قالت الصين إنها تسعى لإقامة علاقات وثيقة مع حزب المعارضة الرئيسي في تايوان "كوميتانج"، في وقت تعين بكين تقييم نهجها المتشدد تجاه الجزيرة.
وجاء هذا التصريح على لسان سونج تاو، مدير مكتب شؤون تايوان التابع للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، ومكتب شؤون تايوان التابع لمجلس الدولة، وفق ما أفادت "بلومبرغ".
وقال تاو إن الصين والحزب الشيوعي الصيني الحاكم "على استعداد لتعزيز التبادلات وبناء الثقة المتبادلة مع حزب كوميتانج، والعمل مع الحزب لتعزيز العلاقات بين الحزبين وبين جانبي مضيق تايوان".
يأتي ذلك بالتزامن مع الزيارة المرتقبة لنائب رئيس حزب "كومينتانج" في تايوان أندرو هسيا إلى الصين، الأربعاء، والتي من المقرر أن تستمر 9 أيام، وتشمل زيارة العديد من المدن الصينية، وبينها العاصمة بكين.
وانتقد مجلس شؤون البر الرئيسي في تايوان المحادثات بين بكين وحزب "الكوميتانج" المعارض في تايوان، وقال في بيان إن بكين تتعامل مع المحادثات مع هسيا بطريقة "تضر بكرامتنا السيادية". وأضاف أنه يتعين على بكين "التخلي عن التفكير بالأساليب القسرية تجاه تايوان".
وبحسب "بلومبرغ"، فإن الصين "تتودد لحزب كومينتانج" قبل عام على إجراء الانتخابات الرئاسية المرتقبة في الجزيرة في 2024، نظراً لأن الرئيس الصيني شي جين بينج يعتبر أن خفض التصعيد تجاه تايوان من شأنه أن يساهم في انتخاب زعيم من المعارضة يدعم مبدأ أن تايوان جزء من الصين.
وقد يلتقي هسيا خلال زيارته إلى الصين بعضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي وانج هونينج، المسؤول الرابع في الحزب الشيوعي الحاكم في الصين. وذكرت "بلومبرغ" أنه في حال تم عقد هذا الاجتماع، سيكون ذلك إشارة بارزة على الأولوية القصوى التي توليها الصين لزيارة هسيا.
وقال رئيس "كومينتانج" إيريك تشو، إن زيارة نائبه إلى الصين تهدف إلى "إجراء محادثات مع المسؤولين الصينيين الجدد الذين يتعاملون مع تايوان"، ولمحاولة "حل القضايا المتعلقة بالمنتجات الغذائية".
وقصد تشو بالمسؤولين الصينيين الجدد سونج تاو، الذي تولى أخيراً منصب مدير مكتب شؤون تايوان.
وقالت تشو فنج ليان، المتحدثة باسم مكتب شؤون تايوان التابع لمجلس الدولة الصيني، الأربعاء، إن "سياسة الصين تجاه تايوان ثابتة وواضحة، ولن تتغير حسب الوضع السياسي في تايوان".
وتعهدت بكين بإخضاع تايوان لسيطرتها، حتى ولو احتاج الأمر استخدام القوة.
خفض التصعيد
وبعثت بكين إشارات بشأن رغبتها في خفض التصعيد مع تايوان في الآونة الأخيرة، تزامناً مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في الجزيرة.
وألمحت الحكومة الصينية إلى أنها تعتزم استئناف عمليات الاستيراد من أكثر من 60 شركة أغذية تايوانية، كانت ضمن قائمة المصدرين الذين حظرتهم العام الماضي، في خطوة تمثل تراجعاً عن "عقوبة غير رسمية" استخدمتها الصين لإبداء استيائها من الرئيسة تساي إنج ون، على خلفية بعض الممارسات، مثل تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة.
الباحث المتخصص في السياسة التايوانية والعلاقات عبر المضيق في الجامعة الوطنية الأسترالية ون تي سونج، قال لـ"بلومبرغ"، إنه "مع اقترب بدء الحملات الرئاسية في تايوان، أصبح الوقت ملائماً لبكين لتقليص عقوباتها ضد تايبيه، وإلا فإن هذه العقوبات ستصبح عبئاً كبيراً على السياسيين التايوانيين الذين تربطهم علاقات ودية ببكين"، مضيفاً أن "هذا ما نراه الآن".
انتخابات 2024
وأشارت "بلومبرغ" إلى أن الانتخابات الرئاسية المقررة في تايوان في يناير 2024، تمثل أحد الأسباب التي تدفع ببكين إلى تعديل خطتها من أجل ضمان السيطرة على الجزيرة الخاضعة للحكم الذاتي.
ولفتت إلى أنه لم يعد بمقدور الرئيسة التايوانية تساي إنج الترشح مرة أخرى، بسبب القيود المحدِدة لعدد الفترات الرئاسية في تايوان، ما يفتح المجال أمام مرشحين جدد على رأسهم ويليام لاي، نائب الرئيسة، ليكون مرشح الحزب الديمقرطي التقدمي على مقعد الرئاسة.
وكان لاي قد وصف نفسه باعتباره "العامل السياسي من أجل استقلال تايوان"، وهو الخطاب الذي يثير غضب بكين التي ينتقد مسؤولوها في كثير من الأحيان "الحزب الديمقراطي التقدمي" ويتهمونه بـ"التواطئ" مع الولايات المتحدة، الداعم العسكري الرئيسي لتايوان.
في المقابل، يأتي هو يو إيه، عمدة مدينة تايبيه الجديد، وتيري جو، مؤسس مجموعة "فوكسكون تكنولوجي جروب"، على رأس قائمة مرشحي حزب "كومينتانج" الأوفر حظاً، وفقاً لاستطلاع رأي أجرته قناة TVBS التايوانية، الشهر الماضي.
انتصار محتمل لـ"كومينتانج"
وفتح الأداء القوي لحزب "كومينتانج" في الانتخابات المحلية الباب أمام احتمالية تحقيقه أول انتصار في الانتخابات الرئاسية منذ عقد من الزمان.
وترتبط محاولات فوز الحزب بأصوات الناخبين بقدرة بكين على إصلاح صورتها في تايوان، والتي ارتبطت على مدى السنوات الأخيرة بالتهديد بالغزو، وتفاقم الضغوط الاقتصادية والسياسية على حكومة تساي إنج، وفقاً لـ"بلومبرغ".
وبحسب استطلاع نشره مجلس شؤون البر الرئيسي في تايبيه، أكتوبر الماضي، أعرب أكثر من 78% من المستطلعين عن شعورهم بأن الصين تتبنى موقفاً "غير ودي" تجاه حكومة تايوان، فيما قال نحو 61% إن بكين كانت "غير ودودة" مع الشعب التايواني.
ورغم قتاله وهزيمته أمام الشيوعي ماو سي تونج في الحرب الأهلية بالنصف الأول من القرن الـ20، يبقى حزب "كومينتانج" الشريك التفاوضي المفضل لدى بكين في تايوان، حيث يتشاركان فكرة أن "الجزيرة جزء من الصين"، وفقاً لـ"بلومبرغ".
وفي عهد الرئيس السابق لحزب "كومينتانج" والرئيس التايواني السابق ما ينج جيو، خففت تايبيه وبكين حدة القيود على السياحة والاستثمار، واستمر هذا الإجراء على مدى عقود.
اقرأ أيضاً: