أردوغان يهاجم رسالة "الأدميرالات" ويصفها بـ"الانقلاب السياسي"

time reading iconدقائق القراءة - 5
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يدلي ببيان بعد اجتماع في أنقرة، 5 أبريل 2021 - REUTERS
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يدلي ببيان بعد اجتماع في أنقرة، 5 أبريل 2021 - REUTERS
أنقرة -أ ف ب

هاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشدة مجموعة من الضباط المتقاعدين الذين انتقدوا مشروع قناة مائية جديدة في اسطنبول، معتبراً أن الرسالة التي وجهوها في هذا الصدد تلمح إلى "انقلاب سياسي".

وجاءت تصريحات أردوغان بعد اعتقال عدد من ضباط البحرية المتقاعدين الموقعين على الرسالة، وهو ما علق عليه في خطاب، الاثنين، في أنقرة قائلاً: "ليس من واجب الأدميرالات (القادة في البحرية) المتقاعدين نشر تصريحات تتضمن تلميحات إلى انقلاب سياسي. لا يحق لأي موظف متقاعد اتباع هذا النهج". 

وأضاف الرئيس التركي "هذا الأمر لا يمت بصلة إلى حرية التعبير. في بلد يحفل تاريخه بالانقلابات، هذا غير مقبول". 

وكان أردوغان يتحدث بعد اجتماع مع مسؤولين أتراك كبار خصص لمناقشة الرسالة المفتوحة التي نشرها، نهاية الأسبوع الماضي 104 من الضباط السابقين وحذروا فيها من الخطر الذي ينطوي عليه في رأيهم مشروع "قناة اسطنبول"، ويطال معاهدة مونترو التي تضمن حرية عبور مضيق البوسفور. 

ووصف أردوغان الرسالة بأنها "ضارة"، مؤكداً أن "الانقلابات (في تركيا) حصلت دائماً بعد تصريحات مماثلة". 

واعتبر أردوغان أن "الصلة التي أقامها (الضباط) بين قناة اسطنبول واتفاق مونترو خاطئة تماماً". وأضاف "لا ننوي التخلي (عن الاتفاق). لو احتاج الأمر في المستقبل، يمكن أن نعدل أي اتفاق إذا كان ذلك يتيح لبلادنا المضي قدماً". 

وتابع: "نرى أن الإيجابيات التي يقدمها اتفاق مونترو لبلادنا مهمة، وسنبقى ملتزمين بهذا الاتفاق حتى نجد فرصاً أفضل". 

اعتقال الأدميرالات 

وتم إيقاف 12 أدميرالاً متقاعداً غداة نشر الرسالة، وأفاد مكتب المدعي العام في أنقرة أن الضباط المتقاعدين وضعوا في الحبس على ذمة التحقيق.  

ولم يوقف 4 ضباط سابقين آخرين بسبب سنهم، لكن طلب منهم المثول أمام شرطة أنقرة في الأيام الثلاثة المقبلة. 

وذكرت صحيفة صباح الموالية للحكومة أن الضباط السابقين الموقعين على الرسالة جردوا أيضاً من المساكن التي تقدمها لهم الدولة وحقهم بالحماية. 

وبوشر تحقيق في حق العسكريين المتقاعدين الموقعين على الرسالة بتهمة "الاجتماع للمساس بأمن الدولة والنظام الدستوري" على ما أوضح مكتب المدعي العام. 

وبين الموقوفين الأدميرال جيم غوردنيز صاحب عقيدة "الوطن الأزرق" المثيرة للجدل التي تدعو إلى فرض السيادة التركية على مناطق واسعة في شرق المتوسط. 

زمن الانقلابات 

وتستند السلطات التركية إلى عقيدة غوردنيز لتبرير طموحاتها البحرية التي تقف وراء التوتر بين تركيا واليونان. كما عُرف غوردنيز بموقفه المؤيد لتحالف "أوروبي-آسيوي" يشمل تقارباً لتركيا مع روسيا وإيران والصين بدلاً من الشركاء الأوروبيين. 

وقال وزير العدل التركي عبد الحميد غول، الاثنين، "سنحارب هذه العقلية الظلامية. ليس هناك أي سلطة تعلو فوق إرادة الأمة".  

وندد مسؤولون أتراك كبار، الأحد، برسالة الأدميرالات المتقاعدين. واعتبر المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم قالن إن الكتاب المفتوح "يذكّر بزمن الانقلابات". 

من جهته اعتبر رئيس البرلمان مصطفى شَنطوب، الأحد، أن "هناك فرقاً بين التعبير عن أفكار والإدلاء بتصريح ينطوي على لهجة انقلاب". 

والشهر الماضي صادقت تركيا على مشاريع لتطوير قناة للشحن البحري في اسطنبول أسوة بمشاريع قنوات بنما والسويس، ما أدى إلى جدل حول اتفاقية "مونترو" الموقعة في عام 1936.

"مشاريع جنونية" 

ويعد شق قناة اسطنبول أحد أبرز مشاريع أردوغان التي يصفها بأنها "مشاريع جنونية" لإحداث تحوّل على صعيد البنى التحتية من مطارات وجسور وطرق وأنفاق خلال عهده المستمر منذ 18 عاماً. 

ويعتبر مسؤولون أتراك أن القناة الجديدة تكتسي بأهمية حيوية لتخفيف الضغط عن مضيق البوسفور في اسطنبول، الذي يعد ممراً أساسياً للتجارة العالمية عبرته العام الماضي أكثر من 38 ألف سفينة. وحركة عبور المجرى المائي بين أوروبا وآسيا كثيفة وشهدت مؤخراً حوادث كثيرة. 

لكن معارضي المشروع يعتبرون أنه، بمعزل عن تأثيره البيئي، يمكن أن يقوّض اتفاقية "مونترو" التي تضمن حرية عبور السفن المدنية عبر مضيقي البوسفور والدردنيل في السلم والحرب. 

لكن الاتفاقية تفرض قيوداً على مرور سفن حربية لا تنتمي إلى الدول المطلة على البحر الأسود، عبر المضايق التركية. 

تحقيق آخر

كما يواجه رئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو من حزب الشعب الجمهوري المعارض، تحقيقاً إدارياً فتح ضده في نوفمبر، بسبب معارضته مشروع قناة اسطنبول لأسباب مالية وبيئية، بعد نشره ملصقات ضد المشروع في أنحاء المدينة.

ويبقى تدخل العسكريين في السياسة موضوعاً حساساً في تركيا، حيث نفذ الجيش الذي يعتبر نفسه ضامن النظام العلماني، 3 انقلابات بين عامي 1960 و1980 ولطالما كان له نفوذ مؤثر على الحكومات. 

وبعدما اعتمد إصلاحات خفضت إلى حد كبير من سلطة العسكريين، نجا الرئيس التركي من محاولة انقلاب في يوليو 2016 قادها عسكريون ونسبها إلى أنصار الداعية فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة.