حذَّر الرئيس الأميركي جو بايدن، الأربعاء، من أنَّ أي هجوم نووي تطلقه كوريا الشمالية على الولايات المتحدة أو حلفائها سيؤدي إلى القضاء على نظام كيم جونج أون.
وقال بايدن خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الكوري الجنوبي يون سوك يول في البيت الأبيض: "أي هجوم نووي تشنه كوريا الشمالية على الولايات المتحدة أو حلفائها غير مقبول وسيفضي إلى نهاية أي نظام يقدم على تحرك كهذا".
ورغم هذا التحذير، أكد بايدن أنَّ الولايات المتحدة ستستمر في مساعيها لتحقيق "اختراق دبلوماسي" مع كوريا الشمالية، من أجل تعزيز الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية.
من جانبه، قال الرئيس الكوري الجنوبي إنَِّ السلام مع بيونج يانج يأتي من خلال إثبات القوة وليس النوايا الحسنة، مشدداً على أنَّه "في حالة وقوع هجوم نووي كوري شمالي، فإنَّ واشنطن وسول اتفقتا على الرد بسرعة وبشكل ساحق وحاسم باستخدام القوة الكاملة للتحالف بما في ذلك الأسلحة النووية الأميركية".
وأكد يون خلال المؤتمر الصحافي أنه اتفق مع نظيره الأميركي على أنَّ "تحقيق السلام يأتي عبر فائض القوة وليس عبر سلام زائف يستند إلى حسن إرادة الطرف الآخر".
إعلان واشنطن
وأصدر يون وبايدن "إعلان واشنطن" لتعزيز المظلة النووية الأميركية على كوريا الجنوبية، التي تشعر بالقلق بشكل متزايد من استعراض القوة في كوريا الشمالية.
وأعلن الرئيسان أنَّ البلدين سيعززان الرد على "التهديد النووي المستمر لكوريا الشمالية" باتفاق يتضمن خططاً لإرساء غواصات أميركية مسلحة نووياً في كوريا الجنوبية لأول مرة منذ 40 عاماً، إضافة إلى تعزيز التدريب، وتحسين تبادل المعلومات بين البلدين، وفقاً لوكالة "أسوشيتد برس" الأميركية.
وأوضح يون أنَّ الالتزام الجديد للتحالف الأميركي الكوري الجنوبي يتضمن خططاً للمشاورات الرئاسية الثنائية في حال وقوع هجوم نووي كوري شمالي، وإنشاء مجموعة استشارية نووية، وتحسين تبادل المعلومات بشأن الخطط المتعلقة بعمليات الأسلحة النووية والاستراتيجية.
ووصف مسؤول أميركي كبير، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، الترتيب الجديد بأنه صدى لتحركات شوهدت آخر مرة عندما أشرفت واشنطن على الدفاع عن أوروبا ضد الاتحاد السوفيتي، وفقاً لوكالة "فرانس برس".
وقال المسؤول: "لم تتخذ الولايات المتحدة هذه الخطوات منذ ذروة الحرب الباردة حين اتخذتها مع أقرب حلفائنا في أوروبا"، مشيراً إلى أنَّ واشنطن تسعى من خلال هذه الإجراءات والخطوات الجديدة إلى إظهار أنَّ "التزامها بالردع الموسع لا يرقى إليه الشك".
لكن مسؤولين أميركيين، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، أكدوا أنه لا توجد خطط لنشر أسلحة نووية في كوريا الجنوبية، وهو ما يختلف عن الحرب الباردة، عندما تم نشر أسلحة استراتيجية أميركية في أوروبا.
"الردع الموسع"
وكان بايدن ويوون عقدا محادثات في البيت الأبيض في وقت سابق الأربعاء، لتوثيق التعاون بخصوص "ردع التصعيد النووي من جانب كوريا الشمالية"، وسط قلق من تنامي ترسانتها من الصواريخ والقنابل.
وقال بايدن خلال مراسم استقبال يون في البيت الأبيض "اليوم نحتفل بالتحالف الصلب والرؤية المشتركة لمستقبلنا والصداقة العميقة بين جمهورية كوريا الجنوبية والولايات المتحدة".
ويستخدم بايدن ويون أول زيارة دولة رسمية يقوم بها زعيم كوري جنوبي لواشنطن خلال أكثر من 10 سنوات لإرسال تحذير إلى زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون.
وأثارت برامج الأسلحة التي تطورها سريعاً كوريا الشمالية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية التي يمكن أن تصل إلى مدن أميركية، تساؤلات بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستستخدم بالفعل أسلحتها النووية للدفاع عن كوريا الجنوبية بموجب ما تسميه "الردع الموسع".
وتظهر استطلاعات الرأي في كوريا الجنوبية أنَّ غالبية المواطنين يرغبون في أن تمتلك سول قنابل نووية خاصة بها، وهي خطوة تعارضها واشنطن.
وقال مسؤولون أميركيون إنه بموجب "إعلان واشنطن" ستقدم الولايات المتحدة لكوريا الجنوبية رؤية مفصلة في ما يخص خطط الطوارئ الأميركية، لردع أي واقعة نووية في المنطقة والرد عليها بواسطة مجموعة الاستشارات النووية التابعة للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وفقاً لوكالة "رويترز".
مقترح أميركي
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، الأربعاء، عن مسؤول أميركي قوله إنَّ الولايات المتحدة وافقت على منح "صوت أكبر" لكوريا الجنوبية في أي مشاورات بشأن رد نووي أميركي محتمل على أي هجوم لكوريا الشمالية، في مقابل التخلي عن طموحاتها لامتلاك سلاح نووي خاص بها.
وسيمنح الاتفاق المذكور قادة كوريا الجنوبية مكاناً لطالما سعت إليه سول على طاولة استخدام الأسلحة النووية الأميركية للدفاع عن نفسها، رغم أن واشنطن ستظل متحكمة في الأهداف وفي تنفيذ أي عملية نووية.
وفي مقابل ذلك، ستؤكد سول التزامها بعدم تطوير أسلحة نووية خاصة بها، وفقاً للمسؤول الأميركي الذي تحدث للصحيفة.
وأثار الرئيس الكوري الجنوبي الجدل في يناير، حين قال إن بلاده ستسعى لتطوير أسلحتها النووية الخاصة بها، أو تطلب من الولايات المتحدة إعادة نشر أسلحتها النووية على شبه الجزيرة الكورية إذا تزايدت التهديدات الكورية الشمالية. وكانت هذه أول مرة يثير فيها زعيم للبلد احتمالات كهذه.
وتأتي الاتفاقية الجديدة، على خلفية التوتر المتصاعد في كوريا الجنوبية حيال الالتزامات الأميركية بعامل الردع الموسع، أي عزم واشنطن استخدام أسلحتها النووية إذا اقتضت الحاجة، للدفاع عن كوريا الجنوبية رغم مخاطر قيام كوريا الشمالية بعمل انتقامي ضد الولايات المتحدة.
وحسب "رويترز"، فإنَّ الخطوات التي جرى الاتفاق عليها لا تصل إلى ما دعا إليه البعض في كوريا الجنوبية، ومن غير المرجح أن تغير اتجاه البرنامج النووي لكوريا الشمالية. لكن هذه الخطوات قد تتيح لرئيس كوريا الجنوبية محاولة إقناع مواطنيه في الداخل بأن واشنطن ستأخذ مخاوف سول على محمل الجد.