
تستعد دور العرض في بغداد الخميس، لاستقبال الفيلم العراقي "أوروبا" للمخرج حيدر رشيد، بعد أيام قليلة من حصوله على جائزتي الإخراج والتمثيل، بالدورة الافتتاحية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي.
الفيلم مقرر له أيضاً أن يعرض في جولة عالمية خلال الشهور القليلة المقبلة، للمشاركة في مهرجانات سينمائية عدة حول العالم، بجانب طرحه بدور العرض في إيطاليا وبريطانيا.
ويستعرض فيلم "أوروبا"، حكاية 3 أيام مأساوية من حياة الشاب العراقي "كمال"، الذي يحاول الوصول إلى أوروبا سيراً على الأقدام عبر الحدود التركية البلغارية، إلا أنه يقع فريسة لشرطة الحدود والجماعات المناهضة للمهاجرين.
الفيلم من بطولة المُمثل الشاب آدم علي، والبلغارية سفيتلانا يانتشيفا، والإيطالي بيترو تشيتشيرييلّو، والتونسي محمد زواوي، وهو من إخراج العراقي حيدر رشيد، والذي شارك أيضاً في كتابته ومونتاجه مع سونيا جانيتو، وهو إنتاج عراقي إيطالي كويتي مشترك.
وجرى ترشيح الفيلم لتمثيل العراق في جوائز الأوسكار، والمنافسة على جائزة أفضل فيلم دولي، في الدورة الـ94 المُقرر انعقادها في فبراير 2022، وينتظر أن تعلن القائمة القصيرة للمسابقة خلال الأسبوع المقبل.
وكان الفيلم قد عُرض في الدورة الماضية من مهرجان كان، وذلك في قسم "نصف شهر المخرجين"، كما أنه ضمن الأعمال التي حصلت على دعم من وزارة الثقافة العراقية، تحت بند "منحة بغداد لدعم السينما العراقية".
البحث عن منتج
وروى المخرج حيدر رشيد، خلال حواره مع "الشرق"، كواليس تجربة فيلم "أوروبا"، موضحاً أنه يعمل عليها منذ 5 أعوام تقريباً، من خلال جمع المعلومات الأولية، بينما كتب النسخة الأولى من السيناريو بعدها بعامٍ كامل، والتي شهدت العديد من التعديلات في ما بعد، مشيراً إلى أنه اهتم بهذا الموضوع من قبل في مجال الأفلام الوثائقية.
وأكد أنه واجه صعوبات عدة في البداية، لعدم تحمس المنتجين للمشروع، بحجة أن الحوار صعب فهمه بالنسبة للمُشاهد، إلى أن عثر على جهات تمويل بعد فترة، قائلاً: "كنت مؤمناً بالفكرة منذ البداية وأحاول بشكلٍ فردي، ولم أيأس إطلاقاً".
وأوضح أن تصوير الفيلم انطلق في يوليو 2019، لتجتاح بعدها جائحة كورونا العالم، وتتسبب في الغلق، موضحاً أن هذه الأزمة عملت على تعطيل التصوير، بجانب الالتزام الشديد بالإجراءات الاحترازية آنذاك، إذ إن تنفيذ المشروع كاملاً استغرق نحو 4 أعوام.
فيلم إنساني
وقال المخرج العراقي، إنه كان حريصاً منذ البداية على تقديم فيلم "أوروبا" في إطار من التشويق أو الرعب، موضحاً أنّ "هذا النوع من الأفلام يجذب قطاعاً ضخماً من الجمهور، علاوة على أن الشخصيات في العمل تدخل في مطاردات بالغابة".
ووصف رحلته مع صناعة الفيلم، بـ"العملية الممتعة والمسلية والمُثيرة للاهتمام والاحترافية أيضاً، وخاصة أن السينما بشكلٍ عام مُتعتها في أن يكون لديك قدر كبير من الإبداع"، لافتاً إلى أن فريق العمل وضع نفسه أمام تحديات عدة بشأن خروج الفيلم على مستوى عالٍ من الاحترافية والتميز.
وشدد حيدر رشيد، على أهمية قضية الهجرة والهوية، ولا سيما أنها لا تشغل بال أوروبا فحسب بينما العالم كله، قائلاً إنّ "هناك الكثير لنحكي عنه في الفيلم، والذي أقدمه من منظور إنساني فقط بعيداً عن السياسة".
"مسؤولية تجاه وطني"
ويعتبر المخرج العراقي، أن الهجرة غير الشرعية من أبرز القضايا الشائكة حول العالم، قائلاً إن "الكثير من الناس القادمين من ليبيا عابرين للبحر المتوسط، وصلوا إلى إيطاليا ومنها إلى أوروبا، ومنذ ذلك الوقت وأنا أكتشف الواقع، وجدت أنه من المثير صنع تجربة تلمس الجمهور".
وفسر حيدر حضور العراق في أفلامه السابقة، رغم أنه يعيش خارجه، قائلاً: "أنا نصف عراقي وآخر إيطالي، وطوال حياتي أسعى لتعلم الكثير عن العراق، فقد تربيت على شغف عميق حول حقوق الإنسان، وكلما تابعت الأخبار وجدت شيئاً مخالفاً، وكنت أسعى دوماً لطرح وجهة نظري".
وأضاف أن "الاغتراب انتهى منذ أجيال عديدة، فوالدي رحل عن العراق منذ 40 عاماً، وبشكل ما رغم ذلك استمر الإحساس بأن العراق داخلي وجزء من حياتي ومشاعري، ولهذا السبب أشعر بأنه لدي مسؤولية شخصية تجاه هذه الدولة، لأتكلم عنها وعن الهجرة أيضاً، وأحكي قصصاً لم أمر بها، لأني لم أنشأ ولم أولد فيها، فولدت في بيئة آمنة ومكان مريح، ولكني دائماً أفكر إذا حدث وولدت في مكان آخر أو حدث أمر ما لعائلتي، إنه إحساس صعب على الصعيد الشخصي".
قضية عربية
وكشف المخرج العراقي عن حماسه الشديد، بشأن إشباع فضوله من معرفة آراء حضور الدورة الافتتاحية لمهرجان البحر السينمائي، لكون الفيلم يرصد قضية عربية بينما جرى تصويره كاملاً في أوروبا، قائلاً إنّ "ما رأيته في مهرجان البحر الأحمر، كان مثيراً للاهتمام، وكان لدي رغبة في معرفة تعامل الجمهور مع الفيلم".
ولفت إلى أن "موضوع الفيلم يشغل الناس جميعاً، سواء كانوا عرباً أو غيرهم، رغم أن القصة تتحدث عن شخصية واحدة، لذلك قدمت قصة حقيقية وبثقافاتٍ مختلفة".
ويرى رشيد أن "الديمقراطية في أوروبا تكون صعبة أحياناً، لذلك صنعنا فيلماً لإخبارهم بكيفية التعامل مع الناس، إذ يتعاملون معهم بشكلٍ غير عادل أو إنساني، فضلاً عن رغبتي في إخبار العرب بآلية الحصول على حياة أفضل".
وأكد أن أوروبا لا تمنح المهاجرين إنسانيتهم أو حقوقهم، موضحاً أنّ "المُشاهد العربي سيُفاجأ بأن الوضع الداخلي في أوروبا ليس كما يبدو مثل الخارج".
وأعرب عن آماله بمُشاركة الفيلم في أكبر المهرجانات السينمائية بالوطن العربي، إذ إنه شغوف بهذا الأمر مقارنة بالمهرجانات الأوروبية، قائلاً إنه "من المهم أن تعلم الناس خاصة في أوروبا التي لديها مميزات عديدة، لكن في بعض الأوقات تُعتبر مكاناً صعباً إن لم يكن لديك إمكانية للوصول".
وأبدى رشيد، فخره واعتزازه لتمثيل فيلمه "أوروبا" بلده العراق في الدورة المرتقبة من الأوسكار، معرباً عن آماله بأن يكون له نصيب من الجوائز في تلك المسابقة العالمية.
اقرأ أيضاً: