روبن أوستلند رئيساً للجنة تحكيم مهرجان "كان" السينمائي

time reading iconدقائق القراءة - 5
المخرج السويدي روبن أوستلند. - الشرق
المخرج السويدي روبن أوستلند. - الشرق
روما- عرفان رشيد

بعد منحه سعفتين ذهبيّتين في العامين 2017 و2022، أعلنت إدارة مهرجان "كان" السينمائي الدولي اختيار المخرج السويدي رُوبِن أُوستلُند، لرئاسة لجنة التحكيم للدورة الـ76 من المهرجان، والتي ستقام بين 16 و27 مايو المقبل.

ويأتي اختيار أوستلُند لهذا الموقع بعد 50 عاماً من تولّي مواطنته إنجريد بيرجمان رئاسة هذه اللجنة.

وعلق أُوستلُند على اختياره، قائلاً: "مقتنعٌ تماماً بأن لا وجود لمكان في عالم السينما تبلغ فيه الدهشة أقصاها، كما يحدث حين يُزاح الستار عن الأفلام المتنافسة في هذا المهرجان"، مشيراً إلى أنه "شرف عظيم أن يكون جزءاً من هذا الطقس، جنباً إلى جنب مع قائمة الخبراء في تاريخ مهرجان كان".  

وأكّد أُوستلُند قناعته بأن "ثقافة السينما تجتاز أهم حقبة لها على الإطلاق"، وأن "للسينما ميّزةً فريدة، إذْ أنّنا نشاهد الأفلام داخل الصالة، معاً، وهذا ما يجعلنا نفكر بطريقة مختلفة عما هي عليه عندما نمرّر أصابعنا على الاختيارات في شاشاتنا الصغيرة".

"السخرية"

ولأُوستلُند سجلٌ حافل مع مهرجان "كان"، إذْ تم اختيار اثنين من أعماله ضمن مسابقة برنامج "نظرةٌ ما - Un Certain Regard "، إذ نال "جائزة لجنة التحكيم" في عام 2014، قبل أن تدخل أعماله في دائرة اختيارات المهرجان للمسابقة الرسمية لاحقاً، حيث حاز فيها على السعفة الذهبية التي مُنحت له مرتين، كانت أولاهما لفيلم "The Square" في الدورة الـ70، وفاز بالسعفة الثانية في دورة العام الماضي عن فيلم "مُثلّث الحزن - Triangle of Sadness".

وكان رُوبِن أُوستلُند قد أنجز في عام 2004 فيلمه الروائي الأول "The Guitar Mongoloid"، بعد إكمال دراسة السينما في جوتنبرج السويدية، وكان شبيهاً بالعمل الوثائقي، قاطع فيه ما بين مصائر أُناسٍ مقصيّين عن المجتمع في مدينة مُتخيّلة وشبيهة، إلى حدٍّ بعيد، بمدينته جوتنبرج.

وأصبحت السخرية منذ ذلك العمل أداته الأساسيّة للتعامل مع القضايا المجتمعيّة، وأبرز فيلمه القصير التالي "Autobiographical Scene Number 6882"، مجمل المفردات التي تمثل أعماله اللاحقة، والتي بدأت بالبروز منذ فيلمه الروائي الثاني "Involuntary"، الذي ضمّه مهرجان "كان" في مسابقة "نظرةٌ ما" عام 2008. 

وبعد عامين فاز عمله "Incident by a Bank" بجائزة "الدب الذهبي" لأفضل فيلم قصير في الدورة الـ60 لمهرجان برلين، وهو شريطٌ يدرس ردود فعل المارة حول عملية سطو على بنك، فيما يصف فيلمه الطويل الثالث "The Play"، المضايقات التي تتسبّب بها العصابات في السويد، وعُرض ضمن برنامج "نصف شهر المخرجين" في مهرجان "كان" عام 2011، فيما أثار نقاشاً كبيراً في المجتمع السويدي خلال عرضه في الصالات.

وفي فيلم "Force Majeure"، الذي عُرض في برنامج "نظرةٌ ما" في العام 2014، قدّم أُوستلُند بمرارة شديدة وضعاً يُشبه انهيار جبل الجليد، حين يفضل الأب الاختباء والاحتماء بدلاً من الإقدام على إنقاذ زوجته وأطفاله، وهو ما يضعه، ويضع المشاهد أمام تساؤل كبير: كيف يمكن القبول بعواقب فعلةٍ ارتُكبت بسوء نية وبسبب الرعب من فقدان الحياء أمام الآخرين وأمام الذات؟

"جدلية استفزازية"

وفي عام 2022، سرد أُوستلُند في فيلمه "Triangle of Sadness" قصة سفينة سياحية تُطيح بها عاصفة، وتجنح لجزيرة غير مأهولة، ويُعيد الحادث ترتيب أوراق الصراع الطبقي في المجتمعات الغربية، ليفوز الفيلم والمخرج بالسعفة الذهبيّة الثانية.

وبتنصيب المخرج السويدي رئيساً للجنة تحكيم مهرجان "كان" هذا العام، يصبح أُوستلُند ثالث فائز مرتين بالسعفة الذهبية يتولّى رئاستها بعد فرانسيس فورد كوبولا، وأمير كُوستوريتسا، وأول من يتولاها في العام الذي يلي فوزه بالسعفة الذهبية.

وقال البيان الذي أعلن فيه مهرجان "كان" عن اختياره لرئاسة لجنة التحكيم الدولية بأن "أُوستلُد يضع الكاميرا على مسافة مناسبة لمراقبةٍ أفضل لسلوك البشر، ثم يُشرّح نقاط الضعف الصغيرة والعيوب الرئيسية التي تسببها آليات الجماعة إلى درجة إثارة الازعاج".

وأضاف البيان أنّ "أُوستلُند يواصل استكشاف جدلية استفزازية صارت تُمثّل ميّزته الأساسية، تنطلق من حالةٌ ابتدائيّة تُمهّد الطريق لتصل إلى استكشافٍ اجتماعي يتم فيه فحص الغرائز الأساسية لإنسانيتنا، ويفعل ذلك بشق الأنفس وبلا هوادة مع روح الدعابة المتآكلة".

ومن خلال دعوة أُوستلُند لرئاسة لجنة التحكيم، يبدو أن مهرجان "كان" عازماً على الاحتفاء بالأفلام التي لا تقبل المساومة، وتتميّز بالصراحة، والتي تُطالب المشاهد، باستمرار، أن يتحدى نفسه إلى جانب الاستمرار في إعادة ابتكار ذاته.

من جانبه، ختم أُوستلُند رسالته بعد التنصيب، قائلاً: "كرئيس، سأذكّر زملائي في لجنة التحكيم بالوظيفة الاجتماعية للسينما. فالفيلم الجيد يرتبط، برأيي، بالتجربة الجماعية ويحفزنا على التفكير ويجعلنا نرغب في مناقشة ما رأيناه، لذلك دعونا نشاهد الفيلم دائماً برفقة الآخرين!".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات