يتعين على زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لَبيد، التحرك بدقّة لتشكيل حكومة جديدة، بعد فشل رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو في تشكيلها. لكن يبدو أن مهمة لَبيد ستكون صعبة، وستُضطره إلى بناء تحالفات قد تشمل أقصى اليمين ونواباً من الأحزاب العربية التي لم يسبق أن شارك أعضاؤها في أي حكومة إسرائيلية.
ومنح الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، مساء الأربعاء، لَبيد 28 يوماً لتشكيل ائتلاف حكومي. ولتحقيق ذلك يتعين على لَبيد، رئيس حزب يش عتيد (هناك مستقبل)، أن يحصل على تأييد ما لا يقل عن 61 نائباً من أصل 120 نائباً في الكنيست (البرلمان)، وهو ما قد يدفعه إلى التضحية بطموحاته في تولى رئاسة الحكومة على المدى القصير على الأقل.
حظوظ لَبيد
يمكن أن يعتمد لَبيد على الأرجح على دعم حزب "ميرتس" اليساري، و"حزب العمل"، وحزب "أزرق أبيض"، وكذلك حزبين يمينيين مصممين على إزاحة نتنياهو الموجود في السلطة منذ 12 عاماً.
ويضم حزب "تكفا حداشا" (الأمل الجديد) بزعامة جدعون ساعر، منشقين عن حزب الليكود اليميني الذي يرؤسه نتنياهو، في حين يؤيد حزب "يسرائيل بيتنا" بزعامة أفيغدور ليبرمان، اليميني القومي، عدد كبير من المهاجرين من الاتحاد السوفييتي السابق.
وفي حال لم تحدث انشقاقات، يمكن أن يحصل لَبيد بفضل تأييد الحزبين على 51 من أصل 61 مقعداً يحتاجها لتحقيق الأغلبية.
التحالف مع نفتالي
ولكي يحصل على الأغلبية يجب على لَبيد أن يتحالف مع حزب "يمينا" بزعامة نفتالي بنت الذي يؤدي حالياً دوراً "غير منحاز" ويمثله 7 نواب. كما يتعين عليه التحالف مع بعض النواب العرب الذين ينتمون لأحزاب مختلفة تشغل 10 مقاعد من بينها الحركة الإسلامية الجنوبية بزعامة منصور عباس (4 مقاعد).
ويوجد إجماع عام على أنه إذا أراد لَبيد تولي مقاليد السلطة، يُتطلب منه أن يعرض على بنت رئاسة الوزراء في الجولة الأولى من عملية تناوبية، كجزء من صفقة ائتلافية.
وقدم لَبيد بالفعل مثل هذا العرض إلى بنت، حليف نتنياهو السابق، قبل أن تنهار علاقتهما.
وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية بالقدس، غايل تالشير، لوكالة "فرانس برس"، إن "الخيار الوحيد الذي يبدو قابلاً للتطبيق هو حكومة تجمع بين لَبيد وبنت يتولى فيها الأخير منصب رئيس الوزراء أولاً".
ويبدو أن منطق هذه الاستراتيجية يقوم على أنها ستجذب بنت الذي يعد دوره أساسياً في تشكيل أي حكومة، وتجعل التحالف أكثر قبولاً لدى اليمين خاصة حزب" الأمل الجديد".
ويمكن لهذه الاستراتيجية أيضاً أن تروق لزعماء الوسط واليسار، من خلال إنجاز ما استعصى عليهم منذ عام 2009، ألا وهو إزاحة نتنياهو من السلطة.
وقال المحلل السياسي شموئيل روزنر لوكالة "فرانس برس"، إن "لَبيد يجب أن يؤجل حلمه في أن يكون رئيساً للوزراء" من أجل الحصول على 61 مقعداً.
ويمكن لخطة التناوب بين لَبيد وبنت أن تنهار بسهولة في المشهد السياسي الإسرائيلي شديد التعقيد، خصوصاً أن بنت يعتبر من أشد مؤيدي التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة، في ما يمثل هذا الأمر خطاً أحمر بالنسبة للنواب العرب الملتزمين بإقامة دولة فلسطينية.
دور العرب
وكرر أعضاء في القائمة المشتركة ذات الغالبية العربية دعمهم لحكومة يشكلها لَبيد، الأربعاء، لكنهم أبلغوا الرئيس رؤوفين ريفلين كتابياً بأنهم "لا يدعمون حكومة برئاسة نفتالي بنت"، وهو ما قد يشكل أزمة للرئيس المكلف، نظراً إلى عدم وجود حل واضح لسد الفجوة بين بنت والعرب.
ولعل أخطر تهديد لحكومة وحدة هو نتنياهو نفسه، فبعد لحظات من تفويض لَبيد، ألقى نتنياهو خطاباً تلفزيونياً متوجهاً لليمينيين، قال فيه إن "بنت على وشك أن يبيعهم لتحقيق طموحاته في تولي رئاسة الوزراء".
وقال نتنياهو إن "الكل يعلم أن بنت يريد تشكيل حكومة يسارية خطيرة".
ويتفق خبراء سياسيون على أن نتنياهو سيكرس كلّ طاقته ليجعل من الصعب على أي يميني الانضمام إلى حكومة يشكلها لَبيد.
ودلالة على ذلك، صدرت صحيفة "هآرتس"، الخميس، بعنوان رئيسي يقول: "نتنياهو في مسار التخريب الكامل".
وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية بالقدس، غايل تالشير للوكالة: "خضع أعضاء بنت لضغوط هائلة للانشقاق أو الامتناع عن الإذعان" عندما طُلب منهم تأييد حكومة يشكلها لَبيد.
وفي أبريل 2020، شكّل نتنياهو وخصمه السياسي بيني غانتس، اتفاقاً على تشكيل حكومة وحدة وطوارئ.
وتضمن الاتفاق أن يتناوب الطرفان على منصب رئيس الوزراء، وكان مقرراً أن يتقلد نتنياهو المنصب لمدة 18 شهراً، يكون خلالها غانتس نائباً له ووزيراً للدفاع، ثم يصبح الأخير رئيساً للوزراء في أكتوبر 2021 لمدة 18 شهراً أخرى. لكن ذلك الائتلاف الحكومي تعرض للانهيار.