
أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين، أن الطائرتين المسيرتين الإيرانيتين اللتين أسقطتهما المقاتلات الأميركية الشهر الماضي فوق العراق، كانتا مُعدتين لاستهداف إسرائيل، وذلك وسط خلاف بين تل أبيب وواشنطن بشأن الاتفاق النووي مع طهران.
وذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أن الطائرتين المسيرتين اللتين أسقطتهما قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بالقرب من أربيل عاصمة إقليم كردستان بالعراق، كانتا من طراز "شاهد-136".
ويأتي التأكيد على هذه التقارير بعد شهر من إعلان سلاح الجو الإسرائيلي عن إسقاط مُسيرتين إيرانيتين من طراز "شاهد-197" العام الماضي بواسطة مقاتلات من طراز "إف-35 آي"، والتي تُعد جزءاً من السرب 140، المعروف باسم "النسر الذهبي"، والسرب 116، المعروف باسم "أسود الجنوب".
وتم رصد الطائرة المُسيرة الأولى، التي كانت تحلق باتجاه إسرائيل من الجنوب، في الساعة 1:44 صباحاً تقريباً، وأُسقطت في الساعة 2:19 صباحاً. بينما رُصدت الثانية، التي كانت تحلق باتجاه إسرائيل من الشرق، الساعة 1:46 صباحاً، وأُسقطت في الساعة 2:16 صباحاً.
وقالت الصحيفة إنه على الرغم من عدم تمكن الجيش الإسرائيلي من توضيح المكان الذي أُطلقت منه الطائرات المُسيرة بالتحديد، تمكنت وحدات المراقبة الأرضية التابعة للجيش من رصد الطائرات المُسيرة وتعقب مسار تحليقها، كما تم جمع قطع المُسيرتين وتوثيقها، ومشاركتها مع الجيش الإسرائيلي من قبل دول في المنطقة.
وذكر الجيش الإسرائيلي أن المُسيرتين تم اعتراضهما قبل دخولهما المجال الجوي الإسرائيلي، بالتنسيق مع الدول المُجاورة، ولكنه لم يذكر أسماء الدول بسبب المخاوف الأمنية.
أسلحة لقطاع غزة
وفي مارس 2021، أطلقت طائرات "الشبح" الإسرائيلية الصواريخ على طائرات مُسيرة كانت تنقل الأسلحة إلى قطاع غزة، وهي أول مرة يتم فيها إسقاط طائرات مُسيرة بواسطة مقاتلات في العالم.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن طهران كانت تحاول اختبار إمكانية تهريب المعدات العسكرية إلى غزة بواسطة الطائرات المسيرة، وكذلك إمكانية تهريب أسلحة أكبر بنفس الطريقة مستقبلاً في حال نجاح التجربة.
وبحسب تل أبيب، فإن إيران تطلق الطائرات المسيرة وأنظمة جوية أخرى غير مأهولة نحو إسرائيل منذ عام 2018. وأدى تزايد المحاولات إلى وضع التهديد الذي تُشكله هذه الأنظمة ضمن أكبر 5 تهديدات يواجهها سلاح الجو الإسرائيلي.
إسرائيل والاتفاق النووي
وتأتي المواجهات العسكرية "الخفية" بين الجانبين الإسرائيلي والإيراني في العراق وسوريا، في خضم خلاف يدور بين واشنطن وتل أبيب بشأن اقتراب العودة للاتفاق النووي المبرم عام 2015، الذي تعترض عليه إسرائيل، التي تلقت هجمات إلكترونية في الأشهر الأخيرة نسبها خبراء إلى إيران.
وتقول طهران إن هناك "موضوعين" فقط يجب تسويتهما مع واشنطن، هما "الضمانات الاقتصادية" التي تحمي البلاد من العقوبات الدولية، والخلاف بشأن الحرس الثوري الذي تطالب إيران بشطبه من القائمة الأميركية للمجموعات الإرهابية، بحسب مصدر مطلع على الملف.
وحضّت إسرائيل، الجمعة، الولايات المتحدة على عدم شطب الحرس الثوري الايراني من القائمة السوداء "للمنظمات الإرهابية الأجنبية"، متهمة إياه بـ"قتل الآلاف" من الأشخاص.
في السياق، قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إن الانطباع السائد في إسرائيل هو أن إدارة بايدن حريصة على إنهاء الصفقة مع إيران ووقف أنشطتها النووية، من أجل التركيز على قضايا أكثر أهمية كالمنافسة مع الصين والحرب الروسية ضد أوكرانيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أن قدرتهم على التأثير في القرار الأميركي ضعيفة، في ظل رغبة إدارة بايدن بالتوصل إلى اتفاق سريع مع إيران، مضيفة أن البيت الأبيض لم يولِ اهتماماً كبيراً للتحفظات الإسرائيلية في هذا الشأن، كما رفض المفاوضون الأميركيون تشديد مواقفهم رداً على الحجج الإسرائيلية.
وبشأن إمكانية إزالة واشنطن "الحرس الثوري" الإيراني من قائمتها لـ"المنظمات الإرهابية الأجنبية"، أوضحت "هآرتس" أنه من الناحية العملية، سيستمر تطبيق العقوبات على الحرس الثوري بسبب لوائح وزارة التجارة الأميركية، ولكن إسرائيل تعتبر أن إبطال قرار إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب عام 2019 بوضع الحرس الثوري على قائمة الإرهاب، خطوة "رمزية مقلقة"، مشيرةً إلى "حرص واشنطن على تخليص نفسها من مشكلة إيران بأي ثمن".
ولفتت الصحيفة إلى أن إسرائيل تأمل ألا تشمل الصفقة إسقاط "القضايا المفتوحة" للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي تشتبه بوجود انتهاكات في عدة مواقع إيرانية نووية.
وأجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت محادثات عدة بشأن هذه المسألة مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي، إذ يعتقد بينيت أن إبقاء التحقيقات مستمرة من الممكن أن يكون وسيلة ضغط من المجتمع الدولي لفرض المزيد من المطالب على إيران.
وأشارت "هآرتس" إلى أن إسرائيل "غير راضية" عن الصفقة الوشيكة بين إيران والقوى الكبرى بشأن الاتفاق النووي، لكن الدبلوماسيين يؤكدون "ضرورة الامتناع عن الرد بشكل هستيري".