أوروبا تكافح لإيجاد مخرج من تأثيرات قانون خفض التضخم الأميركي

time reading iconدقائق القراءة - 8
الرئيس الأميركي جو بايدن والسيدة الأولى جيل بعد فعالية للاحتفال بإنفاذ "قانون خفض التضخم" لعام 2022" في البيت الأبيض، 13 سبتمبر 2022  - REUTERS
الرئيس الأميركي جو بايدن والسيدة الأولى جيل بعد فعالية للاحتفال بإنفاذ "قانون خفض التضخم" لعام 2022" في البيت الأبيض، 13 سبتمبر 2022 - REUTERS
دبي - الشرق

يسعى الاتحاد الأوروبي لمكافحة تأثيرات قانون أميركي لخفض التضخم، على اقتصاد التكتل، ولكن هناك العديد من القيود التي تصعّب عملية المواجهة الأوروبية، بحسب ما أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.

و"قانون خفض التضخم"، الذي أقرته الولايات المتحدة، يتضمن تقديم إعانات بقيمة 369 مليار دولار لقطاع التكنولوجيات الخضراء بهدف جذب الاستثمار إلى الولايات المتحدة، وهو التشريع الذي قالت عنه بروكسل إنه يضر بالقاعدة الصناعية للاتحاد الأوروبي.

وأطلق وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض، استقراراً في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بعد اضطراب استمر طوال فترة رئاسة سلفه دونالد ترمب، ولكن يبدو أن هذا الوفاق بات معرضاً لخطر الانهيار.

وفي السياق، أفاد مسؤول أميركي رفيع بالبيت الأبيض الاثنين، إن الرئيس الأميركي جو بايدن سيناقش مع نظيره الفرنسي الخلاف بين الاتحاد الأوروبي وواشنطن بشأن الإعفاءات الضريبية المقدمة للمصنعين المحليين للسيارات الكهربائية، خلال زيارة ماكرون لواشنطن الثلاثاء، وفقاً لـ "بلومبرغ".

وأضاف المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، أن القضية "ستتم مناقشتها حتماً"، ولفت إلى أن الجانب الأميركي يتطلع إلى النقاش مع نظيره الفرنسي، وأن المسؤولين الأميركيين راغبون في الاستماع إلى المخاوف الفرنسية بشأن السياسية الأميركية.

وأشار إلى أن واشنطن تعتقد أن الطاقة النظيفة "ليست لعبة صفرية".

وعلى الرغم من تشكيل فريق عمل مشترك من قبل الجانبين لتسوية خلافاتهما بشأن هذا الأمر، يبدو أن المسؤولين متشائمين بشأن احتمالات حدوث تغييرات مهمة في التشريع.

سبب شكوى الاتحاد الأوروبي

في أغسطس الماضي، وقَع بايدن على مشروع قانون خفض التضخم، معتبراً الإجراء" الأكثر قوة" الذي اتخذته البلاد لمواجهة أزمة المناخ، وبينما رحّب الاتحاد الأوروبي بالجهود المبذولة للحد من انبعاثات الكربون، فقد اشتكى من الإجراءات التي اعتبر أنها ستمنح الشركات التي تتخذ من واشنطن مقراً لها ميزة "غير عادلة".

وقال مفوّض التجارة في الاتحاد الأوروبي فالديس دومبروفسكيس، إن "الحوافز التي ستمنح لهذه الشركات تحمل تمييزاً ضد صناعة السيارات، والطاقة المتجددة والبطاريات والطاقة في الاتحاد الأوروبي"، فعلى سبيل المثال، سيقتصر الدعم المقدم لشراء السيارات الكهربائية وقيمته 7 آلاف و500 دولار، على السيارات المصنوعة بأجزاء واردة من أميركا الشمالية أو تلك التي يجري تجميعها هناك.

وأشارت المفوضية الأوروبية إلى أن هناك 5 تدابير في التشريع تتعلق بالائتمانات الضريبية والإعانات، فضلاً عن وجود متطلبات محلية تفضيلية، مدعية أن هذا يُخالف قواعد منظمة التجارة العالمية، كما يريد الاتحاد الأوروبي أيضاً الحصول على نفس الشروط التفضيلية التي مدتها واشنطن إلى كندا والمكسيك في ما يتعلق بالسيارات الكهربائية.

وفي مقابلة مع الصحيفة البريطانية، قالت وزيرة الدولة الإسبانية للتجارة شيانا مينديز: "نحن خائفون، سنشهد تأثيراً سلبياً على التجارة والاستثمار في الاتحاد الأوروبي، كما نخشى أيضاً أن يتأثر وصول منتجاتنا إلى السوق الأميركية بشكل سلبي".

التوصل إلى تسوية

وتبدو إمكانية توصل فريق العمل المشترك من الجانبين إلى تسوية، مستبعدة، بحسب الصيغة التي أشارت إلى أن الكونجرس الأميركي أقر القانون بهامش ضئيل للغاية، إذ لجأت نائبة الرئيس كامالا هاريس لصوتها في مجلس الشيوخ من أجل تمريره.

كما أن هناك احتمالاً ضئيلاً لإجراء تعديلات مهمة على التشريع. ويقول دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي للصحيفة: "لا يوجد لديهم رغبة في إعادة القانون إلى الكونجرس مرة أخرى، فبايدن سعيد جداً بهذا التشريع".

ويتعين على إدارة بايدن صياغة قواعد تنفيذ الإجراءات الموجودة داخل التشريع، ولكن أشخاص مطلعين على المحادثات يقولون إنها لن تحدد التغييرات التي يمكن أن تجريها، قبل دخول القانون حيز التنفيذ في يناير المقبل.

ولم يناقش الجانبان الأمور المختلف عليها، إذ ركزت المحادثات على مسألة السيارات الكهربائية فقط، كما يأمل الاتحاد الأوروبي في وجود ثغرة محتملة في الجزء الخاص بالدعم.

وقال وزراء تجارة الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم ببروكسل، الجمعة الماضي، إنهم يريدون حلولاً ملموسة بحلول الخامس من ديسمبر المقبل، عندما تعقد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الجلسة التالية لمجلس التجارة والتكنولوجيا.

"تدابير انتقامية"

وأشارت المفوضية الأوروبية إلى أنها قد ترفع القضية إلى منظمة التجارة العالمية، حال فشلت المحادثات في أن تؤتي ثمارها، ويقول سام لوي، وهو شريك في شركة "فلينت جلوبال" الاستشارية، إن هذا سيفتح الباب أمام الاتحاد الأوروبي لاتخاذ "تدابير انتقامية" مثل فرض تعريفات جمركية ضد واشنطن.

ولكن العملية ستستغرق عاماً على الأقل، كما أن العديد من أعضاء الاتحاد الأوروبي يحجمون عن شن حرب تجارية بشأن هذه المسألة، بسبب التقدم الأخير الذي حققته أوروبا والولايات المتحدة في مجالات عدة، ما أدى إلى تهدئة توترات سابقة كانت موجودة في عهد ترمب.

في غضون ذلك، يريد الاتحاد الأوروبي الحفاظ على الوحدة عبر الأطلسي في مواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا، وكذلك الدعم المالي والعسكري الهائل الذي قدمته إدارة بايدن إلى كييف، بحسب "فاينانشيال تايمز"، التي أشارت إلى أن السماح بتحوّل الغضب من قانون خفض التضخم إلى خلاف كبير بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، "سيكون له ثمن".

استجابة "قوية"

قال دبلوماسي أوروبي إن الإعانات التي ستقدمها الولايات المتحدة كبيرة، لكن هذا لا يعني أن الكتلة غير قادرة على استغلال مواردها الخاصة.

وينفق الاتحاد الأوروبي بالفعل 800 مليار يورو لبرنامج "NextGenerationEU"، الذي يلزم كل الدول الأعضاء بتخصيص 37% على الأقل من إنفاق التعافي الوطني، على الاستثمارات والإصلاحات المتعلقة بالمناخ.

كما يخصص الاتحاد الأوروبي أيضاً أموالاً للمشاريع الخضراء، فضلاً عن دعم المبادرات في مجالات مثل الهيدروجين والبطاريات، ويسعى إلى تعزيز خطة الطاقة "RepowerEU"، التي تهدف إلى وقف استخدام الوقود الأحفوري الروسي داخل الاتحاد، وتحسين البنية التحتية للطاقة.

مع ذلك يريد بعض السياسيين الأوروبيين الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ ناقش الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي سيزور واشنطن هذا الأسبوع، "قانون الشراء الأوروبي" الذي سيتم بموجبه توجيه الدعم للشركات المحلية.

على نحو مماثل، دعا وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك إلى "استجابة أوروبية قوية" يمكن أن تشمل تقديم الإعانات أيضاً، قائلاً: "علينا أن نمنح شركاتنا القدرة على الصمود أمام المنافسة العالمية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالريادة في مجال التكنولوجيا".

سن قانون أوروبي

ويبدو أن الاتحاد الأوروبي سيكون مقيداً على جبهتين رئيسيتين، أولهما، أنه لا يرغب في تكرار أحكام التشريع الأميركي الذي يقول المحامون إنه ينتهك قواعد منظمة التجارة العالمية، كما أن القيام بذلك قد يؤدي إلى مواجهة الاتحاد لتحديات من الشركاء التجاريين الآخرين، الذين يشعرون أيضاً بالغضب من التشريع الأميركي.

وعلاوة على ذلك، فإن الموارد المتاحة لتقديم الإعانات على مستوى الاتحاد الأوروبي باتت محدودة للغاية، حتى أنه على مستوى الدول الأعضاء لا تزال المالية العامة تحت الضغط في أعقاب الوباء.

وصحيح أن بعض الدول الأعضاء، بما في ذلك ألمانيا، لديها الأموال لتقديم المزيد من الإعانات، ولكن الخطر يكمن في أن هذا سيؤدي إلى مزيد من عدم التوازن في السوق الموحدة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات