لاقت التجربة الدرامية الأولى للمخرج المصري خالد يوسف، والتي تحمل اسم "سره الباتع" انقسامات واسعة بين الجمهور عبر منصات التواصل الاجتماعي، بالتزامن مع انطلاق عرضه في بداية موسم دراما رمضان الحالي، إذ حمّله البعض الكثير من الانتقادات، ورصد عدد من الأخطاء، فيما أشاد آخرون بفكرة عودة المسلسلات التاريخية من جديد.
وأكد خالد يوسف، أنه كان متوقعاً للهجوم الذي تعرض له "سره الباتع"، وهو الأمر الذي اعتاد عليه في كل عمل فني يُقدمه، قائلاً إنّ: "المسلسل تجربة فنية شديدة الاحترام والخصوصية، وستبقى خالدة مهما حاول البعض التقليل منها، فقد صُنعت العمل بشكلٍ مميز، ولا أنظر لما يتردد من تفاهات على مواقع التواصل الاجتماعي".
ورأى خالد أنّ "كثير من الانتقادات ليست في محلها، خاصة وأنّ العمل ليس تأريخاً لفترة وجود نابليون في مصر، أو فيلماً تسجيلياً، فالمؤرخين ومعاهد البحث العلمي هم أصحاب الاختصاص في ذلك، بينما أنا أقدم رؤيتي تجاه تلك الفترة من خلال مسلسل تلفزيوني".
"سره الباتع" مأخوذ عن قصة تحمل الاسم ذاته للكاتب الراحل يوسف إدريس، وهو العمل الذي يرصد تصدي المصريين للحملة الفرنسية على مصر، وربطها بما حدث في مصر في الفترة المعاصرة، منذ ثورة يناير.
ويُشارك في بطولة المسلسل، أحمد فهمي، وأحمد صلاح السعدني، وحسين فهمي، وأحمد عبد العزيز، وحنان مطاوع، ومنة فضالي، وهالة صدقي، وريم مصطفى، وخالد الصاوي وصلاح عبد الله.
معالجة جديدة
وأرجع المخرج خالد يوسف، خلال حواره مع "الشرق"، أسباب تقديم "سره الباتع" في عملٍ تلفزيوني وليس فيلم سينمائي، موضحاً أنّ "التيمة الخاصة بالفكرة عريضة، والمعالجة الجديدة للقصة لا تسمح بتقديمها في فيلم الذي لا تتجاوز مدته ساعتين، خاصة وأنني أقدم عصرين مختلفين".
وأوضح أنّ "القصة تحمل مضموناً هاماً، وهو أن إرادة المصريين قادرة على جعل أجسامهم تفرز أكسيراً سحرياً قادراً على صُنع المعجزات، وهناك ما يؤكد وجهة نظري، مثل حرب أكتوبر، وثورتي 25 يناير و30 يونيو، وهذا واضح في المسلسل عندما تجمعت إرادة المصريين ضد الاحتلال الفرنسي".
وأعرب عن آماله بأنّ ينجح هذا المسلسل في التأثير في وجدان الجمهور، وهو الأمر الذي قد يستغرق وقتاً طويلاً، متابعاً أنّ "العمل يُخاطب الوجدان لا العقل، وبالتالي تأثيره سيمتد لأجيال عديدة، وسوف يُزيد هذا العمل من انتماء واعتزاز المصريين بوطنهم ونضالهم، وأعتقد أنّ شخصية السلطان حامد ستؤثر في قطاعات كثيرة من الشباب، باعتباره نموذجاً ملهماً، إذ أنّ الهدف من المسلسل وطني وليس سياسياً".
كواليس التحضير
وكشف خالد يوسف، كواليس فترة تحضيرات المسلسل، موضحاً أنها استغرقت 6 شهور فقط، معتبراً ذلك بمثابة "معجزة فنية"، خاصة وأنّ العمل يُعتبر مسلسلين في آنٍ واحد، الأول في العصر الحديث، والثاني تاريخي وقت الحملة الفرنسية.
وحول كتابته السيناريو، أكد أن "هذا الأمر ليس جديداً عليّ نهائياً، ومعظم أفلامي شاركت في كتابة السيناريو الخاص بها"، لافتاً إلى أنه كان متحمساً لتقديم "سره الباتع"، وحصل على حقوق القصة كاملة منذ عام 2009، إلا أن المشروع تأجل طوال الـ14 عاماً الماضية بسبب ظروف مختلفة، "أعتقد أنّ الأحداث التي شهدتها مصر طوال السنوات الماضية زادت من إصراري بضرورة تقديمها".
الأفضل عالمياً
ورد خالد يوسف على الانتقادات التي طالت اختياره للفنان أيمن الشيوي، لتجسيد شخصية "نابليون" كون المواصفات الشكلية مختلفة تماماً من وجهة نظر البعض "ليس من حق أحد، انتقاد اختياري لممثل لمجرد اختلافه من الناحية الشكلية، لكن يجب أن يكون الحديث عن الأداء التمثيلي له".
وأشار إلى أنّ "كل الفنانين الذين جسدوا شخصية نابليون في الأعمال الأجنبية، أعمارهم تجاوزت الـ40 رغم أنّ نابليون كان في عمر الـ29 وقتها، وشكلهم مُختلف تماماً عن الشخصية الرئيسية، حتى الفيلم الجديد المُرتقب عرضه لـ ريدلي سكوت، فجميعهم ليسوا الأقرب من حيث الشكل والطول والسن"، معتبراً أنّ "أيمن الشيوي هو الأنسب لتجسيد هذا الدور من بين الفنانين على مستوى العالم".
وحول الجدل الذي أثير على منصات التواصل الاجتماعي، بسبب الظهور اللافت للممثلة التونسية رانيا التومي، أكد أنّ "ذلك كان مقصوداً وتوقعت الجدل مُسبقاً، لكن ظهورها بهذا الشكل مُرتبط درامياً بطبيعة دورها، حيث تُقدم شخصية عضوة في عصابة دولية ترغب في سرقة سلاح نابليون، وبعدما تفشل في ذلك، تُقرر سرقة الآثار من عمرو عبد الجليل "مسعود العمروسي"، وهو الشخص الذي جاء من الريف، وبالتالي الشخصية التي تغويه، ينبغي أن يكون بها قدر من الأنوثة والإغراء، حتى يقع في حبها".
وأبدى دهشته من انتقاده كونه أسند لها الدور دون أي ممثلة مصرية أخرى، موضحاً أنها تُجيد الفرنسية بطلاقة، وتمتلك قدراً من الأنوثة، كما أنها تمتلك مهارة تمثيلية عالية، لافتاً إلى أنّ "عدد الممثلات المصريات اللواتي يتحدثن الفرنسية قليل جداً، ولن يقبلن بالدور بسبب صغر المساحة، لذلك أستعنت بممثلة من المغرب العربي".
أزمة راجح داوود
وأشار خالد يوسف، إلى أزمة الموسيقار راجح داوود الخاصة بالموسيقى التصويرية للمسلسل، قائلاً إنه لم يكن هناك داعٍ لتقديم شكوى ضده في نقابة المهن السينمائية، خلال الأيام الماضية، خاصة وأنّ: "راجح أصدر بياناً صحافياً استعرض فيه الحقيقة كاملة، وصرح بأن هناك جملاً موسيقية ليست من تأليفه، فهو كان يخشى من اعتقاد الجمهور بأنها من تأليفه كون اسمه موجوداً على التتر، وأنا لم أغضب منه واحترمت كل كلمة كتبها".
وحول الانتقادات التي طالته، بأنه تجاوز حدوده كمُخرج، بتطويره الموسيقى التصويرية للمسلسل، دون العودة إلى مؤلفها، قائلاً: "لم أتجاوز في حق أحد، وعملت الصواب من وجهة نظري، وهذا حقي بنسبة 100%، وإذا صدر منّي تجاوز مهني أو قانوني، عليه تقديم شكوى ضدي لأي جهة، وكل الموسيقى التي استعنت بها، ذكرت مصادرها في التتر، وحصلت عليها بشكلٍ قانوني، والحقوق الأدبية والمالية محفوظة".
وأضاف أنه تواصل مع راجح داوود، بعدما اكتشف أنّ هناك مقطوعات موسيقية غير مناسبة لبعض المشاهد، ورد عليه بقوله: "لا أستطع تنفيذ 16 ساعة موسيقى لمسلسل"، مؤكداً "إذا كانت لدىّ موسيقى كافية من راجح، فلم أكلن أستعن بموسيقى عالمية أو من أفلامي القديمة، فكنت أرغب أن تكون الموسيقى أصلية".
اقرأ أيضاً: