بيروت-رنا نجار
أعلنت وزارة الثقافة اللبنانية الاثنين، اختيار الفيلم الروائي الطويل "كوستا برافا" للمخرجة مونيا عقل، لتمثيل لبنان في مسابقة أوسكار لعام 2022، وذلك عن فئة الفيلم الأجنبي، التي تنظّم من قبل أكاديمية الفنون وعلوم الصور المتحركة في الولايات المتحدة.
وشكل الاختيار مفاجأة لمخرجة الفيلم مونيا عقل، التي قالت في حديث لـ"الشرق"، إنه "لمن الفخر أن أمثل بلدي في الوقت الذي يمرّ بوقت عصيب سياسياً واقتصادياً".
وأضافت أن فيلم "كوستا برافا" صُنع "بحب وشغف، مع فريق عمل ومنتجين آمنوا بنصي ومشروعي وممثلين رائعين وموهوبين. أنا ممتنة لكل واحد منهم".
"أزمة وعزلة"
واعتبرت مونيا عقل أن هذه "فرصة مهمة لمشاركة قصة لبنانية مع الجمهور العالمي والمحلي والعربي"، مشيرة إلى أن "أن صناعة السينما في لبنان تواجه صعوبات، وكلنا نشعر بانكسار من داخلنا للانهيار الحاصل على جميع الصعد".
ويصور الفيلم اللبناني حياة عائلة بدري التي انتقلت للحياة في الجبال فراراً من الهواء الملوث وغير ذلك من المشاكل في العاصمة المكتظة بيروت.
وفي ظل العزلة التي يوفرها هذا الملاذ الآمن، يجتاح الوالدين إحساس بالذنب لهجر جذورهما من أجل تأمين مستقبل لابنتيهما، وفي ذلك الحين يقام فجأة مكب للنفايات أمام بيتهما، ومع تكدس النفايات تزداد التوترات في الأسرة.
وتلعب المخرجة اللبنانية الشهيرة نادين لبكي دور الأم، ويؤدي الممثل الفلسطيني صالح بكري شخصية الأب، وفي حين تشعر الأم بالحنين للحياة القديمة يشعر هو بالمرارة والغضب.
جدل متجدد
وكان موعد الإعلان عن اسم الفيلم اللبناني الذي سيشارك في منافسات الأوسكار أرجئ الجمعة الماضي، حيث ألغى وزير الثقافة القاضي محمد وسام مرتضى المؤتمر الصحافي الذي دعا إليه لأجل ذلك، مشيراً إلى أنه "لأسباب لوجستية وتقنية ألغينا المؤتمر، وسنعلن الاثنين الخبر اليقين".
وفي كل عام يرافق اختيار اسم الفيلم اللبناني الذي سيشارك في الأوسكار جدل متجدد، لكن الوزير مرتضى حسم الأمر عبر بيان صحافي، أعلن فيه القرار النهائي، موضحاً أنه في 27 أكتوبر انعقدت اللجنة الخاصة المكلفة باقتراح الفيلم السينمائي لتمثيل لبنان في مسابقة الأوسكار لعام 2022، ورفعت تقريراً إلى الوزير تضمّن ما خلاصته أنّ فيلم "على أمل تجي" (Death of a virgin, and the Sin of not living) نال 5 أصوات، وفيلم "كوستا برافا" 3 أصوات، فيما نال فيلم "يوسف" صوتاً واحداً، أما فيلم "البحر أمامكم" فلم ينل أي صوت".
وأفاد البيان الذي تلقت "الشرق" نسخة منه، بأنه "بعد التدقيق في المحضر المرفوع تبيّن لوزير الثقافة أنّ ثمّة خللاً إجرائياً شاب اجتماع اللجنة تمثّل بغياب اثنين من أعضائها دون إخطار الوزير بواقعة تغيّبهما، كما تبيّن أنّه بالإمكان إشراكهما في أعمال اللجنة عبر تقنيات التواصل عن بعد".
وتبيّن أيضا أنّ "ثمّة خللاً آخر تمثل بمشاركة عضوين إضافيين في الاجتماع تأميناً لتمثيل الجامعة اليسوعية والجامعة اللبنانية الأميركية، لكن دون المصادقة على إضافتهما إلى أعضاء اللجنة وفقاً للأصول، أي من قبل المرجع المختص دولياً، وضمن المهلة المحددة في أنظمته".
وتابع البيان أنه "استدراكاً لهذين الخللين الإجرائيين، طلب وزير الثقافة من اللجنة أن تجتمع وفقاً للأصول بالعدد المصادق عليه دولياً، على أن تعمد في بداية الاجتماع إلى وضع المعايير التي بالاستناد إليها سيجري مقاربة الفيلم الأصلح لتمثيل لبنان، وعلى أن تعتمد بعد ذلك إلى التداول والتصويت ورفع الاقتراح وفقاً للأصول".
اجتماع جديد
وتنفيذاً لقرار الوزير اجتمعت اللجنة بعديدها المصادق عليه دولياً، والتزمت في مستهل اجتماعها بوضع تلك المعايير التي تمثلّت بموضوع الفيلم، وطريقة معالجة الموضوع، وحركة الإخراج، والسيناريو، والتقنيات المستخدمة، وإدارة الممثلين، وحركة الكاميرا، وإيقاع الفيلم... وشرعت في عملية تداول تلتها عملية تصويت.
ووفقاً للتصويت، نال فيلم"كوستا برافا" 5 أصوات، في حين حصل "على أمل تجي" على أربعة أصوات، أما فيلم "يوسف"، فحصل على صوت واحد، في الوقت الذي لم يحصل فيلم "البحر أمامكم" على أي صوت.
وعملاً بصلاحياته المرسومة، قرر وزير الثقافة اللبناني، تبنّي الاقتراح الأخير المرفوع من اللجنة، وترشيح فيلم "كوستا برافا" للمخرجة مونيا عقل لتمثيل لبنان في مسابقة الأوسكار.
دعم أميركي
وفي حديث لـ"الشرق"، قالت منتجة الفيلم ميريام ساسين "نحن سعداء جداً بهذا الإنجاز لترشيح "كوستا برافا" للأوسكار، وأن يُقّدر الفيلم من قبل لبنان، ويرشح رسمياً بتصويت ديمقراطي، مشيرة إلى أن العمل أنجز بالتعاون مع شركة إنتاج أميركية شريكة إلى جانب "أبوط للإنتاج" اللبنانية، وهي "Participant" المعروفة في الوسط السينمائي العالمي، والتي كانت وراء صناعة أفلام كثيرة وصلت إلى الأوسكار، ونالت جوائز مثل فيلم "روما" و"غرين بوك".
وقالت ساسين إن "كوستا برافا" استطاع منذ أن كان مشروعاً على الورق "لفت أنظار المؤسسات المنتجة والمهرجانات"، مثل "ترايبيكا" و"ساندانس إنستيتيوت" و"فيلم إندبندنت".
وعبرت المنتجة اللبنانية عن أملها في أن يصل "كوستابرافا" إلى التصفيات النهائية والفوز، كما فاز في مهرجانات عدة، منها لندن والجونة، إضافة إلى مشاركته في مهرجانات دولية مثل "هونج كونج آسيا" وقرطاج و"Cinemed" في مدينة مونبلييه الفرنسية.
ويُعد "كوستا برافا" الفيلم الروائي الأول للمخرجة اللبنانية مونيا عقل التي تعيش بين بيروت ونيويورك، وكان قد عُرض عالمياً للمرة الأولى في قسم آفاق (أوريزونتي) في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي خلال سبتمبر الماضي.
