قالت الولايات المتحدة إن منطاد التجسس الصيني، الذي اجتاز الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، جزء من أسطول مراقبة عالمي يديره الجيش الصيني وإنه قادر على التقاط الاتصالات الإلكترونية، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
وذكرت الصحيفة أن وثيقة لوزارة الخارجية الأميركية قالت إن الجيش الأميركي أرسل طائرات تجسس من طراز U-2 تعود إلى حقبة الحرب الباردة لتتبع ودراسة المنطاد قبل أن تسقطه طائرة مقاتلة فوق المحيط الأطلسي، السبت.
وقالت إدارة الرئيس جو بايدن إن مناطيد التجسس الصينية طارت فوق أكثر من 40 دولة عبر القارات الخمس، ويبدو أنها من صنع شركة واحدة أو أكثر تبيع المنتجات رسمياً للجيش الصيني.
والتقطت طائرات الاستطلاع الأميركية صوراً للمنطاد وهو لا يزال في الجو، وقالت وزارة الخارجية إن معداتها المرئية، والتي تضمنت هوائيات، "كانت بوضوح للمراقبة الاستخباراتية وتتعارض مع المعدات الموجودة على متن بالونات الطقس"، خلافاً لتأكيد الحكومة الصينية أن المنطاد كان آلة أرصاد جوية مدنية انحرفت عن مسارها.
ويقوم محققون من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالات أخرى بفحص الحطام الذي سحبته البحرية الأميركية من المياه الضحلة قبالة ساحل ساوث كارولينا.
وقال مسؤولو مكتب التحقيقات الفيدرالي، الخميس، إنهم يقومون بتحليل المواد من جسم المنطاد والأسلاك وكميات صغيرة من الأجهزة الإلكترونية التي عثر عليها تطفو على الماء، وكلها من الحطام الذي تم تسليمه ابتداء من يوم الاثنين.
وأضاف المسؤولون أن المحققين يعتقدون أن الجزء الأكبر من الأجهزة الإلكترونية متناثر في قاع المحيط.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين قولهم إن معرفة أنواع معلومات الاتصالات، التي يمكن أن يجمعها المنطاد بالضبط، هو أولوية قصوى، لكنهم قالوا إنهم لم يعثروا على أي دليل يشير إلى أن البالون يمكن أن يحمل أسلحة.
وقال مسؤولون أمريكيون إن المحققين يبحثون أيضاً لمعرفة ما إذا كان أي من معدات البالون يستخدم تكنولوجيا من شركات أميريكية أو غربية أخرى، ويمكن لأي اكتشاف من هذا القبيل أن يدفع إدارة بايدن إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لضمان عدم قيام الشركات بتصدير التكنولوجيا إلى الصين التي يمكن أن تستخدمها الوكالات العسكرية والأمنية في البلاد.
تجسس عسكري
وقال مسؤولون أميركيون إن مناطيد التجسس الصينية تعد "جزءاً" من جهود مراقبة عالمية تهدف بكين من خلالها إلى جمع معلومات عن القدرات العسكرية للدول في جميع أنحاء العالم.
ويعتقد المسؤولون أن رحلات المناطيد تشكل "جزءاً" من جهود الصين لصقل قدرة بكين على جمع البيانات الخاصة بالقواعد العسكرية الأميركية، والتي تحظى بالقدر الأكبر من الاهتمام الصيني، فضلاً عن القواعد العسكرية الخاصة بالدول الأخرى، حال نشوب صراع أو تصاعد التوترات.
وأوضح المسؤولون أن برنامج المناطيد يعمل من عدة مواقع داخل الصين، لافتين إلى أن المناطيد تتمتع ببعض المميزات مقارنة بالأقمار الاصطناعية التي تدور حول الأرض في أنماط منتظمة.
