محاكمة مسؤول إيراني بالسويد قد تكشف دور الرئيس في "لجنة الموت"

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي خلال مؤتمر صحافي في طهران - 21 يونيو 2021 - REUTERS
الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي خلال مؤتمر صحافي في طهران - 21 يونيو 2021 - REUTERS
دبي- الشرق

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن محاكمة السويد مسؤولاً إيرانياً سابقاً في قضية "إعدامات جماعية" بحق معارضين عام 1988 ربما تكشف أدلة جديدة بشأن دور الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي في القضية، ما قد "يصعب الأمور" بالنسبة له على الصعيد الدولي، في الوقت الذي تطالب أسر الضحايا وجماعات حقوقية بمحاسبة المتورطين.

وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن القضية ربما يترتب عليها بعض "التداعيات العامة والانعكاسات الخطيرة بشكل ملموس" على الرئيس الإيراني المنتخب، الذي ساعد في اتخاذ قرار بشأن السجناء الذين عاشوا أو ماتوا أثناء عمليات الإعدام الجماعية، وقد تُلقي محاكمة السويد مزيداً من الضوء على دوره.

والثلاثاء، أعلنت السلطات القضائية السويدية أنها ستحاكم بدءاً من 10 أغسطس مسؤولاً إيرانياً سابقاً بتهمة الضلوع في عمليات "إعدام جماعية" طالت معارضين، أمر بها في صيف 1988 الخميني مؤسس الجمهورية الإيرانية. 

وبحسب القرار الاتهامي، يُلاحق حميد نوري (60 عاماً) الذي كان يشغل آنذاك منصب نائب المدعي العام في سجن "كوهردشت" في مدينة كرج الإيرانية، لارتكابه "جرائم حرب" و"جرائم قتل"، بموجب الاختصاص العالمي للقضاء السويدي في هذه التهم.

الولاية القضائية العالمية

ووفقاً للصحيفة، يُلاحق نوري في السويد بموجب ما يعرف بمبدأ الولاية القضائية العالمية، وهو مبدأ من مبادئ القانون الدولي يسمح نظرياً لأي محكمة وطنية بإصدار حكم على متهمين في جرائم بشعة بغض النظر عن مكان ارتكابها.

ولفتت الصحيفة إلى أن المحاكمة التي من المقرر أن تبدأ في 10 أغسطس المقبل، بعد أقل من أسبوع على تولي رئيسي منصبه في طهران، ويتوقع أن تستمر حتى أبريل المقبل، ربما تهدد بالكشف عن تفاصيل جديدة حول دور رئيسي خلال فترة من التاريخ سعى إلى "التهوين من شأنها أو تجاهلها".

وتمثل عمليات الإعدام الجماعية، بحسب الصحيفة، واحدة من أكثر حملات القمع الوحشية والغامضة التي مارستها طهران ضد خصومها، وأغلبهم من جماعة "مجاهدي خلق"، وتقول جماعات حقوقية دولية إنها ترقى إلى "جرائم ضد الإنسانية".

"أوامر" الخميني

تقول منظمة "العفو الدولية" وجماعات حقوقية أخرى إن ما يقدر بنحو 5 آلاف سجين ينتمون إلى المعارضة المسلحة وجماعات يسارية في إيران، أُعدموا صيف عام 1988. وتطالب "العفو الدولية" بإجراء تحقيق رسمي في ماضي رئيسي.

"نيويورك تايمز" أفادت بأن الرئيس الإيراني الذي يبلغ من العمر 60 عاماً كان عضواً في لجنة مؤلفة من أربعة أشخاص استجوبت السجناء، وأصدرت أوامر الإعدام. وقال رئيسي، إنه كان يتصرف بناء على توجيهات من الأب المؤسس الخميني الذي أمر بتشكيل لجنة لتسهيل عمليات الإعدام.

ولفتت إلى أن الادعاءات المتعلقة بعمل رئيسي في تلك اللجنة ألقت بظلالها على صعوده في التسلسل الهرمي للقيادة في إيران، إذ كان يشغل منصب رئيس السلطة القضائية قبل انتخابات يونيو الماضي التي "قفزت به" إلى منصب الرئاسة. 

وعلى الرغم من أن رئيسي سيتمتع بالحصانة الدبلوماسية إذا سافر إلى الخارج بصفته رئيس البلاد، إلا أن قضية السويد يمكن، على أقل تقدير، أن تواجهه بمسائل مزعجة في الوقت الذي يستعد للتعامل مع العالم.

عقوبات أميركية

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة أدرجت رئيسي على قائمة العقوبات منذ عامين على خلفية انتهاكات لحقوق الإنسان، إلا أنها ملزمة بمنحه تأشيرة كبلد مضيف للأمم المتحدة، إذا رغب في حضور اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك سبتمبر المقبل. 

مع ذلك، طلب 6 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين من الرئيس الأميركي جو بايدن رفض منح رئيسي ومسؤولين إيرانيين كبار آخرين تأشيرات لحضور هذا التجمع، وهو أكبر ساحة دبلوماسية في العالم.

في المقابل، قالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة على لسان متحدث باسمها، إنه ليس لديها تعليق بشأن المحاكمة في السويد، وإن خطط سفر رئيسي إلى الجمعية العامة لا تزال غير واضحة بسبب جائحة كورونا، لكن من المقرر أن يتحدث رئيسي في الفعالية، سواء شخصياً أو افتراضياً.

"لجنة الموت"

ورجحت الصحيفة أن الملاحقة القضائية لنوري قد تجعله أول متهم إيراني في محاكمة جنائية تستند إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية.

ونقلت عن خبراء قانونيين قولهم إن مسؤولين وعملاء إيرانيين أدينوا في ألمانيا وفرنسا، ومؤخراً بلجيكا، بتهم اغتيالات ومؤامرات متعلقة بالإرهاب داخل تلك البلدان، إلا أنهم لم يدانوا قط بجرائم ارتكبت داخل إيران.

من جهته، قال شادي صدر، محامي حقوق الإنسان البارز في لندن: "المحاكمة مهمة للغاية للحيلولة دون استمرار الإفلات من العقاب في إيران وأماكن أخرى للمسؤولين المتهمين بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان".

وأظهرت تحقيقات جماعات حقوقية في واشنطن أن نوري المعروف بالاسم المستعار حميد عباسي، كان اليد اليمنى لنائب المدعي العام لسجن جوهاردشت. ولعب نوري وأمثاله دوراً فعالاً في استجواب السجناء، وإعداد قائمة بالأسماء لعرضها على ما كان يسمى بـ"لجنة الموت"، ثم مرافقة السجناء المدرجين في القائمة من زنازينهم معصوبي الأعين إلى غرفة اللجنة، حيث استجوبهم أعضاء من بينهم رئيسي.

ونوري مستهدف حالياً بنحو ثلاثين شكوى من جانب أطراف مدنيين هم ضحايا أو شهود أو أقرباء ضحايا. وقد أوقف في نوفمبر 2019 في مطار ستوكهولم أرلاندا الدولي أثناء زيارته السويد حيث يخضع مذاك للحجز المؤقت، بحسب وكالة "فرانس برس".

ونُفذت عمليات الإعدام الجماعية في سجن إيفين بطهران وفي سجن جوهاردشت في كرج، على بعد نحو 12 ميلاً غربي طهران. في جوهاردشت، شُنق المدانون على أنابيب في منطقة مجاورة تُعرف باسم "الحسينية"، تُستخدم عادة في الاحتفالات الدينية والصلاة. ودُفنت الجثث في مقابر جماعية بأماكن سرية.

اقرأ أيضاً: