
حظيت عودة المُمثلة الاستعراضية المصرية الشهيرة شريهان للمسرح بعد غياب 19 عاماً عن الشاشة و26 عاماً عن المسرح، بردود فعل إيجابية واسعة، بعد عرض مسرحيتها الجديدة "كوكو شانيل".
وكانت آخر مشاركة للممثلة الاستعراضية على الشاشة في فيلم العشق والدم عام 2002، وفي المسرح في "شارع محمد علي" (1991 - 1995).
وتستعرض "كوكو شانيل"، التي تُعرض عبر منصة "شاهد"، بالتزامن مع احتفالات عيد الأضحى، قصة حياة مصممة الأزياء الفرنسية الشهيرة "كوكو شانيل"، وعلامتها التجارية الأشهر عالمياً في مجال الأزياء، وذلك في قالب غنائي استعراضي.
ويشارك شريهان في بطولة المسرحية، آسر ياسين، وإنجي وجدان، وسمر مرسي وهاني عادل، وهي من تأليف مدحت العدل، وإخراج هادي الباجوري، ومدير التصوير أحمد المرسي، ومصمم الاستعراضات هاني أباظة.
ووجهت شريهان رسالة شكر إلى كل فريق عمل المسرحية، وكتبت على "تويتر": "مقولة أضفتها إلى قاموسي.. الأبطال الحقيقيون لا يصعدون إلى خشبة المسرح، الأبطال الحقيقيون وراء الكواليس".
وأضافت: "شكراً إلى كل بطل مبدع حقيقي كان خلف خروج مسرحية كوكو شانيل من أصغر عامل وصولاً إلى المخرج الرائع الأستاذ هادي الباجوري".
علامة فنيّة
الكاتب والشاعر المصري مدحت العدل، مؤلف مسرحية "كوكو شانيل"، أعرب عن سعادته البالغة بردود فعل الجمهور، قائلاً لـ"الشرق": "شريهان علامة فنية بارزة، وتفاعل الجمهور مع المسرحية بشكلٍ إيجابي يُعني أنّ الفن الراقي واحترام المُمثل لفنه، يلقيان ترحيباً كبيراً من المُشاهد".
وأضاف: "الجهة المُنتجة كانت تحرص منذ البداية على تقديم تجربة مسرحية تليق بتاريخ شريهان الفني الطويل، إذ جرى توفير كل مقومات النجاح، فيما بذل فريق العمل جهوداً ضخمة بشأن خروج المشروع على مستوى عالٍ من الاحترافية"، واصفاً هذا المشروع بقوله: "من أقرب الأعمال لقلبي".
خوف وقلق
وتحدث المخرج هادي الباجوري، عن كواليس تعاونه مع شريهان، في "كوكو شانيل"، قائلاً لـ"الشرق": هذه المرة الأولى التي أخوض فيها تجربة إخراج مسرحي، إضافة إلى أنها مع نجمة بحجم شريهان، لذلك كنت حريصاً منذ البداية على خروجها بشكلٍ احترافي، وتطلب العرض الذي تم تنفيذه على مدار عامٍ ونصف العام، جهوداً ضخمة خلال فترة التحضيرات".
وأشار إلى حالة الخوف التي انتابته فور تعاقده على المشروع، مُبرراً ذلك بقوله: "شريهان فنانة أسطورية، وليس من السهل أن تثق في أي مخرج، لذلك كنا نتناقش في تفاصيل المشروع كافة، لاسيّما وأنّ هذه المرة الأولى التي نتعاون فيها سوياً".
وتابع الباجوري: "شريهان كانت تُحب التدخل في عناصر المشروع، لرغبتها في العودة للجمهور بشكلٍ مميز من دون أخطاء، لذلك لم أشعر بأي ضيق وكنت حريصاً على استشارتها في مختلف الأمور، والاستفادة من خبراتها، كونها نجمة مسرح لسنواتٍ طوال".
نوبة بكاء
ورصد مخرج "كوكو شانيل"، حالة الخوف والقلق التي انتابت شريهان، في أولى أيام تصوير المسرحية، لاسيّما وأنها تعود للوقوف على خشبة المسرح بعد ما يقرب من 3 عقود كاملة، مؤكداً أنّ "بعد مرور عدّة أيام من التصوير، أصبحت أكثر هدوءاً، وعندما شاهدت المسرحية بكت واحتضنتني وبكيت أنا الآخر".
وأشار إلى أنّ مشروع عودة شريهان للمسرح، كان يتضمن 13 عرضاً مسرحياً، كل عرض يتحدث عن شخصية نسائية أثّرت في العالم بشكلٍ ما، موضحاً أنّ "المشروع توقف بشكلٍ مفاجئ، ولم يُثمر سوى عن مسرحية وحيدة، لكن قد يتغير الوضع خلال الفترة المُقبلة".
بهجة وحيوية
ويرى الكاتب والسيناريست المصري تامر حبيب، أنّ إطلالة شريهان على الجمهور بعد غيابٍ طويل، "تخطف القلب"، قائلاً: "شريهان تُعد أيقونة الاستعراض في الوطن العربي، والجمهور اطّلع على عرض مسرحي بشكلٍ غير تقليدي".
وأشاد الناقد طارق الشناوي، بأداء شريهان على المسرح، رغم غيابها عن المسرح منذ 26 عاماً، قائلاً لـ"الشرق": "شريهان أمضت نصف عمرها بعيدة عن الفن، وعندما شاهدت المسرحية شعرت أنّ الزمن توقف وكأنها لم تغب".
وأضاف: "عناصر التجربة كلها متميزة، ما أسهم في خروج العمل بشكلٍ مبهج"، معرباً عن أمله باستكمال مشروع عودة شريهان للمسرح، وتقديم العروض الـ12 المُتبقية.
تجربة احترافية
وعبر مخرجون ونقاد عن سعادتهم بعودة شريهان إلى المسرح مجدداً، إذ كتب المخرج خضر محمد خضر، على "فيسبوك": "طلة شريهان لوحدها تقشعر.. حاجة فخمة الصراحة.. فرحان بالإنتاج والإخراج والملابس والديكور والموسيقى والاستعراض.. ابتدينا ندخل في مرحلة المقارنة بمسارح برودواي وده شيء عظيم ومبشر في حد ذاته".
ورأى المخرج السوداني أمجد أبو العلا، أنّ "كوكو شانيل"، بمثابة "مسرح جديد على العالم العربي، وجديد على مسرحيات شريهان نفسها"، وقال عن العرض: "فيلم مصور بإخراج رائع من هادي الباجوري.. اللي متفرجش لسّه يعتبر العيد ماوصلش عنده".
الناقدة المصرية ماجدة خير الله، أشادت بمغامرة "العدل غروب" لإنتاج مسرحية عن كوكو شانيل، وهي شخصية ربما لا تلقى اهتماماً كبيراً من الجمهور، حسبما كتبت على "فيسبوك".
وأضافت: "يبدو أن حسبة العدل ورهانهم كان أبعد من التوقعات، ربما يكون اسم شريهان أول عامل جذب لمتابعة المسرحية، التي أخرجها هادي الباجوري، وجمع فيها للمرة الأولى بين الشكل المسرحي والإمكانيات السينمائية، في نص شديد الجاذبية وضعه مدحت العدل".
وتابعت: "المسرحية قفزة إبداعية وخط فاصل لما قبلها أو ما يمكن أن يقدم بعدها، فهي لا تُشبه كل ما قدمته شريهان من استعراض في المسرح أو السينما وفوازير التليفزيون، إنها حالة نادرة تُشبه تحول دودة القز إلى فراشة فلا تصدق، إنّ هذا الكائن الذي يحلق بألوانه الزاهية أمامك قد خرج من كائن آخر اعتقدت إنه قدّم كل ما لديه".
وأضافت أنّ "شريهان في حالة من التوهج في تجسيد شخصية امرأة قوية انتصرت على ضعفها وعلى ضربات القدر، آمنت بفنها وتفردها، فصنعت من اسمها ثورة وأسطورة، وربما تكون تلك قيمة المسرحية التي راهنت على تقديم نموذج فريد لامرأة لا يهم جنسيتها وفي أي زمن وجدت، المهم إنها استطاعت أن تتحدى ضعفها وتصنع من اسمها أسطورة لا يزال العالم يتذكرها رغم الغياب".