بعد وقف "التنسيق الأمني".. مسؤولون فلسطينيون لـ"الشرق": إسرائيل قتلت أوسلو

time reading iconدقائق القراءة - 6
فلسطينيون خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلية في الضفة الغربية. 27 يناير 2023 - AFP
فلسطينيون خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلية في الضفة الغربية. 27 يناير 2023 - AFP
رام الله-محمد دراغمة

يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة مُغلقة، الجمعة، لمناقشة التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، والذي دفع السلطة الفلسطينية إلى إعلان "وقف التنسيق الأمني" بين الجانبين عقب عملية عسكرية شنتها قوات الاحتلال في مدينة جنين، حيث قتلت وأصابت العشرات.

وتهدد السلطة الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل منذ سنوات، لكنها لم تتخذ القرار بصورة فعلية، إلا بعدما اعتبرت أنَّ فرص العودة إلى مسار الحل السياسي مع الجانب الإسرائيلي باتت "مسدودة" أمامها، وفقاً لما ذكره مسؤولون فلسطينيون لـ"الشرق".

وكشف مسؤول رفيع شارك في اجتماعات القيادة الفلسطينية، التي اتخذت القرار، أنَّ المجتمعين اتفقوا على أنه "لم يعد من مبرر لبقاء التنسيق والتعاون الأمني مع إسرائيل بعدما فقدوا الأمل في فرصة العودة إلى العملية السياسية".

وأضاف المسؤول الفلسطيني في حديث لـ"الشرق"، أن "التنسيق الأمني جزء أساسي من اتفاق أوسلو، والهدف منه خدمة العملية السياسية مع الإسرائيليين". وقال: "عندما قامت تل أبيب بقتل الاتفاق ودفن العملية السياسية برمتها، لم يعد هناك مبرر لالتزامنا به".

وتابع: "تنسيق وتعاون أمني من دون عملية سياسية يعني أننا نعمل وكيلاً عند الاحتلال (إسرائيل)، وهذا ما لا نقبل به".

وأوقفت إسرائيل العمل ببنود عدة في اتفاق أوسلو، خصوصاً تلك التي منحت السلطة الفلسطينية سيادة أمنية ومدنية على المدن والبلدات الرئيسية التي تشكل 40% من مساحة الضفة الغربية، ومنها أيضاً البنود التي نصَّت على مراجعة الاتفاق الاقتصادي، وتقاسم إيرادات المعابر وغيرها.

وقام التنسيق الأمني على تعاون الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لوقف العمليات والأنشطة المسلحة في المناطق الواقعة تحت إدارة السلطة الفلسطينية. والخميس، قررت الرئاسة الفلسطينية وقف التنسيق مع إسرائيل، رداً على اقتحام القوات الإسرائيلية محافظة جنين بعملية عسكرية قتلت خلالها 9 فلسطينيين وأصابت عشرات.

"إعادة الاحتلال"

وقال مسؤول أمني فلسطيني لـ"الشرق" إن "إسرائيل لم تعد تعتمد على التنسيق الأمني مع السلطة، لأنها قامت بإعادة احتلال مناطق الإدارة الفلسطينية، وتقوم بعمليات دهم شبه يومية لتلك المناطق، وتعتقل وتقتل وتهدم البيوت، من دون أي تنسيق مع السلطة".

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنَّ وقف التنسيق الأمني لن يؤثر على الأمن الإسرائيلي، لأنَّ أجهزة الأمن تعتمد على جهودها في مكافحة ما تصفه بـ"العنف الفلسطيني"، ولا تعتمد على السلطة.

وتحافظ السلطة الفلسطينية على تنسيق في الشؤون المدنية مع إسرائيل، مثل إصدار بطاقات مرور، وبطاقات هوية شخصية، وجوازات سفر، والسجل المدني من مواليد ووفيات.

الدور الأميركي

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، الجمعة، إن الولايات المتحدة "قلقة للغاية" حيال أعمال العنف التي جرت في الآونة الأخيرة في إسرائيل والضفة الغربية، وإنها ترى أن هناك "حاجة ملحة" لأن توقف جميع الأطراف "التصعيد" في المنطقة.

وقال كيربي، في إفادة صحافية، إن الولايات المتحدة على علم بالتقارير التي تفيد بسقوط ما لا يقل عن عشرة أشخاص "في عملية مكافحة إرهاب لقوات الدفاع الإسرائيلية وتأسف بشدة للخسائر في أرواح المدنيين".

وتبذل الإدارة الأميركية جهوداً للحفاظ على الوضع القائم، ومنع حدوث تدهور أو انفجار أمني بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وشملت هذه الجهود قيام عدد من كبار المسؤولين الأميركيين بزيارة المنطقة ولقاء مسؤولين من الجانبين، بينهم مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ورئيس وكالة الاستخبارات الأميركية "سي آي إيه"، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، إضافة إلى وفد أمني رفيع.

وذكرت مصادر دبلوماسية غربية لـ"الشرق" أنَّ زيارات المسؤولين الأميركيين تهدف إلى بحث ملفات المنطقة ومن بينها الملف الفلسطيني، مشيرة إلى أنها كانت مقررة مسبقاً بهدف لقاء رئيس وأركان الحكومة الإسرائيلية الجديدة وبحث الملفات المشتركة.

وأوضحت المصادر أن الجهود الأميركية في هذه المرحلة "تهدف إلى تحقيق هدفين، الأول منع حدوث تدهور أمني، والثاني تحسين شروط حياة الفلسطينيين، بانتظار تغير الأوضاع السياسية، وتوفر بيئة مناسبة لإعادة إطلاق العملية السياسية".

تعقيدات الحكومة الجديدة

لكن المصادر ذاتها، قالت إنَّ الجهود الأميركية تواجه صعوبات عدة، منها تركيبة الحكومة الإسرائيلية الجديدة، ووجود تطلعات لعدد من أركانها تتعارض مع أسس العملية السلمية، خاصة التوسع الاستيطاني والضم.

وأضافت: "تحاول الإدارة الأميركية الحفاظ على الوضع القائم، ومنع القيام بمشاريع استيطانية من شأنها القضاء على الآمال بتحقيق حل الدولتين يوماً ما، لكنها تواجه صعوبات كبيرة بسبب تركيبة الحكومة الإسرائيلية التي تتضمن عناصر لا تؤمن بالحل السياسي وتسعى لضم الضفة الغربية".

ويتوقع مراقبون تصاعد المواجهات الفلسطينية الإسرائيلية في المرحلة المقبلة، جرّاء تسارع إجراءات الحكومة الإسرائيلية الجديدة مثل اقتحامات المسجد الأقصى، وشرعنة البؤر الاستيطانية، وتوسيع المستوطنات القائمة، وبناء أخرى جديدة على نحو يقضي على آخر آمال الفلسطينيين بالاستقلال.

وقال أستاذ العلوم السياسية في "الجامعة العربية الأميركية" في جنين، الدكتور جمال حويل لـ"الشرق": "هناك جيل جديد من الفلسطينيين ينهض لمواجهة الممارسات الاحتلالية.. جيل يعتبر أن مشروع العملية السياسية انتهى إلى غير عودة، وأن مقاومة الاحتلال وممارساته هي الطريق الوحيد".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات