جورج خبّاز لـ"الشرق": باقٍ في لبنان رغم الأزمات.. والمسرح خطفني من السينما

time reading iconدقائق القراءة - 10
الممثل والكاتب اللبناني جورج خباز - AFP
الممثل والكاتب اللبناني جورج خباز - AFP
عمّان-محمد عبد الجليل

ينتظر الفنان اللبناني جورج خبّاز عرض مسلسله الجديد "براندو الشرق" للمخرج أمين درة على منصة "شاهد" خلال الفترة المقبلة، وهو العمل الذي كتبه ويقوم ببطولته بالمشاركة مع أمل عرفة، وزينة مكي، وكميل سلامة.

وأشار خبّاز إلى أن المسلسل المكوّن من 10 حلقات، والذي انتهى من تصويره أخيراً، هو مزيج من الدراما والكوميديا والفانتازيا والموسيقى أيضاً.

تدور أحداث المسلسل في إطار الكوميديا السوداء، إذ تعود الأحداث إلى فترة الثمانينات من القرن الماضي، ويكشف كواليس صناعة السينما والتلفزيون والدراما آنذاك، من خلال مخرج يُدعى "يوسف" يسعى لتنفيذ فيلمه، ونكتشف خلال الحلقات عدة تفاصيل مرتبطة بهذه الصناعة وتأثيرها، بحسب خبّاز.

وكشف عن السؤال الذي كان يراوده خلال العمل على فكرة المسلسل: "كنت أسأل نفسي عن تعريف الفن، خصوصاً أن له عدة تعريفات متناقضة، فوضعت كل هذه التناقضات على لسان الشخصيات داخل العمل، لتنطلق الأحداث بداية من البحث عن إجابة السؤال الخاص بدور الفن، وهل يؤثر فعلاً في النفوس ويرتقي بها أم هو مجرد شيء عابر؟".

وأضاف: "هذه الفكرة كان من المفترض تقديمها كفيلم في البداية، لكن تراجعت عن ذلك لأن مدته ستصل إلى 3 ساعات تقريباً، وأعتقد أن الجمهور لن يستطيع مشاهدة فيلم بهذه المدة بشكل متواصل".

ولفت إلى أنه طوّر الفكرة لتحويلها إلى مسلسل قصير، حتى تأخذ الشخصيات والأحداث نصيبها من الاهتمام، بعيداً عن المط والتطويل؛ وهو الأسلوب الذي تمتاز به منصات البث الرقمي.

 مهرجان عمّان السينمائي

وأشاد خبّاز بالدورة الثالثة من مهرجان عمّان السينمائي، التي شارك في فعالياتها وانتهت الأربعاء، بقوله: "هذا المهرجان فيه روح مميزة، فقد حقق نجاحاً على مستوى الشكل والمضمون، واكتسب خبرات عديدة وكأن عمره 7 أعوام. هناك تنظيم واستقبال رائع، كما أن القائمين على إدارته يدركون جيداً أسس صناعات المهرجانات السينمائية".

وقال خبّاز لـ"الشرق" إن "الهيئة الملكية الأردنية للأفلام تدعم المهرجان  لرغبتها في توفير بيئة حاضنة للثقافة والسينما ولصُنّاع الأفلام الأردنيين، وتوفير فرصة لهم للالتقاء بالخبرات الواسعة من حول العالم، ما يسهم في تطوير المواهب الجديدة".

وأشاد بمستوى الأفلام الأردنية المشاركة في الدورة الثالثة مثل "فرحة" بقوله: "بداية مبشرة تدعو للأمل بمستقبل سينمائي مشرق. سينما ملتزمة وصاحبة قضية، وأنا أحب هذا النوع من الأفلام".

وأضاف: "علاقتي بالشعب الأردني جيدة للغاية من خلال المسرح، فهناك قطاع كبير من الجمهور يحرص على السفر وقطع المسافة إلى لبنان لمشاهدة العروض المسرحية التي أقدّمها، وهذا أمر يسعدني جداً".

ولفت إلى ارتباطه بحضور المهرجانات السينمائية، كونها تمنح فرصة للتفاعل ولقاء خبرات مختلفة، والتعرف إلى شخصيات ذات مستوى تفكير معيّن تجمعهم الهموم نفسها والجدليات الإنسانية التي يمكن التعبير عنها بأرقى لغة وهي "السينما العابرة للقارات والقلوب".

"قلة الأعمال السينمائية"

وأرجع خبّاز قلة أفلامه السينمائية التي يبلغ عددها 5 أعمال فقط، طوال مشواره الفني الممتد منذ 25 عاماً، إلى أن "المسرح خطفني من السينما واستهلكني، وأنا سعيد بذلك، فالأفلام التي قدّمتها كان لها وقع كبير، وحصدت جوائز عديدة في مختلف المهرجانات حول العالم".

وعن أسباب عدم استمراره في السينما، رغم الجوائز التي حققتها أفلامه، قال: "نجيب الريحاني، الرجل المسرحي الكبير، كان مُقلاً جداً في السينما، لكن كانت له علامات في المسرح ودخل التاريخ. إنه مدرسة فنية يقتدى بها، خرّج منها العديد من المدارس المختلفة، مثل فؤاد المهندس وعادل إمام، إذ إن سلالته ما زالت مستمرة بالفن المصري الكوميدي المسرحي المنعكس على السينما بشكل أو بآخر".

ورفض المبدأ الخاص بتقييم أي ممثل من منطلق حجم أعماله السينمائية فقط "ليس بالضرورة أن تُذكر سيرة الممثل لمجرد نجوميته في السينما، الأهم نوعية الأفلام المقدَّمة".

وأشار إلى أنه يستعد لأعمال سينمائية جديدة، أحدها مع مخرجين من فرنسا وألمانيا، وسيبدأ تصويره خلال الفترة المقبلة، رافضاً الإفصاح عن تفاصيله.

وتابع: "العمل الآخر يحمل اسم (لواوي)، من بطولتي وتأليفي وإخراج أمين درة، الذي تجمعني به كيمياء فنية" وصداقة منذ سنوات طوال، إذ انطلق مشوارهما الفني في وقت واحد.

وقدّم جورج خبّاز 5 أفلام تقريباً، منها"تحت القصف" 2007 للمخرج  فيليب عرقتنجي، و"سيلينا" 2009 للمخرج حاتم علي، و"غدي" 2013 للمخرج أمين درة والذي كتب له السيناريو، كما شارك في كتابة سيناريو فيلم "كفر ناحوم" 2018 للمخرجة نادين لبكي.

منصات البث الرقمي 

ورأى الممثل اللبناني أن "منصات البث الرقمي مقتبسة من الغرب، رغم أن الدراما المصرية واللبنانية كانت تعتمد على الأعمال السباعية والمسلسلات القصيرة التي لا تتجاوز 15 حلقة، منذ الستينات إلا أنها تراجعت مع الوقت حتى اختفت تماماً قبل أن تعود مجدداً بالتزامن مع انتشار المنصات".

وقال إن "السلبية الوحيدة لهذه المنصات، هي احتمالية إهدار فرصة  حصول عمل فني جيد على نصيبه من المشاهدة، بسبب كثرة الإنتاجات الحديثة، لكن في الوقت نفسه أعتقد أن العمل الجيد يفرض نفسه على الجميع".

واستطرد بأن المنصات لا تشكل خطراً على التلفزيون، بينما الخطر الأكبر قد يقع على السينما، موضحاً أن "المنصات تدخل كل بيت، وقد تُبعد الجمهور من دخول قاعات السينما ومشاهدة الأفلام على الشاشات الكبيرة، خاصة أن جائحة كورونا ساهمت في نجاح هذه المنصات، وتزايد عدد مشتركيها".

الرقابة الجماهيرية

اعتبر جورج خبّاز أن مواقع التواصل تسببت في حدة مستوى الرقابة الجماهيرية في السنوات الأخيرة، قائلاً إن "كل شخص امتلك هاتفاً محمولاً أصبح ناقداً، وقد يُصدر حكماً على عمل فني لمجرد أنه شاهد 30 ثانية فقط، بالفعل كما حدث في فيلم (أصحاب ولا أعز)، رغم أنه ليس فيلماً جريئاً وإنما صريح، لكن للأسف الغالبية في الوطن العربي يمارسون أشياء تحت الطاولة ويدّعون عكسها فوقها".

وأكد ترحيبه الشديد بالنقد البنّاء والموضوعي، فيما يرفض "الابتذال الذي يُصدره البعض على مواقع التواصل الاجتماعي".

السينما المصرية

أشار إلى أنه تلقى عروضاً كثيرة للمشاركة في أفلام مصرية، بعد مشاركته في "أصحاب ولا أعز"، ولكنه اعتذر عنها جميعاً، كونها غير مناسبة له، قائلاً: "يشرّفني العمل في السينما المصرية التي تُعد تاريخاً كبيراً، كما أن كل مواطن عربي نشأ عليها".

وقال جورج خبّاز "أتمنى التواجد في السينما المصرية، لكن يهمني الدخول من الباب الصحيح، لا أريد انطلاقة بصورة نمطية وتقليدية وغير مناسبة. وإني أطمح إلى فرصة فنية تليق بالجمهور المصري وتضيف إلى مسيرتي الفنية بشكل عام، خاصة أن هناك أموراً كثيرة مشتركة بين البلدين على مستوى السينما والشعر والأدب والصحافة وغيرها".

وأكد أنه رحب بالعرض التي تلقاه أخيراً للظهور في السينما المصرية، إلا أنه رفض الإفصاح عن ملامحه، "سيقدّمني للجمهور المصري بشكل جيد، وسأظهر بشخصية لبناني".

هجرة اللبنانيين 

وعن ظاهرة هجرة اللبنانيين في الآونة الأخيرة بعد تدهور الأوضاع في البلاد، قال إنه لن يفكر في هذا الأمر أبداً: "أنا مثل الشجرة إذا انتقلت من مكان إلى آخر تموت، وإن لم تمت فسوف تذبل ويتغير طعم الثمرة. أنا باق ٍ في لبنان، فأنا أقدّر وطني رغم الأزمات المتعاقبة وعدم وجود موارد وانقطاع الكهرباء وغيرها، بلدي ليس فندقاً، أقيم به عندما تكون الأمور جيدة، وأتركه حال تدهورها، وبالتأكيد أنا لا ألوم المهاجرين".

وأضاف: "المواطنون نوعان، هناك نوع مثل الطيور يهاجر دوماً، وآخر مثل الشجر لا ينتقل من مكانه رغم العواصف والمصاعب"، متابعاً أن "هناك أشخاصاً خرجوا من لبنان كفراً بالسياسة، رغم أن الطبقة السياسية هي إفراز شعوب تُشبه الناس، كل شعب يفرز طبقته".

واستطرد: "أنا كياني كله والفن الذي أقدّمه لبناني، فأنا أبني في هذه البيئة، لا أتصور نفسي وأنا أقيم في بلد آخر بالروح نفسها والطعم نفسه. مهما كان البلد صعباً عليّ، فالوطن بالنسبة لي هو المكان الذي نشأت فيه، بكيت وضحكت، نجحت وكبرت، وعشقت لأول مرة. شخصيتي تكوّنت في لبنان، ولا أرغب في أن أضيع بين المسافات وبين الدول"، لافتاً إلى أن "المصريين بداخلهم عشق كبير لوطنهم، وأنا من هذا النوع".

وأشار إلى قراره عدم رفع قيمة تذاكر دخول مسرحه، خلال العامين الماضيين، رغم الآثار التي خلّفتها جائحة كورونا، قائلاً: "مسرحي لكل الناس، وهو شعبي، ومزدحم طوال الوقت، بواقع 6 حفلات أسبوعياً، و600 شخص يومياً".

وقال: "هناك أزمة في التعبير عن الواقع الذي يعانيه لبنان حالياً من خلال المسرح، فالحياة هنا صارت قاسية جداً لا يكفيها حتى 700 مسرحية، فالحقيقة سبقت التعبير الفني بخطوات كثيرة، إذ إنني أقدّم مسرحاً سياسياً لأحداث عاصرها لبنان في الثمانينات".

وأوضح أن "الأزمة السياسية الحالية لا نستطيع التعبير عنها في المسرح قبل عام 2030، حتى نترجمها فنياً بنضج وعمق ووضوح".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات