المتحدة والتي توترت منذ سنوات نتيجة مشتريات أنقرة لأسلحة روسية، وتضارب مصالح مع واشنطن في الحرب بسوريا، وانتقاد الولايات المتحدة "سجل تركيا في ملف حقوق الإنسان"، علماً أن أنقرة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو).

يأتي ذلك فيما تختبر روسيا عزم الحلف عند حدود أوكرانيا، حيث نشرت موسكو عشرات الآلاف من الجنود وأثارت مخاوف من غزوها لأراضي جارتها.

حرمان أنقرة من "إف-35"

تعود صفقة "إف-35" إلى عام 1999، عندما انضمّت تركيا إلى كونسورتيوم دولي تقوده الولايات المتحدة لصنع المقاتلة المتطورة من طراز "إف-35".

وفي عام 2017، قررت أنقرة شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية "إس-400"، متجاهلة اعتراضات واشنطن التي خشيت أن تخترق المنظومة الروسية مقاتلات "إف-35"، وأقصت تركيا عن برنامجها في عام 2019.

ومع استبعاد تزويد أنقرة بمقاتلات "إف-35"، ستحلّ مقاتلات "إف-16" الجديدة مكان مقاتلات "إف-16" و"إف-4" القديمة في أسطولها.

ولكن مسؤولين أميركيين ومساعدين في الكونجرس يرجّحون أن تواجه الصفقة المقترحة مقاومة من مشرّعين متشائمين إزاء صفقة "إس-400" والعلاقات الوثيقة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، إضافة إلى سياسات أنقرة في شرق البحر المتوسط.

وذكرت "وول ستريت جورنال" أن إدارة بايدن لم توضح هل ستدعم صفقة "إف-16"، علماً أن قوانين مراقبة تصدير الأسلحة الأميركية تُلزم الإدارة إبلاغ الكونجرس بالمبيعات العسكرية المقترحة لدول أخرى، مما يمكّن أعضاءه من مراجعة الصفقة ومعارضتها أو محاولة منعها. ولم تبلّغ الإدارة الكونجرس رسمياً بعد بالصفقة المقترحة مع أنقرة، وفق "وول ستريت جورنال".

ونقلت الصحيفة عن مساعد في الكونجرس ترجيحه أن تصطدم الصفقة بـ"مطبات"، متسائلاً: "هل ستؤدي هذه المطبّات إلى إفشالها أم أنها ستكون قادرة على تجاوزها؟".

وكان أردوغان أعلن، في أكتوبر الماضي، أن الولايات المتحدة اقترحت أن تزوّد بلاده بمقاتلات "إف-16"، مقابل استثماراتها في برنامج مقاتلات "إف-35" الذي أقصت واشنطن أنقرة عنه. لكن الولايات المتحدة نفت "تقديم أي عروض تمويل بشأن طلب تركيا (شراء) إف-16"، مشيرة إلى أن وزارة الدفاع الأميركية لا تزال تجري مشاورات مع أنقرة بشأن مقاتلات "إف-35".

تركيا و"الحظيرة الغربية"

واعتبرت الصحيفة أن الصفقة المقترحة تعكس ملفات معقدة في الأمن القومي بشأن علاقات الولايات المتحدة مع تركيا التي تستضيف آلاف الجنود الأميركيين على أراضيها. وذكّرت بأن أنقرة شنّت هجمات على ميليشيات كردية مدعومة من واشنطن في سوريا، وبإعلان أردوغان في نوفمبر الماضي أن تركيا مستعدة للتوسّط بين أوكرانيا وروسيا.

وذكر مسؤولون أتراك أن واشنطن تتفاوض مع أنقرة بشأن عملية البيع، فيما كان المستشار البارز لأردوغان، إبراهيم كالين، استفسر عنها خلال اتصال هاتفي مع مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، في 10 يناير.

وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية: "ترتبط الولايات المتحدة وتركيا بعلاقات دفاعية ثنائية مديدة وعميقة، كما أن استمرار العمل المشترك لتركيا في الناتو لا يزال يمثّل أولوية".

ونقلت الصحيفة الأميركية عن إيلنور جيفيك، وهو مستشار بارز لأردوغان في شؤون السياسة الخارجية، قوله: "تركيا عنصر مهم في اللعبة، ويجب أن تبقى في الحظيرة الغربية". ولفت إلى أن أنقرة لم تنشر بعد بطاريات صواريخ "إس-400"، علماً أن أردوغان أعلن أنه يرغب في شراء المزيد منها.

قلق في الكونجرس

واعتبر جيمس جيفري، وهو سفير أميركي سابق في أنقرة، يعمل الآن في "مركز ويلسون"، وهو مركز أبحاث في واشنطن، أن صفقة "إف-16" ستشكّل "طريقة رائعة للخروج" من المأزق في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة. واستدرك: "المشكلة تكمن في أن ثمة موقفاً سلبياً إزاء تركيا، خصوصاً في الكونجرس الأميركي، وأخشى أن أفراداً سيتعثرون به". ونبّه إلى أن عرقلة الصفقة قد تدفع أنقرة إلى "التقرّب من الروس".

في المقابل، وجّه نواب أميركيون، من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بينهم أعضاء في "التكتل اليوناني" الموالي لأثينا، رسائل إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن العام الماضي تعترض على الصفقة، مستشهدين بمشتريات أنقرة من أسلحة روسية ونزاعها الحدودي مع اليونان في البحر الأبيض المتوسط.

وقالت النائبة الجمهورية نيكول ماليوتاكيس، في إشارة إلى الأتراك: "ما يقلقنا أننا إذا زوّدناهم بمعدات عسكرية، هل سيواصلون التصرّف بهذه الطريقة العدائية إزاء قبرص والجزر اليونانية. نحن قلقون بشأن مشاركة ملكيتنا الفكرية مع روسيا. تركيا تتصرّف بعدة طرق وكأنها خصم" للولايات المتحدة.

لكن مسؤولين أتراكاً حاليين وسابقين يعتبرون أن عرقلة صفقة "إف-16" ستشكّل عقاباً للقطاع الدفاعي في تركيا، الذي لا يزال متحالفاً مع الولايات المتحدة ويعارض روسيا، بحسب "وول ستريت جورنال".

اقرأ أيضاً: