سوريا تشيع صباح فخري.. مطرب الموشحات والقدود الحلبية

time reading iconدقائق القراءة - 6
عناصر من مراسم الجيش السوري يحملون نعش المطرب صباح فخري في العاصمة دمشق - 4 نوفمبر 2021. - AFP
عناصر من مراسم الجيش السوري يحملون نعش المطرب صباح فخري في العاصمة دمشق - 4 نوفمبر 2021. - AFP
دمشق -وكالات

شُيعت في العاصمة السورية دمشق، الخميس، جنازة الفنان صباح فخري الذي توفي قبل يومين، بعد مسيرة فنية غنية تميزت بالموشحات الأندلسية والقدود الحلبية، أطرب خلالها أجيالاً متعاقبة في بلاده والعالم العربي.

وانطلق التشييع في حوالي العاشرة صباحاً (الثامنة بتوقيت جرينتش) من مستشفى الشامي الذي توفي فيه فخري في دمشق.

غُطي النعش بالعلم السوري وسار خلفه حشد من المشيعين، بينهم فنانون ومسؤولون. وبعد دمشق، سيوارى فخري الثرى في مدينة حلب، مسقط رأسه، في شمال البلاد.

وقال الفنان السوري دريد لحام، إن صباح فخري "لن يغيب، بل سيبقى حاضراً في الوجدان والذاكرة لأن عظمته وعظمة صوته في أنه عرفنا على تراثنا الذي كنا نجهله، ولولا صباح فخري لما تعرفنا عليه".

بدورها قالت الممثلة السورية منى واصف للصحافيين، على هامش مشاركتها في التشييع، "إنها خسارة كبيرة وليست عادية، صباح فخري لا يتجدد ولن يأتي من بعده، فالعمالقة لا يأتي أحد من بعدهم".

وأضافت، "صباح فخري هو صاحب القدود الحلبية، وأحد رموز قلعة حلب. يقولون قلعة حلب، إنها صباح فخري".

وترك فخري، المولود في عام 1933 في مدينة حلب، وراءه عشرات المقطوعات الموسيقية والأغاني التي حفظتها الألسنة على مدار عقود، مثل أغاني "يا طيرة طيري يا حمامة"، و"يا مال الشام"، و"قدّك المياس" و"قل للمليحة"، وغيرها من الموشحات.

صباح فخري والبدايات

وفي باب النيرب كانت له أول حلقة إنشاد مدفوعة الأجر وهو لم يتجاوز الثامنة من عمره. ولقاء ليرتين سوريتين غنى أولى القصائد أمام الملأ، والتي تقول (مقلتي قد نلت كل الأرب، هذه أنوار طه العربي، هذه الأنوار ظهرت، وبدت من خلف تلك الحُجب).

وفي سن مبكرة أيضاً تمكن من ختم القرآن وتلاوة سوره في جوامع حلب وحلقات النقشبندية مفتتحاً أول تمارينه مع الشيخ بكري الكردي، أحد أبرز مشايخ الموسيقى.

واشتد عوده وازداد تعلقه بالإنشاد والتجويد من خلال مجالسته كبار منشدي الطرب الأصيل، واجتاز امتحانات غنائية صعبة على أيدي "السمّيعة"، الذين يتمتعون بآذان لا تخطئ النغم وتكشف خامات الصوت وتجري اختبارات حتى لكبار الأصوات آنذاك مثل محمد عبد الوهاب وأم كلثوم، اللذين زارا حلب للغناء على مسارحها، في ثلاثينيات القرن الماضي.

وقد أسهمت "خوانم" أو نساء ذلك الزمن بصعود نجم الفتى، حيث كان من العادات الاجتماعية لسيدات حلب تحديد موعد شهري لكل سيدة تستقبل فيه من ترغب من معارفها، وتكون الدار مفتوحة على الغناء والعزف والرقص، فيما كان يسمى "القبول" وصارت النساء يطلبنه للغناء في هذه التجمعات.

والتحق فخري بالمدرسة الحكومية الحمدانية في حلب، وهناك برز تفوقه كتلميذ يشارك في المهرجانات السنوية للمدرسة. كما كانت وظيفة مؤذن من بين الوظائف التي عمل بها فخري في بداية حياته العملية.

وفي حفلاته التي جال فيها عواصم ومدن العالم، امتلك فخري أسلوباً خاصاً في إشعال تفاعل الجمهور الحاضر، من خلال رقصته الخاصة على المسرح، حيث تميّز بحركة يديه ودورانه حول نفسه، في ما يُعرف برقصة "السنبلة" في محاكاة لرقصة الدراويش.

ولم يكن صباح الدين أبو قوس، وهو الاسم الأصلي للفنان، يهدأ طوال ساعات من الغناء، ولا كان يتعب من الانتقال بخطى متسارعة على أطراف المسرح من جهة إلى أخرى، على وقع تصفيق الجمهور وتمايل الحاضرين طرباً.

وحقق فخري الرقم القياسي في الغناء عندما غنى في العاصمة الفنزويلية مدة عشر ساعات دون انقطاع في عام 1968 حسبما أوردت وكالة الأنباء السورية "سانا".

وشكّل "ملك القدود الحلبية" حالة طرب دائمة للسوريين، وصوتاً لا يُفارق سهرات أُنسهم وجمعاتهم الليلية.