
انطلق سباق دراما رمضان لهذا العام بمجموعة متنوعة من المسلسلات التي توزعت بين القنوات الفضائية والمنصات الرقمية، مقدماً خليطاً من الدراما الاجتماعية، والأكشن، والكوميديا، والأعمال التاريخية.
ورغم الكم الهائل من الإنتاجات، إلا أن الحلقات التي عرضت خلال الأسبوع الأول، كشفت عن تفاوت في مستوى الأعمال، حيث استطاع عدد قليل منها أن يبرز بقوة، وفقاً لرأي النقاد.
أكد الناقد طارق الشناوي في تصريح لـ"الشرق" أن الحلقات الأولى قد لا تكون كافية للحكم على عمل درامي، إلا أن "قلبي ومفتاحه" للمخرج تامر محسن قدّم نموذجاً يُحتذى به للحلقات الأولى المثالية، وأشاد الشناوي بأسلوب الإخراج الذي مزج بين التشويق، الإيقاع السريع، والرؤية البصرية الجاذبة، إضافةً إلى قدرته على توظيف الممثلين بشكل احترافي، مما أتاح لهم استعراض إمكانياتهم التمثيلية بأفضل صورة. وأضاف: "تامر محسن قليل الظهور، لكنه عندما يعود، يترك بصمته بوضوح على الشاشة الصغيرة".
من جانبها، أشادت الناقدة ماجدة خيرالله في حديثها لـ"الشرق" بمسلسل "ولاد الشمس"، الذي جمع بين محمود حميدة، أحمد مالك، وطه الدسوقي، معتبرة أن حلقات المسلسل حتى الآن حملت ملامح مشروع درامي متميز، وأشارت إلى الأداء المبهر لمحمود حميدة في تقديم شخصية شريرة دون مبالغة، بالإضافة إلى المنافسة الفنية الراقية بين أحمد مالك وطه الدسوقي، كما لفتت إلى موهبة المخرج شادي عبد السلام، معتبرة أنه نجح في تقديم عمل درامي يمتلك رؤية إخراجية متماسكة.
مفاجأة رمضان.. "شارع الأعشى"
أما المخرج مجدي أحمد علي، فكشف لـ"الشرق" عن إعجابه الشديد بمسلسل "شارع الأعشى"، الذي يستند إلى رواية الكاتبة السعودية بدرية البشر. وأوضح أنه كان يسعى لتحويل الرواية إلى عمل درامي، لكنه فوجئ بأن منصة MBC حصلت على حقوق الإنتاج. وأضاف: "على الرغم من أنني كنت أتمنى إخراج المسلسل بنفسي، إلا أنني أتابعه الآن بسعادة كبيرة، وأراه من أهم مفاجآت رمضان".
الناقدة ناهد صلاح أبدت إعجابها بمسلسل "أشغال شقة جداً" في جزئه الثاني، مشيرة إلى أن العمل نجح في تقديم كوميديا تعتمد على المواقف اليومية بعيداً عن التصنع، وهو ما جعله يحظى بجمهور واسع، كما نوهت إلى التناغم الكبير بين هشام ماجد ومصطفى غريب، مما أضفى على العمل طابعاً مرحاً ومحبباً.
في المقابل، اعتبرت أن مسلسل "شهادة معاملة أطفال" لمحمد هنيدي جاء دون التوقعات، مشيرة إلى أن هنيدي، رغم موهبته الكبيرة، بحاجة إلى إعادة اكتشاف نفسه فنياً.
دراما الفتوات والعالم السفلي
وتحدثت الناقدة ناهد صلاح عن استمرار سيطرة مسلسلات الفتوات والأحياء الشعبية، مثل "سيد الناس" و"فهد البطل"، مؤكدة أن بعضها يبالغ في تقديم العنف والبلطجة كمحاولة لجذب المشاهدين، ورغم ذلك، أبدت تفاؤلها بظهور أعمال كوميدية جديدة، مثل "النص" لأحمد أمين و"الكابتن" لأكرم حسني، التي تقدم أفكاراً مختلفة بعيداً عن التكرار السائد.
وكشف الناقد خالد محمود عن إعجابه بمسلسل "ولاد الشمس"، مشيراً إلى أنه عمل متميز يحمل رؤية درامية مختلفة يقدمها المخرج شادي عبد السلام، وأشاد بالمستوى العالي للأداء التمثيلي، خاصة من طه الدسوقي وأحمد مالك، اللذين يجسدان شخصياتهما بمهارة وعمق، إلى جانب الحضور القوي للفنان محمود حميدة.
وعلى صعيد الكوميديا، رأى أن مسلسل "أشغال شقة جداً" يكرر نفس النهج الذي اعتمده في جزئه الأول، حيث يعتمد على استقدام عاملة منزلية وخلق مواقف كوميدية حولها، دون طرح فكرة جديدة أو تطوير واضح في أداء الأبطال، معتبراً أن هذا النوع من الكوميديا قد يستمر لسنوات دون أن يضيف جديداً.
أما عن الأعمال التي تدور في الأحياء الشعبية، فقد لفت إلى أن مسلسل "فهد البطل" رغم اعتماده على نموذج البطل الشعبي، إلا أن أحمد العوضي أظهر نضجًا ملحوظًا في أدائه مقارنة بأدواره السابقة.
كما اعتبر أن مسلسل "شهادة معاملة أطفال" يمثل عودة قوية لمحمد هنيدي، بعد تراجع ملحوظ في أعماله خلال السنوات الأخيرة.
وختم حديثه بالإشارة إلى بروز عدد من المخرجين الشباب هذا الموسم، مثل محمد عبد السلام مخرج "فهد البطل"، وشادي عبد السلام مخرج "ولاد الشمس"، وكوثر يونس مخرجة "80 باكو"، معتبراً أن هذه الأسماء تمثل جيلًا جديدًا قادرًا على تقديم رؤى إخراجية مختلفة في الدراما العربية.
طاقة شابية واعدة
الناقد أحمد سعد الدين أبدى إعجابه بعدد محدود من المسلسلات التي عُرضت في الموسم الرمضاني، مشيراً إلى أن أبرزها كان "ولاد الشمس"، حيث وصفه بأنه عمل متكامل يجمع بين طاقة شبابية واعدة وأداء متمكن من محمود حميدة.
كما أثنى على مسلسل "إخواتي"، الذي يجمع في بطولته نيللي كريم، روبي، كندة علوش، وجيهان الشماشرجي، معتبراً أنه يقدم خلطة اجتماعية كوميدية تشبه إلى حد كبير تجربة "بـ100 وش" الناجحة.
وفيما يتعلق بالكوميديا، أشار إلى أن مسلسل "النص" يتميز بطابعه المختلف، حيث تدور أحداثه في فترة الأربعينات وتعتمد الكوميديا فيه على المواقف أكثر من الإفيهات المباشرة. كما وصف أعمالًا أخرى مثل "كامل العدد 3"، "أشغال شقة جدًا"، و"80 باكو" بالجيدة.
أما عن محمد هنيدي، فرأى أنه بدأ بقوة في مسلسل "شهادة معاملة أطفال"، لكنه فقد بعض زخمه بعد الحلقة الأولى.
وفيما يخص الأعمال العربية المشتركة، أشاد بأداء تيم حسن في مسلسل "تحت سابع أرض"، معتبرًا أنه قدم عملاً عربياً متميزاً سيحظى بنجاح كبير.
نجاح سوري
وأكد الناقد سيد محمود أن تيم حسن نجح في تقديم مسلسل "تحت سابع أرض" بأسلوب مميز، متوقعاً أن يحصد نجاحاً واسعاً في العالم العربي. كما أشار إلى أن مسلسل "ليالي روكسي" لسلاف فواخرجي قد يكون أحد الأعمال اللافتة للنظر هذا الموسم.
وتابع قائلاً: "هناك أعمال مستفزة فنياً، مثل مسلسلات(عقبال عندكم، تقابل حبيب، شهادة معاملة أطفال) فأحداثها غير منطقية، وليس بها عناصر مميزة على أغلب المستويات، كما أنني تعجبت من تركيز (فهد البطل) علي البلطجة بشكل زائد عن الحد لجذب المشاهد دون مبرر درامي".
الناقد زين خيري أشاد بعدد من المخرجين الشباب الذين برزوا هذا الموسم، مثل محمد شاكر خضير، إسلام خيري، وأحمد خالد. كما أثنى على تامر محسن في "قلبي ومفتاحه"، معتبراً أنه نجح في تقديم رؤية متكاملة، ليس فقط على مستوى الإخراج، بل أيضاً على صعيد الكتابة الدرامية.
أفكار جديدة ولكن
وأكدت الناقدة ماجدة موريس أن هناك مسلسلات قدمت أفكاراً مختلفة، مثل "ولاد الشمس"، الذي تناول حياة الشابين أحمد مالك وطه الدسوقي داخل دار الأيتام، ومسلسل "قلبي ومفتاحه"، الذي طرح قضية اجتماعية حساسة بأسلوب راقٍ. إلا أنها رأت أن الحكم النهائي على هذه الأعمال لا يمكن أن يكون إلا بعد انتهاء الحلقات.
وصف الناقد محمد قناوي الموسم الدرامي الحالي بأنه متوسط المستوى، مشيراً إلى انتشار أعمال تستند إلى العنف أو قصص الراقصات والمخدرات، مما قد يهدد بتحويل الدراما إلى "دراما مقاولات"، كما حدث في السينما المصرية خلال فترة الثمانينيات، ومع ذلك، أبدى إعجابه بعدد من الأعمال التي قدمت تجارب جديدة، مثل "قلبي ومفتاحه"، و"النص"، و"أشغال شقة جداً".
وأضاف: "مسلسل (حكيم باشا) العمل الصعيدي الوحيد الذي يقدم في رمضان، لكن يقدم الصعيد بشكلةغريب، وبنفس الإصرار علي موضوعات تجارة الآثار والمخدرات، عكس أعمال مميزة سابقاة مثل (الرحايا) لنور الشريف، (الفرار من الحب)، و(الضوء الشارد) لمحمد صفاء عامر، وكنت أتمني أن نسير في هذا الاتجاه ونقدم أعمالاً تعيش وتبقى، رغم أن مصطفي شعبان يقدم أداء جيداً".