وتحلق المناطيد على مسافة أقرب إلى الأرض، وتنجرف مع أنماط الرياح، التي لا تستطيع الجيوش والوكالات الاستخباراتية التنبؤ بها، على عكس المدارات الثابتة للأقمار الاصطناعية، فضلاً عن قدرتها على تجنب أجهزة الرادار.
وأضافوا أن المناطيد يمكنها أيضاً التوقف في الجو، فيما تكون الأقمار الاصطناعية في حالة حركة مستمرة. وتستطيع الكاميرات البسيطة التي تحملها المناطيد التقاط صور بدرجة وضوح تفوق تلك التي تنتجها الأقمار الاصطناعية المدارية، كما يمكن للمناطيد التقاط إشارات لا تصل إلى ارتفاع الأقمار الاصطناعية.
أميركا ليست الوحيدة
وفي مؤتمر صحافي، عُقد الأربعاء، قال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)، الجنرال باتريك رايدر، إنه خلال السنوات الماضية "تم رصد مناطيد صينية تحلق فوق أميركا اللاتينية وأميركا الجنوبية وجنوب شرقي آسيا وشرق آسيا وأوروبا"، مضيفاً أن "هذا ما نقيمه كجزء من برنامج صيني أكبر لمناطيد المراقبة".
وفي مؤتمر صحافي عُقد في واشنطن مؤخراً، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن وزارة الخارجية "شاركت معلومات عن برنامج مناطيد التجسس الصيني مع عشرات الدول"، سواء خلال اجتماعات في واشنطن أو عبر السفارات الأميركية في الخارج.
وقال: "نفعل ذلك لأن الولايات المتحدة ليست الهدف الوحيد من هذا البرنامج الأوسع نطاقاً، والذي انتهك سيادة الدول في قارات العالم الخمس".
من جانبها، نشرت صحيفة "واشنطن بوست"، في تقرير نشر الثلاثاء، تفاصيلاً حول برنامج المراقبة الصيني، تضمنت عدة جوانب بينها، أنه يعمل جزئياً انطلاقاً من الجزيرة الرئيسية لمقاطعة هاينان قبالة الساحل الجنوبي الصيني.
وأصبحت المناطيد، جزءاً صغيراً، لكنه نشط، من تلك الاستراتيجية، إذ تمتلك الجامعة الوطنية لتكنولوجيا الدفاع بالصين فريقاً من الباحثين الذين يدرسون ما يطرأ على مجال المناطيد من تطورات.
وفي عام 2020، نشرت صحيفة "جيش التحرير الشعبي" مقالاً يصف كيف أصبح الفضاء القريب "ساحة جديدة في الحرب الحديثة".
"تقرير سري"
وقال جون كولفر، وهو ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي أي إيه"، لـ"نيويورك تايمز"، إنه في عهد إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب تم تصنيف بعض المناطيد بشكل أولي على أنها "ظواهر جوية مجهولة" أو "أجسام طائرة مجهولة".
وأضاف أن "البيانات التي تجمعها المناطيد التي تحلق فوق الولايات المتحدة أو حلفائنا وشركائنا في غرب المحيط الهادئ قد تكون أيضاً ذات قيمة لقوات الصواريخ الصينية لتوسيع وتعزيز معرفتهم بالأهداف وبالأحوال الجوية".
وأفادت الصحيفة بأن التقرير السري الذي قدمته الأجهزة الاستخباراتية إلى الكونجرس، الشهر الماضي، سلط الضوء على "حالتين على الأقل" لاستخدام قوة أجنبية لتكنولوجيا متقدمة فوق القواعد العسكرية الأميركية، إحداهما داخل الولايات المتحدة والأخرى خارجها.
وقال المسؤولون إن التقرير "حدد الصين باعتبارها هذه القوة الأجنبية"، ففي الولايات المتحدة تم رصد "ما لا يقل عن 5 مناطيد تجسس"، بينها 3 مناطيد خلال إدارة ترمب، ومنطادين في عهد الإدارة الحالية.