الجزائر تواجه نقص المياه بتخصيص 2.2 مليار دولار لمحطات التحلية

time reading iconدقائق القراءة - 7
مشروع محطة تحلية مياه البحر "قورصو" في الجزائر بطاقة إنتاجية 80 ألف متر مكعب يومياً - الشرق
مشروع محطة تحلية مياه البحر "قورصو" في الجزائر بطاقة إنتاجية 80 ألف متر مكعب يومياً - الشرق
الجزائر-أمين حمداوي

أطلقت الجزائر مشروعات عاجلة وتكميلية لتحلية مياه البحر بين عامي 2021 و2024 بقيمة أكثر من 2.2 مليار دولار، لتعويض حاجتها من مياه الشرب بسبب نقص المياه الناتج عن شح الأمطار، وتزايد الطلب على المياه في ظل النمو السكاني.

وتُقدر احتياجات البلاد من مياه الشرب والزراعة والصناعة في الوقت الحالي بـ 11.3 مليار متر مكعب سنوياً.

وفي 2022 بلغ إنتاج مياه الشرب 3.4 مليار متر مكعب، أي أقل بـ 200 مليون متر مكعب من الاستهلاك الذي يُقدر بـ 3.6 مليار متر مكعب، و7.3 مليار متر مكعب من مياه الزراعة، أي أقل بـ 100 مليون متر مكعب من الاحتياجات البالغة 7.4 مليار متر مكعب، في حين تُقدر احتياجات قطاع الصناعة بـ 0.3 مليار متر مكعب سنوياً.

وتنوع إنتاج المياه العام الماضي، بين 60% مياه جوفية، و22% سطحية، و18% مياه محلاة.

وتوقعت دراسة أعدتها وزارة الري الجزائرية أن يصل احتياج البلاد من المياه إلى 12.9 مليار متر مكعب بحلول عام 2030، بسبب زيادة عدد السكان المرجح أن يصل إلى 50 مليون نسمة.

26 ألف رخصة حفر آبار

وسجل إنتاج المياه العام الماضي، زيادة بنسبة 2%، مقارنة بعام 2021، نتيجة زيادة المياه المنتجة عبر التحلية، وتكثيف إجراءات منع التسرب، وزيادة إنتاج المياه الجوفية.

وشهد عام 2022 إصدار أكثر من 26 ألف رخصة لحفر الأبار، مقابل 5 آلاف و500 رخصة عام 2000، كما شهد إعادة تأهيل 4 محطات لتحلية مياه البحر بطاقة إنتاجية 37 و 500 ألف متر مكعب يومياً، وإنشاء 3 محطات جديدة بقدرة 150 ألف متر مكعب يومياً.

وتمتلك  الجزائر  80 سداً، تبلغ طاقة تخزينها  8.6 مليار متر مكعب، وتبلغ كمية المياه المخزنة حالياً على مستوى السدود 2.2 مليار متر مكعب، ما يمثل نسبة امتلاء تقدر بـ 29%، فيما تبلغ الطاقة الإجمالية للآبار الموجهة لمياه الشرب 4.45 مليار متر مكعب سنوياً، تستغل منها الجزائر 47%، أي 2.06 مليار متر مكعب سنوياً.

وتبلغ الطاقة الإنتاجية لمجموع محطات تحلية مياه البحر والبالغ عددها 25 محطة، 821 مليون متر مكعب سنوياً.

وتُخطط الجزائر لتشييد محطات تحلية على كامل الشريط الساحلي الذي يزيد عن 1200 كيلو متر، لتزويد المناطق الساحلية والداخلية على مسافة 150 كيلو متراً بمياه الشرب.

وتمتلك الجزائر قدرة معالجة مليار متر مكعب من  المياه المستعملة المصفاة، لكن إنتاجها يبلغ 500 مليون متر مكعب في السنة.

مستقبل أكثر جفافاً

سفيان زعميش، مدير التطوير بالشركة الجزائرية للطاقة المشرفة على مشروعات تحلية مياه البحر "سوناطراك"، قال إن "تحلية مياه البحر خيار استراتيجي اتخذته الدولة لأنها تُمثل تقنية غير تقليدية ولا تعتمد على نسبة التساقط".

وأضاف زعميش لـ"الشرق"، أن "تحلية مياه البحر لتوفير ماء الشرب هي استراتيجية استشرافية اتخذتها الجزائر للتحضير لمستقبل تٌشير كل التقارير إلى أنه سيكون أكثر جفافاً، مقارنة بالسنوات الماضية".

