تباينت ردود الفعل بعد إعلان رئيس الحكومة المصرية مصطفي مدبولي، طلب حزمة تمويلية من صندوق النقد الدولي، طبقًا لبرنامج أداة التمويل السريع "RFI" وبرنامج اتفاق الاستعداد الائتماني "SBA"، لتعزيز قدراتها على مواجهة أزمة فيروس "كورونا" المستجد (كوفيد-19).
وتعليقاً على الطلب المصري، أفادت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، في بيان، بأن التمويل الطارئ من خلال "أداة التمويل السريع" سيسمح للحكومة المصرية بـ"معالجة احتياجات ميزان المدفوعات العاجلة ودعم القطاعات الأشد تضرراً وفئات المجتمع الأكثر هشاشة".
وقالت جوروجيفا إنها تتوقع أن يتم عرض طلب الاستفادة من "أداة التمويل السريع" على المجلس التنفيذي للصندوق "في غضون الأسبوعين القادمين".

وكانت جورجييفا قالت في منتصف أبريل: "قررنا استخدام طاقتنا الإقراضية الكاملة: تريليون دولار من أجل دعم البلدان، وخلال شهر أبريل سنوافق على نصف الطلبات الواردة، إذ تقدمت 172 دولة بطلبات تمويل، ووافقنا بالفعل على تمويل 15دولة، قدمنا لها التمويل في وقت قصير".
ونشر صندوق النقد الدولي قائمة بالدول التي طلبت تمويلاً سريعاً، تضمنت دولاً عربية وإفريقية وآسيوية. ومن بين الدول العربية التي سحبت من الخط الائتماني: المغرب وتونس والأردن، كما قدم لبنان أيضا طلباً للسحب.
قرض سابق
وسبق أن حصلت مصر على قرض من صندوق النقد بقيمة 12 مليار دولار على شرائح عدة ولمدة ثلاث سنوات، بدأت في 2016 وكان آخرها العام الماضي. وصاحب هذا القرض تطبيق برنامج إصلاح اقتصادي تم بموجبه تحرير سعر صرف الجنيه المصري، وإعادة هيكلة الدعم الموجه للطاقة.

إجراءات صعبة
وقال الناطق الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري المستشار نادر سعد، لـ"الشرق" إن اتفاق الحكومة المصرية مع صندوق النقد في شأن طلب حزمة مالية جديدة "لا يتضمن أي إجراءات صعبة مثل القرض السابق"، لافتاً إلى أنه في ضوء البرنامج السابق "تم تحرير سعر الطاقة".
وأضاف سعد: "لا يوجد إجراءات جديدة صعبة يشعر بها المواطن المصري، ومعظم الإجراءات المقبلة ستكون مرتبطة بالإصلاح الهيكلي".
تراجع الاحتياطي
وقال المستشار السابق لصندوق النقد الدولي فخري الفقي إن "الاقتصاد المصري تأثر بشكل كبير نتيجة انتشار فيروس كورونا، خصوصاً في ظل توقف أنشطة السياحة والطيران، ما أدى إلى إغلاق مجالات عدة حماية لأرواح المواطنين".
وأكد الفقي لـ"الشرق"، أن "احتياط النقد الأجنبي في مصر انخفض من 45.5 مليار دولار إلى 40.4 مليار دولار خلال شهر مارس، فى ظل انتشار فيروس كورونا، ما يعني أنه تراجع بنسبة 5.1 مليار دولار، وذلك بسبب توجيه هذه المبالغ لتوفير السلع الأساسية و سداد أقساط الديون".

وأوضح أن القرض الذي طلبته مصر من صندوق النقد الدولي جاء "نتيجة قصور الموارد الدولارية من السياحة والنقد الأجنبي ولمواجهة آثار فيروس كورونا. وبالتالي، كانت مصر في حاجة إلى تمويل من صندوق النقد".
وأشار إلى أن الحكومة "ستدرس حجم القرض الذي ستحصل عليه من صندوق النقد، وفقاً لاحتياجاتها خلال الفترة الحالية، وذلك لتلافي التداعيات السلبية لفيروس كورونا".
وأكد أن "القرض السابق الذي حصلت عليه مصر من صندوق النقد،ةكان يستهدف علاج اختلال مالي في الموازنة العامة وميزان المدفوعات وسعر الصرف والاحتياطي النقدي الأجنبي، حتى يستقر سعر الصرف ويزيد حجم الاحتياطي. أما القرض الحالي".
مخاطر حقيقية
وطالبت عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان الدكتورة بسنت فهمي رئيس الوزراء بـ"تحديد الغرض من طلب مصر دعماً مالياً من صندوق النقد الدولي"، مشددة على "ضرورة تحديد كيفية السداد".
وأشارت فهمي إلى أن "أي إجراءات ستتخذها الحكومة، لن تكون إجراءات تقشفية جديدة على المواطن المصري، ولكنها تهدف إلى دعم الاقتصاد".

وكشفت فهمي أن هناك 3 مخاطر حقيقية تهدد الاقتصاد في ظل استمرار وجود فيروس "كورونا"، يتمثل الخطر الأول في انخفاض معدل السياحة التي تدر العملة الصعبة لمصر، أما الخطر الثاني فهو توقف إيرادات المصريين في الخارج، والخطر الثالث يتمثل في ضعف إيرادات قناة السويس.
واقترحت حلاً بديلاً لطلب مصر دعماً مالياً من صندوق النقد الدولي، وهو أن يتم طرح سندات مالية بالجنيه المصري لمدة 5 سنوات، مثل سندات قناة السويس الجديدة، بحيث يحصل الشعب المصري على نسبة 17 في المئة.
الحل بمزيد من الانتاج
وقالت الخبيرة الاقتصادية الدكتورة هدى الملاح، إنه لو قابل القرض الذي طلبته مصر من صندوق النقد الدولي المزيد من الإنتاج "فلن يكون هناك إجراءات تقشفية جديدة على المواطن، أما إذا حصلت عليه لإقامة مشروعات غير منتجة، فسيصاحب ذلك إجراءات تقشفية بكل تأكيد".
وأشارت الملاح إلى أن "تحديد حجم التمويل المنتظر، سيكون على أساس ما سيتم إنفاقه على هذا القرض".
وأكدت الخبيرة الاقتصادية أن المبادرة التى طرحها رئيس الوزراء للاستفادة من القطاع العام والخاص في التصنيع "إيجابية جداً وتخدم مصر في طلبها للحصول على قرض صندوق النقد، ولكن لا بد أن يصاحبها منح تسهيلات كما ذكر رئيس الوزراء".