كيف تتعامل الإدارة الأميركية مع احتجاجات الصين؟

time reading iconدقائق القراءة - 8
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقاء نظيره الصيني شي جين بينج في بالي الإندونيسية على هامش قمة مجموعة العشرين. 14 نوفمبر 2022 - REUTERS
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقاء نظيره الصيني شي جين بينج في بالي الإندونيسية على هامش قمة مجموعة العشرين. 14 نوفمبر 2022 - REUTERS
دبي-الشرق

تشهد الصين احتجاجات متزايدة على خلفية سياسة "زيرو كوفيد" التي تتبعها الصين لمكافحة الجائحة، وتوقع البعض أن تستغل الولايات المتحدة هذه الأحداث لزيادة الضغط على غريمتها.. فكيف تعاملت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مع هذه الاحتجاجات؟

ما حدث حتى الآن يبين أن جو بايدن تتعامل بـ"حذر شديد" مع احتجاجات الصين، على الرغم من حدة ردود أفعال بعض المشرعين الأميركيين.

ووصفت مجلة "بوليتيكو" الأميركية رد فعل إدارة بايدن على الاحتجاجات، التي اندلعت نهاية الأسبوع الماضي في جميع أنحاء الصين، بأنها "بالغة الحذر"، بما "يعكس "جزئياً رغبة واشنطن في الحفاظ على استقرار علاقتها الحيوية، رغم عداوتها المتزايدة" مع بكين.  

وقالت المجلة إنه في ظل هذه المقاربة، لم تصدر أي بيانات رسمية بشأن هذه الاحتجاجات، ولم ينشر الرئيس الأميركي، الذي التقى الزعيم الصيني شي جين بينج هذا الشهر على هامش قمة مجموعة العشرين، تغريدات في هذا الصدد. 

كما تجنب التعليق أيضاً كل من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ولم يصدر عن المتحدثين الرسميين أي تصريحات أو بيانات منسوبة إليهم.

غضب من صفر كوفيد

ورداً على الصحافيين، أدلى متحدث باسم مجلس الأمن القومي بتصريحات حملت طابعاً انتقادياً، وركزت بالأساس على ما بدا أنه "الأسباب التي دفعت إلى اندلاع المظاهرات"، مثل الغضب من سياسة "صفر كوفيد" التي تنتهجها الحكومة الصينية، وأدت إلى فرض عمليات إغلاق مشددة، والتي ألقى العديد من المحتجين عليها باللائمة في سقوط عدة أشخاص بحريق في مقاطعة شينجيانج.    

وقال المتحدث في البيان: "كما ذكرنا، نعتقد أنه سيكون من الصعوبة بمكان على جمهورية الصين الشعبية أن تتمكن من احتواء هذا الفيروس من خلال انتهاجها استراتيجية صفر كوفيد". 

ووصف بعض التدابير على غرار زيادة معدلات التطعيم بأنها "أكثر نفعاً"، مضيفاً: "أكدنا منذ فترة طويلة على أن لكل شخص الحق في الاحتجاج السلمي، سواء هنا في الولايات المتحدة أو في أي بقعة في العالم، بما في ذلك في جمهورية الصين الشعبية".   

وخلال الإحاطة الصحفية التي قدمها البيت الأبيض، قال منسق الاتصالات في مجلس الأمن القومي جون كيربي إنه "تم إطلاع الرئيس بايدن على ما يجري" في الصين.  

وأقر كيربي بان الرئيس الأميركي حذّر من أن الأنظمة الديمقراطية في العالم تواجه تحديات تفرضها الحركات الاستبدادية، ولكنه رفض أن يخوض بعيداً عن تصريح مجلس الأمن القومي بأن الولايات المتحدة تدعم "حق الاحتجاج السلمي"، وفقاً لما أوردته "بوليتيكو".

انتقادات الجمهوريين 

ووصف السيناتور الجمهوري عن ولاية فلوريدا ماركو روبين والنائب الجمهوري عن نيوجيرسي كريس سميث، في بيان، الاثنين، موقف الإدارة من الاحتجاجات بأنه "جبان"، واتهما بايدن بـ "الإخفاق في الوقوف في وجه الحزب الشيوعي الصيني والتضامن مع الشعب الصيني".  

وتراجعت أعداد المحتجين في بكين وشنغهاي على مدار الـ24 ساعة الماضية، لكن تقارير عن تمدد رقعة الاحتجاجات إلى مدينة هانجتشو، الاثنين، أشارت إلى أن السلطات لم تتمكن بعد من كبح جماح حالة الغضب، بما في ذلك الدعوات لإنهاء حكم شي، التي قادت الناس إلى الشوارع.

وأشارت "بوليتيكو" إلى أن مساعدي بايدن يعون جيداً أن "حركة المد الاحتجاجي لا تخضع للتنبؤات".

وأكدت أن اندلاع الاحتجاجات في الصين ليس بالأمر "غير المعهود"، لكنه دائماً ما كان "محدود السياق والنطاق"، وعادة ما يتحرك الحزب الشيوعي الصيني "سريعاً" لقمع كل ما يراه "تحدياً" يهدد سلطاته. 

ورغم الخلاف، أكدت "بوليتيكو" أن الولايات المتحدة "لا تزال تريد المحافظة على القدر الأساسي من الاستقرار والتعاون مع الصين، كونها قوة عالمية مهمة وشريكاً اقتصادياً تريد مساعدتها في كل الملفات المطروحة" بدءاً من الاستعداد لمواجهة الوباء إلى قضية مكافحة تغير المناخ.  

الصين مقابل ايران

ورجحت المجلة الأميركية أن يتعارض رد فعل فريق بايدن على الاحتجاجات في الصين مع الدعم الأميركي السريع والصريح للاحتجاجات في إيران، والتي اندلعت شرارتها الأولى في منتصف سبتمبر الماضي.  

ولكن تبقى إيران في أفضل الأحوال "قوة إقليمية" يجاهر نظامها بعدائه للولايات المتحدة منذ أكثر من 40 عاماً، ولا توجد علاقات تجارية أو أي شكل من اشكال التعاون بين الدولتين.  

رغم ذلك، يتابع المسؤولون في جميع وكالات وأجهزة الحكومة الأميركية التطورات في الصين عن كثب، بما في ذلك الطريقة التي تتعامل بها الحكومة الصينية مع الصحافيين الذين يغطون الاحتجاجات، ويشاركون في نقاشات بين الوكالات بشأن كيفية الاستجابة لهذه التطورات وفقاً لما قاله مسؤول أميركي لـ"بوليتيكو".  

انتشار كبير للعدوى

ويشارك في المحادثات مسؤولو الصحة في إدارة بايدن الذين ناقشوا، اعتباراً من الاثنين، مع مجلس الأمن القومي تقييمهم لأوضاع كوفيدـ 19 في الصين، بما في ذلك النقاشات بشأن مدى استمرار هذا الفيروس في الانتشار في جميع انحاء البلاد.  

ويشير ارتفاع عدد إصابات كوفيد في الصين إلى أن الفيروس تجاوز استراتيجية الإغلاق الحالية، وأن بكين قد تحتاج إلى تطبيق قيود أكثر صرامة وتشدداً في الأيام المقبلة، وفقاً لما أوردته المجلة عن شخص "على دراية مباشرة بهذه المحادثات".

ولم يرد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي على الفور على طلب "بوليتيكو" للتعليق على النقاشات المتعلقة بالصحة.  

وفي خضم الاحتجاجات، أصدرت السفارة الأميركية في بكين بياناً بشأن "كوفيد"؛ طمأنت فيه المواطنين الأميركيين في الصين على أن سلامتهم تأتي على رأس أولوياتها. وشجعتهم على "الاحتفاظ بكميات من الأدوية تكفي لمدة 14 يوماً، ومياه معبأة، وطعام لنفسك ولأي شخص من أفراد أسرتك".  

وفي الأسابيع الأخيرة، ناقش مسؤولون أميركيون وأوربيون سبل مشاركة اللقاحات مع بكين. وهذا الشهر، أعلن المستشار الألماني، أولاف شولتز، عن اتفاقية تسمح للمغتربين الألمان في الصين بالوصول إلى جرعات الحمض النووي الريبوزي المرسال التي تنتجها شركة بيونتيك.  

وفي المقابل، قال شولتز إنه سيدعم الموافقة التنظيمية على اللقاحات الصينية في الاتحاد الأوروبي.

ولم توافق الصين على استخدام لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال في البلاد، واعتمدت بدلاً من ذلك على اللقاحات المنتجة محلياً والتي لم تثبت فعاليتها في السيطرة على معدلات الإصابة. 

ومع انتشار اخبار الاحتجاجات على الإنترنت، أدلى بعض المشرعين الأميركيين بتصريحات أكثر جرأة، وكان الجمهوريون أكثر صراحة، برغم العداء واسع النطاق من كلا الحزبين لبكين في الكونجرس.  

وغرد النائب الجمهوري عن ولاية إلينوي، آدم كينزينجر، على حسابه على تويتر قائلاً إن "الشعب الصيني يقاوم نظام شي والحزب الشيوعي الصيني السلطوي"، مؤكداً أن "الأميركيين يقفون إلى جانبكم في كل مكان ... الحرية للصين!". 

وكتبت عضو مجلس الشيوخ الجمهورية عن ولاية تينيسي، مارشا بلاكبيرن، قائلة إن "الاحتجاجات المستمرة في الصين الشيوعية تظهر أن الشعب الصيني يطالب بالتغيير".  

اعتقالات واسعة

واندلعت الاحتجاجات في المراكز الحضرية الكبرى، بما في ذلك في شنغهاي وبكين وووهان وتشنجدو وشيان.  

وانتشرت قوات الأمن الصينية بأعداد كبيرة في أماكن الاحتجاجات ولكنها ردت على الاحتجاجات حتى الآن بانضباط نسبي. ودعت الشرطة المحتجين للتفرق، فيما شرعت في شنغهاي، الأحد، في اعتقال المحتجين الذين بقوا عند التقاطعات الرئيسية بالمدينة. كما أقامت قوات الشرطة حواجز مرتفعة في شوارع محددة في شنغهاي لمنع المتظاهرين من العودة.  

وعارضت قوات الأمن الصينية بقوة التغطية الإعلامية الأجنبية للتظاهرات. واعتدت الشرطة الصينية بالضرب والتكبيل والاعتقال لفترة وجيزة على الصحافي إد لورانس، من شبكة "بي بي سي"، الأحد، بينما كان يصور المحتجين.  

وأنحى تشاو باللائمة على "القوى ذات الدوافع الخفية" لربطها بين حريق شينجيانج المدمر والغضب الشعبي بشأن بروتوكولات صفر كوفيد.

واستبعدت وزارة الخارجية الصينية هذه الأسئلة والردود من نص موجزها الإخباري اليومي.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات