فينيسيا 2025.. تكريم للشغف السينمائي والتجريب الجريء

جائزة Campari Passion for Film للأميركي جوس ڤان سانت وعرض عالمي أول لـDead Man’s Wire

time reading iconدقائق القراءة - 5
المخرج الأميركي جوس ڤان سانت في صورة غير مؤرخة - X@la_Biennale
المخرج الأميركي جوس ڤان سانت في صورة غير مؤرخة - X@la_Biennale
فينيسيا -عرفان رشيد

أعلنت بينالي فينيسيا وشركة Campari عن منح المخرج الأميركي جوس ڤان سانت جائزة Campari Passion for Film، في الدورة الـ82 من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي للفن التي تُقام في جزيرة الليدو من 27 أغسطس إلى 6 سبتمبر 2025.

وتأتي هذا الجائزة احتفاءً بشغف ڤان سانت الإبداعي وقدرته على الجمع بين الرؤية الفنية الجريئة والتواصل الحي مع الجمهور، بانسجامه الكامل مع الأهداف التي أُطلقت من أجلها قبل سبع سنوات في فينيسيا، إذْ لم تُصمَّم لتكون وساماً تكريمياً يُمنح عند نهاية المسيرة، بل هي اعتراف بديناميكية الشغف الفني، وبقدرة المبدعين على تحويل الرؤية إلى طاقة متوهجة داخل الفيلم؛ ولهذا السبب وقع الاختيار هذه السنة على ڤان سانت، الذي لم يتوقف يوماً عن التجديد، وتأكيداً على التزام الجائزة المتواصل بدعم المحترفين الذين يمنحون السينما طابعها الخلّاق.

وسيُقام حفل تسليم الجائزة الثلاثاء 2 سبتمبر 2025 في "قصر السينما" (Sala Grande) قبيل العرض العالمي الأول لفيلم ڤان سانت الجديد Dead Man’s Wire، وهو فيلم خارج المسابقة من إنتاج الولايات المتحدة ومدته 105 دقائق، من بطولة بيل سكارسجارد، وداكر مونتجومري، وكولمان دومينجو، وكاري إلويس، ومايالا، وآل باتشينو.

السينما شغف لا ينضب

وأعرب جوس ڤان سانت عن امتنانه "لهذه الالتفاتة"، وقال: "إنها تعني لي الكثير، ليس فقط للاعتراف بعملي، بل للدعم الذي يُقدّم إلى إحدى أعرق المؤسسات السينمائية في العالم".

وأضاف: "إنه امتياز حقيقي أن أكون جزءاً من هذا التقليد، وأقدّر بشدة الشغف الذي يكرسونه للأفلام".

ووصف مدير للمهرجان ألبيرتو باربيرا، المخرج المُكرّم بكونه "أحد الأصوات المتفردة في المشهد السينمائي المعاصر، لأنه قادر على المزاوجة ما بين نزعة مستقلة صلبة وانفتاح نادر على الجمهور"، مشيراً إلى أنه "يتنقل بحرية بين نظام هوليوود وسينما المؤلف، من دون أن يسلبه منطق وآليات الصناعة أو أن يُفرّط في رؤيته الشخصية".

وأكد باربيرا أن "ڤان سانت بعد 40 عاماً من أول أفلامه، ما يزال فناناً متوهّجاً، يُعيد ابتكار نفسه باستمرار"، والدليل هو "هذا الفيلم الجديد الرائع Dead Man’s Wire".

من هوامش المجتمع إلى الأوسكار

يُعد جوس ڤان سانت أحد أبرز رموز السينما المستقلة الأميركية منذ الثمانينيات، وتميّزت أعماله بتركيزها على الشخصيات المهمشة والمقصيّة والمراهقين الضائعين، وعلى الوحدة في المدينة والاغتراب الاجتماعي بأسلوب بصري يجمع بين التجريب، التعاطف، والتقشف السردي.

الخطوة الأولى بـ Mala Noche

بدأ مسيرته بفيلم Mala Noche عام 1985، لكنه حصد شهرة واسعة مع Drugstore Cowboy عام 1989، الذي نال 4 جوائز Independent Spirit في العام التالي.

ثمّ جاء الفيلم الذي كرسّه عالمياً، My Own Private Idaho (1991) وكان من بطولة ريڤر فينيكس وكيانو ريفز، وعُرض في مهرجان فينيسيا حيث فاز فينيكس بجائزة "كأس ڤولپي" لأفضل تمثيل.

في 1997، أنجز ڤان سانت Good Will Hunting، الذي نال أوسكارَين: أفضل ممثل مساعد لـ"روبن ويليامز"، وأفضل سيناريو أصلي لـ"مات ديمون" و"بِنْ آفليك"، ثمّ نال السعفة الذهبية وجائزة أفضل إخراج في مهرجان كان 2003 عن فيلم Elephant، المستوحى من مجزرة مدرسة كولومباين.

وفي 2008، عاد بأحد أبرز أفلامه السياسية Milk، عن ناشط الحقوق المدنية هارڤي ميلك، الذي فاز بجائزتي أوسكار: أفضل ممثل رئيسي لـ"شون پِن"، وأفضل سيناريو أصلي.

آخر أفلامه قبل Dead Man’s Wire كان Don’t Worry، من بطولة جواكين فينيكس وجونا هيل، وقد عُرض في مهرجان برلين عام 2018.

جديده عن الهوَس الاجتماعي والعدالة الذاتية

فيلم Dead Man’s Wire يستند إلى حادثة حقيقية وقعت عام 1977، حين أقدم توني كيريتسِس، وهو وكيل عقاري سابق، على احتجاز سمساره كرهينة بعدما شعر أن مؤسسته المصرفية احتالت عليه.

واستخدم كيريتسِس بندقية مقطوعة الفوهة ربطها إلى عنق الرهينة بآلية يمكن أن تقتله فوراً إذا ما أقدمَ على أي حركة. لم تكن مطالبه بسيطة، "5 ملايين دولار، وحصانة كاملة، واعتذار علني".

كتب سيناريو الفيلم أوستن كولودني، ويجمع ما بين التشويق النفسي والدراما السياسية والاجتماعية، ليضيف إلى مسيرة ڤان سانت عملاً جديداً يحمل توقيعه البصري وتأملاته العميقة في العنف الأميركي والعدالة الشعبية.

سينمائي لا يهدأ

ما يميّز جوس ڤان سانت ليس فقط بصمته الجمالية أو اختياراته الجريئة، بل كونه سينمائياً لا يكرر نفسه، بل هو دائم الشغف بالتغيّر، ومفتون بالتجريب، وحاضر بقوة على أكثر من جبهة: "السينما، والرسم، والتصوير الفوتوجرافي، والموسيقى".

وفي فينيسيا 2025، لا يعود إلينا فقط كمُكرّم، بل كصانع فيلم حيوي، يعيد تأكيد حضوره كأحد أبرز الأصوات في السينما المعاصرة.

تصنيفات

قصص قد تهمك