طُرح فيلم "علّي صوتك"، للمخرج الفرنسي من أصل مغربي نبيل عيوش، في صالات السينما في تونس، ولبنان وفلسطين، على أن يُطرح في الإمارات والسعودية والكويت اعتباراً من فبراير المقبل، في حين تُخصص له عروض محدودة في مصر والأردن.
ويعد "علّي صوتك" أول فيلم روائي مغربي شارك في المسابقة الرسمية في "مهرجان كان السينمائي" العام الماضي، وهو من بطولة أنس بسبوسي، وإسماعيل أدواب، ومريم نقاش، ونهيلة عارف، ومن تأليف نبيل عيوش وإخراجه.
الفيلم يتناول قصة مغني راب سابق يُعين أستاذاً في مركز لتنمية المواهب بأحد الأحياء الشعبية في الدار البيضاء، حيث يلتقي بمجموعة من المراهقين يعيشون ظروفاً اقتصادية واجتماعية صعبة مع تشتت أفكارهم غير الناضجة، ليُساعدهم المُغني في كيفية التعبير عن أنفسهم وتحرير أفكارهم وأجسادهم عبر موسيقى الـ"هيب هوب" والرقص، محاولاً إعطائهم مساحة حرّة خاصة بهم يواجهون فيها المجتمع القاسي حولهم.
بين الواقع والخيال
وكشف المخرج نبيل عيوش في حوار مع "الشرق" كواليس تجربته مع فيلم "علّي صوتك"، موضحاً أنّ العمل استغرق نحو عامين من التحضيرات والبحث، ومقابلة الشباب في حي "سيدي مؤمن" في الدار البيضاء" والحديث معهم وتبادل الثقة فيما بينهم، قائلاً إنّ "الشباب هم أبطال الفيلم، وبالفعل هم أصحاب أغاني الفيلم وكتبوها بحرية وصدق".
ورفض عيوش تصنيف فيلم "علّي صوتك"، كعمل وثائقي، موضحاً أنه مشروع سينمائي مستوحاة أحداثه بين الواقع والخيال. وشدد على حرصه طوال التصوير على استخدام لغة سينماتوغرافية مختلفة ومعاصرة قريبة من جيل الشباب.
وبشأن ما تردد من أنّ الفيلم ينتمي إلى أعمال السيرة الذاتية، أوضح عيوش أنّ "الفيلم مستوحى من قصتي وأنا صغير حيث ترعرعتُ في منطقة شعبية في ضواحي باريس، وكان للمركز الثقافي في المنطقة تأثير إيجابي على تذوقي للفن ونظرتي للأمور، هناك تفتحت عيوني على الفن وتعلمت الرقص والموسيقى".
وقال المخرج المغربي إنه حرص على الدمج بين المشاهد الواقعية والخيالية بطريقة يصعب على المُشاهد الفصل بينهما، من خلال استخدام مشاهد درامية مع لحظات من النقاشات والحوارات مع مدرّس الهيب هوب، ولحظات من الرقص المعاصر. وأضاف: "أردت أنّ يظهر العمل وكأنني أصور يوميات هؤلاء الشباب الحقيقية".
تعبير عن القيود
وقال عيوش إن "الفيلم يُعد بمثابة دراسة اجتماعية سياسية لواقع الشباب الذين يعيشون في الأحياء الشعبية معدمين يعانون من الفقر والعنف متروكين بلا مدارس وبلا نشاطات"، موضحاً أنه اختار أغاني الراب "باعتبارها وسيلة فنية شعبية شائعة بين الشباب في العالم، خصوصاً المغرب، للتعبير عن القيود التي تعترض حياتهم، إذ أنه فيلم اجتماعي سياسي موسيقي يجمع بين الحقيقة والخيال".
وكشف المخرج المغربي عن علاقته بحي "سيدي مؤمن" في الدار البيضاء"، حيث صُورت أحداث الفيلم هناك، قائلاً إنّ "هذا المكان شهد تصوير أفلامي الوثائقية الأولى في منتصف التسعينات، والذي شارك في مهرجان كان عام 2012". وزاد: "عرفت الأهالي هناك وبات المكان مألوفاً بالنسبة إلي، خصوصاً بعدما ساهمت في تأسيس هذا المركز الثقافي الذي ظهر في الفيلم وكان نتيجة عملي هناك".
لقاء إنساني
وأشار عيوش إلى سعيه الدائم لتقديم أفلام تسمح له بالغوص في قصص البشر الحقيقية وسردها، وقال: "أهوى صناعة أفلام تحمل موضوعات تصدمني شخصياً وتزعجني وتشعرني بالخجل، إذ أعتمد في أفلامي على على الدمج بين المراقبة الذاتية والشهادات الحية حول قضايا المجتمع المقلقة من زاوية أنتروبولوجية".
وأوضح أنّ "الشباب في الفيلم يريدون التغيير ويبحثون عن مساحاتهم من خلال الكلمة واللغة والجسد. لذلك، نراهم في بعض المشاهد في الشوارع وهم يرقصون ويغنون في وجه المتطرفين ويواجهون العنف ونظرة المجتمع للفن والحريات".
ورأى عيوش أن "الثقافة والفنون واحدة من الحلول الكبرى لمساعدة الشباب على تمكين أنفسهم وتحصينهم من أي نوع من التطرف والراديكالية لفتح الآفاق أمامهم واكتشاف أنفسهم والتخفيف عنهم".
وختم نبيل عيوش بالإشارة إلى أن "السينما ليست مغامرة فردية بل جماعية وحلم نتشاركه مع الآخر، فالفيلم يسافر إلى بلدان مختلفة، ويمكنه أن يولّد المبادرات الملموسة ويؤثر بالناس، فالسينما هنا عليها ألا تقف خلف الجدران بل تحطّمها وتحرّر الأيدي المربوطة".