
وقع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الأربعاء، مذكرات تعاون في عدد من المجالات بين البلدين، على هامش زيارة السيسي إلى الهند لحضور الاحتفالات بيوم الجمهورية.
شملت الاتفاقيات عدة مجالات على رأسها الدفاع، والتصنيع المشترك، والزراعة، والتعليم العالي، وصناعات الكيماويات والأسمدة والأدوية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والأمن السيبراني.
وقال مودي، في مؤتمر صحافي مشترك مع السيسي، إن "التنسيق الاستراتيجي مع مصر مفيد للسلام والازدهار في المنطقة بأكملها"، مشدداً على ضرورة رفع مستوى الشراكة الاستراتيجية.
وأضاف: "قررنا خلال المباحثات مع السيسي رفع مستوى التعاون بين البلدين والشراكة الاستراتيجية"، مشيراً إلى أنه سيتم تطوير خطة طويلة الأمد وأكثر شمولاً للتعاون في المجالات السياسية والدفاعية والاقتصادية والعلمية.
تبادل تجاري
وأشار مودي إلى أنه قرر مع الرئيس السيسي رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 12 مليار دولار سنوياً خلال السنوات الـ5 المقبلة.
من جانبه قال السيسي: "استعرضنا خلال المباحثات ما وصلت إليه العلاقات بين البلدين في المجالين التجاري والاستثماري، حيث أكدنا مواصلة العمل لزيادة حجم التبادل التجاري، وتعظيم الاستفادة المشتركة من القدرات والمزايا الإنتاجية والتصديرية للبلدين كي نستجيب للأولويات الاقتصادية والاجتماعية للشعبين المصري والهندي"، بحسب بيان المتحدث الرسمي للرئاسة المصرية.
فرص استثمارية
وأضاف: "أوضحتُ لرئيس الوزراء الفرص والحوافز والمزايا الاستثمارية المتاحة في مصر، والإجراءات التي تتّخذها الحكومة لتحفيز الاستثمار الخارجي، وأعربتُ له عن تطلعنا إلى زيادة الاستثمارات الهندية في مصر في مختلف المجالات، لا سيما في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، خاصةً بعد ما لمسناه من عزم لدى الشركات الهندية العاملة في مصر على مواصلة تعزيز تواجدها، وما أبدته شركات هندية متخصصة في مجالات واعدة من اهتمام بضخ استثماراتها في مصر"، بحسب بيان المتحدث.
وتابع السيسي: "اتفقُّت رؤانا على تعظيم التعاون القائم في المجالات المختلفة، والانطلاق نحو شراكات في مجالات جديدة، من بينها التعاون في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، خاصةً إنتاج الهيدروجين الأخضر، واتفقنا أيضاً على تعزيز التعاون الاستراتيجي بيننا في عدة مجالات أخرى، وعلى رأسها الزراعة، والتعليم العالي، وصناعات الكيماويات والأسمدة والأدوية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والأمن السيبراني".
وأكد أن "التعاون في مجال الدفاع كان على جدول أعمال المباحثات، فتعزيز التعاون في ذلك المجال خيرُ بُرهان على الإرادة المشتركة لتدشين علاقة استراتيجية بين البلدين، إذ أكدنا مواصلة التنسيق، والتدريبات المشتركة، وتبادل الخبرات، والعمل على استشراف آفاق إضافية لتعميق التعاون في ذلك المجال، بما في ذلك التصنيع المشترك".
وقالت مصادر لـ"الشرق" إن التعاون العسكري كان حاضراً بقوة خلال الزيارة، موضحين أن مصر بصدد شراء معدات عسكرية من الهند، كما بحثت الزيارة التعاون في التصنيع العسكري، متوقعة ألا تعلن مصر عن تفاصيل الجزء العسكري في الوقت الحالي.
لقاء كبرى الشركات
وشارك السيسى في اجتماع موسع لرؤساء كبرى الشركات الهندية ورجال الأعمال في الهند، بحضور بيوش جويال وزير التجارة والصناعة الهندي، وعدد من كبار المسئولين وممثلي الجهات الحكومية المعنية المختلفة وكبرى الاتحادات والغرف التجارية والصناعية في الهند، بحضور وزراء الخارجية، والكهرباء، والتخطيط، والاتصالات المصريين، بحسب المتحدث.
وأكد السيسي حرص مصر على المزيد من تطوير علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري مع الشركات الهندية وتنمية الاستثمارات المشتركة للمساهمة في دعم مسيرة التنمية الاقتصادية في مصر، في إطار من العمل المشترك لتعظيم المصالح المتبادلة والاستغلال الأمثل للفرص المتاحة، موضحاً ما توفره المشروعات العملاقة الجاري تنفيذها فى مصر من فرص استثمارية متنوعة، وفى مقدمتها محور تنمية منطقة قناة السويس، والذى يتضمن عدداً من المناطق الصناعية واللوجستية الكبرى، وهو ما يوفر فرصاً واعدة للشركات الهندية الراغبة في الاستفادة من موقع مصر الاستراتيجي، كمركز للإنتاج وإعادة تصدير المنتجات إلى مختلف دول العالم، التي تربطنا بالعديد منها اتفاقيات للتجارة الحرة، لاسيما في المنطقتين العربية والإفريقية.
وبلغ حجم التبادل التجاري غير البترولي بين مصر والهند خلال الـ11 شهراً الأولى من عام 2022 نحو 4.1 مليار دولار منها 723 مليون دولار صادرات مصرية، فيما بلغت قيمة الاستثمارات الهندية في مصر حوالي 3.2 مليار دولار في 52 مشروعاً في مجالات الكيماويات واسود الكربون والتعبئة والتغليف والمنتجات الغذائية والسياحة.
وتعمل نحو 50 شركة هندية في مصر تصل استثماراتها إلى 3.2 مليار دولار في قطاعات عدة منها الكيماويات والطاقة والسيارات وتجارة التجزئة، والملابس، والزراعة وغيرها، وتوفر هذه الشركات بصفة عامة فرص عمل مباشرة لما يقرب من 38 ألف عامل مصري، بحسب بيان للسفارة الهندية بالقاهرة.
حراك عسكري
وشهدت العلاقات العسكرية بين مصر والهند حراكاً كبيراً خلال الفترة الماضية، إذ استقبلت القاهرة، في سبتمبر، وفداً عسكرياً هندياً برئاسة وزير الدفاع راجناث سينج، لبحث سبل تعزيز التعاون العسكري والأمني بين البلدين، بحسب بيان حكومي مصري، أنذاك، فيما زار قائد القوات الجوية المصرية، اللواء محمد عبد الجواد، الهند، بهدف استكشاف معدات الدفاع الهندية.
ونفذت قوات من البلدين مناورات وتدريبات مشتركة في نيودلهي.
وفي أبريل 2021، استقبل السفير الهندي بالقاهرة، أجيت جوبت، وزير الدولة للإنتاج الحربي المصري، محمد مرسي، وبحث الجانبان اتفاقاً لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات مثل التصنيع والنقل، وكذلك الإنتاج الدفاعي، بحسب البيان المصري.
وتسعى القاهرة للحصول على منظومة الصواريخ الهندية BrahMos وهو صاروخ "كروز" طورته الهند وروسيا، وهو ما ترحب به نيودلهي، التي تحاول الظهور كمصدر رئيسي للأسلحة، وفق المصادر.
ثالث اقتصاد عالمي
وعلق الخبير العسكري العميد سمير راغب، على الزيارة بقوله إن مصر والهند من أكبر جيوش العالم وكل منهما تخطو خطوات كبرى في مجال التصنيع العسكري خاصة التشغيل والإنتاج.
وأضاف لـ"الشرق"، أن الهند تتجه لأن يكون لديها دور اقتصادي ضخم ضمن الدول الكبري في الاقتصاديات الضخمة وتسعي لأن تكون الاقتصاد الثالث بعد الولايات المتحدة الصين، ويعتبر التصنيع العسكري أحد أهم الصناعات التي تساعد على نمو اقتصادها بشكل كبير.
وأوضح راغب أن تصنيع الطائرات الخفيفة هدف للدولتين، مدللاً على ذلك بتعديل بعض الطائرات وتطويرها مثل "ميج 23" و"ميج 21"، مشيراً إلى أن اختيار مصر لتكون محطة للصناعات الدفاعية والعسكرية بالتعاون مع الهند مرتبط بالمواقف السياسية، لأنه "من غير المقبول أن أقيم علاقات مع دولة تختلف مواقفها السياسية مع مواقفي سواء في دعم دول راعية للإرهاب وتصدير الأسلحة، فعدم الانحياز أمر غاية في الأهمية للدولتين، ومصر والهند ليس لديهما مواقف سياسية مختلفة، فعلى سبيل المثال موقف الدولتين من الحرب الروسية الأوكرانية متطابق وكذلك القضية الفلسطينية".
زيارة ثالثة
والزيارة هي الثالثة للسيسي الذي سبق أن زار نيودلهي مرتين الأولى في أكتوبر 2015، والثانية في سبتمبر 2016.
ويشمل برنامج الزيارة وفق الجدول الذي اطلعت عليه "الشرق" مباحثات ثانية مع رئيس الوزراء الهندي، يعقبها مؤتمر صحافي مشترك، ثم لقاء مع الرئيسة الهندية دروبادي مورمو.
اقرأ أيضاً: