هل تستطيع أوروبا الاستغناء عن واردات الطاقة الروسية؟

time reading iconدقائق القراءة - 5
حقل ياركتا النفطي المملوك لشركة "إيركوتسك" في روسيا- 10 مارس 2019 - REUTERS
حقل ياركتا النفطي المملوك لشركة "إيركوتسك" في روسيا- 10 مارس 2019 - REUTERS
باريس-أ ف ب

يستعد الأوروبيون لإدراج الفحم على قائمة العقوبات ضد روسيا، لكن إذا كان يبدو للاتحاد الأوروبي أن من السهل نسبياً الاستغناء عنه وكذلك عن النفط، فإن وقف مشتريات الغاز أكثر حساسية.

وروسيا هي عملاق المحروقات التي مولت عائدات النفط والغاز 45% من ميزانيتها الفيدرالية العام الماضي، بحسب الوكالة الدولية للطاقة.

وطالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الاتحاد الأوروبي بوقف استخدام هذه الطاقة، معتبراً أن موسكو عبر ذلك "لن تمتلك المال بعد الآن لهذه الحرب".

وبحسب الاحصاءات الأميركية حول الطاقة، صدرت روسيا ما يقرب من 5 ملايين برميل يومياً من النفط في عام 2020، نصفها إلى دول أوروبية (لا سيما ألمانيا، هولندا وبولندا).

وقررت الولايات المتحدة وهي منتج كبير للطاقة أيضاً فرض حظر، لكن أوروبا تدرس الأمر في الوقت الحالي فقط بشأن الفحم، قائلة في الوقت نفسه إنها تريد خفض مشترياتها من الغاز الروسي بمعدل الثلثين اعتباراً من هذا العام.

الفحم يمكن استبداله

تمتلك روسيا 15% من الاحتياطي العالمي للفحم، بحسب التقرير السنوي لشركة "بريتيش بتروليوم" عن الطاقة.

وتُشكل إمدادات الفحم الروسي 45% من واردات الاتحاد الأوروبي مع اعتماد بعض الدول عليه بشكل خاص، مثل ألمانيا وبولندا، اللتين تستخدمانه لإنتاج الكهرباء.

ويسود اتجاه في الاتحاد الأوروبي للاستغناء عن الفحم الملوث إذ تراجع الاستهلاك من 1200 إلى 427 مليون طن بين 1990 و 2020، لكن في موازاة ذلك، أغلق الأوروبيون مناجمهم وأصبحوا أكثر اعتماداً على الواردات  كما أكد معهد "بروغل".

وزادت مشتريات الاتحاد الأوروبي من الفحم الروسي من 8 ملايين طن عام 1990 (7% من الواردات) إلى 43 مليوناً في 2020 (54%)، لكن ألمانيا تخطط للتخلي عن الفحم الروسي اعتباراً من هذا الخريف.

واعتبر معهد "بروغل" أن "الفحم الروسي يمكن استبداله لأن أسواق الفحم العالمية مزودة بشكل جيد ومرنة".

والمنتجون الرئيسيون الآخرون هم الولايات المتحدة (17.5% من واردات الاتحاد الاوروبي اليوم) وأستراليا (16%) وجنوب إفريقيا وهناك إندونيسيا أيضاً.

النفط.. يمكن التفكير به

تُعتبر روسيا أول مصدر عالمي للنفط، وتوفر أكثر من 25% من واردات النفط للاتحاد الأوروبي بحسب الإحصاءات الأوروبية.

وفي النصف الأول من عام 2021، حصلت بلغاريا وسلوفاكيا والمجر وفنلندا على أكثر من 75% من إمداداتها من روسيا.

ولفت معهد "بروغل" إلى أنه في "المبدأ، سيكون استبدال النفط الروسي أكثر سهولة مما هو بالنسبة للغاز" لأن الواردات تصل عبر السفن وليس عبر بنى تحتية ثابتة مثل أنابيب الغاز.

وتطرق خبراء أيضاً إلى ظاهرة محتملة وهي نقل البراميل الروسية في نهاية المطاف إلى الصين، لتحل محل البراميل من الشرق الأوسط التي ستصبح متاحة لأوروبا.

لكن روسيا تُصدّر أيضاً 1.5 مليون برميل يومياً من الديزل الذي تحبذه أوروبا.

وحذرت باربرا بومبيلي وزيرة التحول البيئي في فرنسا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي من أن "هذا سيطرح مشكلة حقيقية للديزل".

وفي حال فُرض حظر سيكون من الضروري إيجاد مصادر أخرى للديزل بالإضافة إلى النفط الخام، فعلى سبيل المثال، تُخطط شركة "توتال إينرجي" لاستيراده من مصفاتها في السعودية.

الغاز.. استبداله خيار مكلف

تُصدر روسيا الغاز مباشرة إلى أوروبا من خلال شبكة أنابيب تنقل 155 مليار متر مكعب سنوياً، وتُمثل 45% من واردات الاتحاد الأوروبي وحوالي 40% من استهلاكه.

وتثير مسألة فرض حظر محتمل على واردات الغاز الروسي انقساماً في صفوف الدول الأوروبية، لأن البعض يعتمد عليه كثيراً، لا سيما ألمانيا التي تستورد 55% من احتياجاتها من الغاز من روسيا.

وقال وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر، الاثنين، إن "شحنات الغاز الروسي ليست قابلة للاستبدال، وإن وقفها سيضرنا أكثر مما يضر روسيا".

وبحسب "يوروستات"، فإن 10 دول هي (بلغاريا والتشيك وإستونيا ولاتفيا والمجر والنمسا ورومانيا وسلوفينيا وسلوفاكيا وفنلندا) كانت تعتمد بأكثر من 75% على الغاز الروسي العام الماضي.

وتوقفت دول البلطيق في مطلع أبريل عن استيراد الغاز الروسي، وتستخدم احتياطياتها لكن من خلال حرمان نفسها منه تماماً، ستواجه أوروبا صعوبة في ملء مخزونها لفصل الشتاء المقبل.

ويشير خبراء الى أن التحول إلى موردين آخرين للحصول على الغاز الطبيعي المسال الذي يصل عبر السفن، سيعوض فقط جزئياً، لكن يجب أيضاً خفض الاستهلاك عن طريق الحد من إنتاج بعض الصناعات على سبيل المثال.

وبحسب تقديرات مجلس التحليل الاقتصادي الفرنسي، فإن فرض حظر على الطاقة الروسية، بما يشمل الغاز، سيكلف ألمانيا ما بين 0.3% و3% من إجمالي ناتجها الداخلي.

وأضاف: "ويمكن أن تشهد ليتوانيا وبلغاريا وسلوفاكيا وفنلندا وتشيك انخفاضاً في العائدات الوطنية يتراوح بين 1 و 5%".

تصنيفات