وتوقع زعميش نقص نسبة تساقط الأمطار في الجزائر وفي شمال إفريقيا بصفة عامة بأكثر من 20% عام 2050.

كان صالح صحابي عابد مدير المركز الجزائري للمناخ، قال في تصريح سابق لـ"الشرق"، إن الجزائر شهدت خلال السنوات الـ10 الماضية تناقصاً ملحوظاً في كميات الأمطار السنوية، بنسبة تتراوح بين 30 و40%، عن المعدل الطبيعي لتساقط الأمطار في بعض المناطق.

1.5 مليون متر مكعب يومياً

زعميش أشار إلى أن الجزائر رصدت أكثر من 2.2 مليار دولار بداية من عام 2021 وحتى نهاية 2024، لاستكمال مشروعات قائمة وتنفيذ مشروعات جديدة لتحلية مياه البحر.

وأوضح أنه تم إطلاق برنامج عاجل لإنشاء 3 محطات جديدة بسعة إنتاجية 150 ألف متر مكعب، على أن يتم تشغيل الثالثة هذا الصيف.

وأضاف زعميش أنه يجري استكمال 5 محطات كبرى بسعة إنتاجية تُقدر بـ1.5 مليون متر مكعب يومياً، بهدف توفير 42% من احتياجات ماء الشرب عام 2024، من خلال تحلية مياه البحر.

وتابع: "الدولة ستسخر كافة الموارد البشرية والمالية من أجل إنجاز 6 محطات بطاقة إنتاجية 1.8 مليون متر مكعب لتوفير  60% من مياه الشرب عبر تحلية مياه البحر".

وضع غير مقلق.. ولكن

وزير الري الجزائري طه دربال قال إن "الوضع المائي في الجزائر لا يدعو للقلق"، لكنه لم يستبعد حدوث تذبذب في تزويد المواطنين بمياه الشرب.

وذكر دربال في رده على سؤال لـ"الشرق" خلال مؤتمر صحافي، أن الحكومة أطلقت استثمارات ضخمة في مجال تحلية المياه واستغلال المياه الجوفية.

وأشار إلى أن الجزائر واجهت نقصاً في الأمطار خلال السنوات الـ4 الماضية، ما تسبب في عدم امتلاء السدود، لتبلغ متوسط 29% في أبريل الماضي.

ولفت إلى أن البلاد تواجه أيضاً مشكلة تراجع منسوب السدود والذي يترافق مع تراجع منسوب المياه الجوفية التي وفرت 60% من مياه الشرب، العام الماضي، (60% من إجمالي 3.4 مليار متر مكعب)، إضافة إلى مشكلة تسرب 30% من المياه المخصصة للشرب.

دعم مياه الشرب

تبلغ حصة الفرد من المياه في الجزائر 440 متراً مكعباً سنوياً، وتباع مياه الشرب بسعر مدعم يقدر بـ6.3 دينار (0.046 دولار) لكل 1000 لتر مكعب، في حين يبلغ متوسط سعر التكلفة  75 ديناراً (0.55 دولار ) لكل 1000 لتر مكعب، بحسب بيانات رسمية لوزارة الري.

ويتراوح السعر في السوق السوداء بين 500 و700 دينار (بين 3.69 و5.17 دولار) لكل 1000 لتر مكعب، تشمل تكاليف النقل.

وأفادت إحصاءات لوزارة الري بأن نسبة السكان الذين يتلقون المياه عبر الشبكة القومية يومياً ارتفعت من 35% عام 2021 إلى 47% العام الماضي، مقابل 53% من السكان يتم تزويدهم بالماء يومياً على الأقل.

أنظمة موفرة

الخبير في الموارد المائية وعضو المجلس العالمي للمياه، مساهل مكي قال لـ"الشرق"، إن "استراتيجية الحكومة لتوفير المياه عن طريق تحلية مياه البحر خيار واقعي، في ظل شح الأمطار التي تؤثر على المياه السطحية، لكن أهميته ترتبط بمدى التنفيذ في المواعيد المحدددة".

ودعا مكي إلى التوسع في استخدام أنظمة موفرة للمياه، مثل الري بالتقطير، وزيادة قدرات إنتاج البلاد من المياه المصفاة المكررة واستغلالها في الزراعة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات