ما هي منطقة "دونباس" مصدر التوتر على حدود روسيا وأوكرانيا؟

time reading iconدقائق القراءة - 9
مقاتلون من الانفصاليين الموالين لروسيا في دونباس يركبون وحدات مدفعية متحركة في بلدة ديبالتسيف - 22 فبراير 2015 - REUTERS
مقاتلون من الانفصاليين الموالين لروسيا في دونباس يركبون وحدات مدفعية متحركة في بلدة ديبالتسيف - 22 فبراير 2015 - REUTERS
دبي-الشرق

تصدّر الصراع في منطقة دونباس المتنازع عليها شرق أوكرانيا العناوين مؤخراً، بعد تعزيز روسيا وجودها العسكري على الحدود بين البلدين، ما دفع إلى اتهامها بالتحضير لغزو مشابه لما فعلته في عام 2014 والذي اتُهمت بتنفيذه من أجل دعم الانفصاليين الموالين لها في دونباس في حربهم ضد القوات الأوكرانية.

واتهمت روسيا، أوكرانيا بنشر نصف جيشها الذي يبلغ 125 ألف جندي، في دونباس، في وقت قال فيه الرئيس الأوكراني إن الحرب "لن تُحل دون محادثات". فما هي منطقة دونباس، وما سبب تسميتها، وما هي خلفية الصراع فيها؟ 

أصل التسمية

دونباس هي اختصار لكلمتي "دون" من دونيتسك، و"باس" من باسين بالروسية، أي "حوض دونيتسك"، وجاء اسمها من حوض الفحم الذي اكتُشف في عام 1721 والذي تمت تسميته على اسم نهر دونيتس العابر في المنطقة، بحسب موقع "بريطانيكا". وبدأ استغلال حوض دونيتسك في أوائل القرن الـ19، وبحلول عام 1913 كان ينتج 87% من الفحم الروسي. 

وحافظ سُكّان دونباس "عاصمتها مدينة دانيتسك (جنوب غربي أوكرانيا)، ومجموعات موالية لموسكو فيها، على علاقة خاصة مع روسيا بعد أزمة "القرم"، واستمروا في علاقات مفتوحة مع موسكو، وانفصالية عن السلطات الأوكرانية.

وتشتهر المنطقة تاريخياً بحركتها العمالية التي تعيش على مناجم الفحم الغنية بها، كما أنها أكبر منطقة منتجة للحديد والصلب في أوكرانيا. وتعد منطقة تعدين كبيرة ومنطقة صناعية في جنوب شرقي أوروبا، وواحدة من أكبر المجمعات المعدنية والصناعات الثقيلة في العالم. 

وفي حوض دونيتسك أيضاً، يتم استخراج الزئبق، كما تتخذ صناعة الأسمنت أهمية كبرى. وتم إدخال مجموعة واسعة من الصناعات الخفيفة وصناعات السلع الاستهلاكية لتنويع الاقتصاد وتلبية احتياجات عدد كبير من السكان. 

منطقة عابرة للحدود

يُشار إلى دونباس أحياناً على أنها منطقة متجاوزة للحدود، كونها تمثل جزءاً من منطقة روستوف أوبلاست في روسيا.

ويتضح هذا من امتداد حوض فحم دانيتسك جغرافياً إلى المنطقة المتخصصة في استخراج فحم التعدين التي يُطلق عليها "دونباس الروسية" أحياناً.

ولكن الأخيرة ذات أهمية اقتصادية وسياسية واجتماعية أقل مقارنة بالجزء الذي تم ضمه إلى أوكرانيا بعد عام 1991، إثر انهيار الاتحاد السوفيتي. 

ويقول العالم والفيلسوف الأوكراني جريجوري نيميريا: "تزيد أهمية كون المرء من منطقة دونباس عن كونه روسي أو أوكراني الجنسية، ولذلك فإن انهيار الاتحاد السوفياتي يعني بالطبع ظهور الهوية والولاء الإقليمي. وعلى أي حال، فإن الناس لا يحددون العرق الذي ينتمون إليه صراحة، لأن معظم العائلات كعائلتي، لها أصول مختلطة". 

حرب دونباس

منذ عام 2014، تخوض القوات الحكومة الأوكرانية حرباً ضد الانفصاليين الموالين لروسيا في دونباس الذين استولوا عليها في العام نفسه. 

وبدأت الحرب من بداية مارس، عندما خرجت تظاهرات من قبل الجماعات الانفصالية في ولايتي دانيتسك ولوهانسك في أوكرانيا، والتي تسمى مجتمعة منطقة دونباس، في أعقاب الثورة الأوكرانية عام 2014 وحركة الميدان الأوروبي (الاحتجاجات التي خرجت بعدما علقت الحكومة الأوكرانية التحضيرات لتوقيع اتفاقية الشراكة واتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي). 

وأعقبت هذه التظاهرات ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وكانت جزءاً من مجموعة واسعة من الاحتجاجات المتزامنة الموالية لروسيا في جنوب أوكرانيا وشرقها، وتصاعدت لتتحول إلى نزاع مسلح بين القوات الانفصالية لـ"جمهورية دانيتسك ولوهانسك" المعلنة من جانب واحد، والحكومة الأوكرانية. 

وفي حين أن الاحتجاجات الأولية كانت إلى حد كبير تعبيرات محلية عن السخط من الحكومة الأوكرانية الجديدة، استغلتها روسيا لإطلاق حملة سياسية وعسكرية منسقة ضد أوكرانيا.

وقاد مواطنون روس الحركة الانفصالية في دانيتسك من أبريل حتى أغسطس 2014، وكانوا مدعومين من قبل متطوعين وعتاد من روسيا. 

في أبريل 2014، شنت أوكرانيا هجوماً عسكرياً مضاداً ضد القوات الموالية لروسيا، تمكن بحلول آواخر أغسطس، من تقليص الأراضي الواقعة تحت سيطرة القوات الموالية لروسيا إلى حد كبير، واقتربت من استعادة السيطرة على الحدود الروسية الأوكرانية.

ورداً على ذلك، بدأت روسيا غزواً لدونباس، بالمدفعية والأفراد، تحت مسمى "قافلة إنسانية".

ونتيجة للغزو، استعادت القوات الانفصالية الكثير من الأراضي التي فقدتها خلال الهجوم العسكري السابق للحكومة الأوكرانية. 

 ومع تصاعد الصراع في مايو 2014، نشرت روسيا مقاتلين غير نظاميين وقوات روسية نظامية ودعماً عسكرياً تقليدياً لدونباس. ووفقاً للحكومة الأوكرانية، أفادت التقارير بأن القوات شبه العسكرية الروسية شكّلت ما بين 15% إلى 80% من المقاتلين في ذروة الصراع صيف 2014. 

 وفي 5 سبتمبر 2014، وقّعت أوكرانيا وروسيا و"جمهورية دانيتسك ولوهانسك" اتفاقية لوقف إطلاق النار، سميت "بروتوكول مينسك"، لكن وقف إطلاق النار انتُهك مراراً من قبل الجانبين، قبل أن ينهار تماماً في يناير 2015. ثم وافقت الأطراف المعنية على وقف إطلاق نار جديد، سمي "مينسك 2"، في 12 فبراير 2015. 

وفور توقيع الاتفاق، شنّت القوات الانفصالية هجوماً على مدينة دبالتسيف وأجبرت القوات الأوكرانية على الانسحاب منها.

وفي الأشهر التي أعقبت سقوط دبالتسيف، استمرت المناوشات الصغيرة على طول خط التماس، لكن لم تحدث تغييرات إقليمية. أدّت حالة الجمود هذه إلى وصف الحرب بأنها "نزاع مجمّد".

وبحلول نهاية عام 2017، كانت بعثة المراقبة التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا قد سجلت قرابة 30 ألف فرد يرتدون لباساً عسكرياً يعبرون من روسيا إلى دونباس عند نقطتي التفتيش الحدوديتين المسموح لها بمراقبتهما.

كما وثقت المنظمة حالات عدّة لعبور قوافل عسكرية من روسيا إلى الأراضي المحتلة على طرق ترابية بعيداً عن المعابر الحدودية الرسمية، وعادةً في الليل. 

وتُجري روسيا، حالياً، مناورات عسكرية في منطقة روسية على الحدود مع دونباس، ومناورات أخرى في شبه جزيرة القرم، كما أنها نشرت آلاف القوات قرب الحدود مع أوكرانيا قبل أسابيع، وهو ما يدفع كييف وحلفاؤها الغربيين إلى القلق من احتمال غزو. 

اقرأ أيضاً: