تفتتح الدورة الخامسة من مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة في 6 مارس الجاري بكازينو لبنان وتستمر حتى 11 مارس. يعرض فيها 51 فيلماً قصيراً و20 فيلماً روائياً طويلاً من 40 دولة، للمرة الأولى في العالم العربي تحت عنوان "النساء من أجل القيادة".
تكريم تقلا شمعون
تزامناً مع يوم المرأة العالمي الذي يوافق 8 مارس، يكرّم المهرجان سنوياً شخصية نسائية بارزة في عالم السينما والدراما العربية، ووقع الاختيار هذا العام على تقلا شمعون الممثلة وأستاذة الدراما وبطلة "عروس بيروت" و"الزيارة" و"روبي" الحائزة جائزة "موريكس دور" عن دورها في فيلم "مورين" عام 2019.
وكان المهرجان كرّم في الدورات السابقة الممثلة المصرية إلهام شاهين، ومؤسِّسة "سينما لبنان" ومسرحي "مونو" وبيريت" إيميه بولس، والممثلة اللبنانية الرائدة وفاء طربيه.
وقال مدير ومؤسس المهرجان المُنتج سام لحود لـ"الشرق": "التكريم جزء من دورة متكاملة يهدف إليها المهرجان في التوعية بثقافة التوازن النوعي، وحقوق الإنسان، وتمكين المرأة وتشجيعها على أن تكون فعالة وصاحبة قرار في الصناعة السينمائية والفن. تمثّل تقلا شمعون كل هذه القيم في حياتها العملية وانحيازها للحق والعدالة وحقوق المرأة ونبذ
العنف".
وأضاف أن شمعون التي لفتت المنتجين والمخرجين خلال مشاركتها في فيلم "ناجي العلي" عام 1992، تُمثّل نموذجاً ناجحاً للمرأة في الفن، سواء من خلال التمثيل في المسرح والسينما والتلفزيون، أو بتطوير نفسها ومهنتها عبر تأسيس "الأكاديمية اللبنانية للسينما" مع شريك حياتها المخرج والكاتب السينمائي أنطوان فرج الله" وتدريب مئات الممثلين والفنيين وكتّاب السيناريو والمخرجين من جيل الشباب".
وأشار لحود إلى أن "اسم شمعون يرتبط بالنزاهة وأخلاق المهنة والقيم الإنسانية، إضافة إلى أنها نجمة عربية معروفة، ما يساهم في زيادة الوعي بمهمة المهرجان وإيصال صوته ورسالته".
سينما مسؤولة
ينظم المهرجان منظمة "مجتمع بيروت السينمائي" التي تهدف إلى "صناعة سينما مسؤولة وتحويل لبنان إلى مركز لصناعة السينما في الشرق الأوسط، وبالتالي مدّ العاملين في السينما رجالاً ونساء بالدعم وإعادة التوازن بينهم، مع تعزيز حضور المرأة كصانعة وحاضرة في مركز القرار السينمائي والدرامي"، بحسب لحود.
وأوضح أن المرأة اللبنانية كانت رائدة في صناعة السينما ككاتبة سيناريو وممثلة ومنتجة، مثل آسيا داغر التي تلقّب بأم السينما المصرية بعدما هاجرت إلى مصر حيث أنتجت 80 فيلماً.
الخروج من "دور الضحية"
ولفت لحود إلى أن المنظمة "تريد تسليط الضوء على القضايا الإيجابية وعدم حصر المرأة في دور الضحية، لتشجيع النساء على صناعة أقدارهن وتمكينهن من تحقيق ذواتهن وأحلامهن، من خلال عرض أفلام على مدار العام، وتقديم دورات تدريبية وورش عمل في المناطق الريفية مع الفتيات والأطفال والنساء ليعبّروا عن أنفسهم بتصوير أفلام قصيرة".
لا نماذج مريضة
وبشأن اختيار الأفلام الـ71 التي ستعرض بين 7 و11 مارس، في صالات سينما مجمّع "ABC" في ضبيّة (شمال بيروت)، وتنافس على جوائز ضمن 5 فئات، قال لحود إن غالبية أعضاء اللجنة التي تختار الأفلام تتكوّن من النساء وتضع نصب أعينها انتقاء الأفلام ذات القيمة الفنية الممتازة أولاً وأن تمثّل صوت المرأة وقضاياها، وأن تكون طريقة العلاج والتناول علمية وفنية وموضوعية بعيدة قدر المستطاع عن تقديم نماذج مريضة، إضافة إلى إيلاء التنوع أهمية ليشمل البرنامج أفلاماً روائية وتجريبية ووثائقية وواقعية وخيالية وأفلاماً راقصة وموسيقية أيضاً.
عذاب العلاج النفسي
اختار المهرجان أفلاماً تتناول قضايا نفسية واجتماعية تعتبر من المحرّمات في المجتمع العربي، مثل العلاج النفسي الذي قد يؤدي إلى المشنقة، وأبرز هذه الأفلام "فرح" لحسيبة فريحة وكينتون أوكسلي، وبطولة الممثلين اللبنانيين ستيفاني عطالله، ومجدي مشموشي، وبييريت قطريب، وأسعد رشدان، وجوزيان نجيم. يحكي الفيلم قصة طالبة طبّ تعاني مشكلات نفسية تحوّل لياليها إلى كوابيس، فتلجأ إلى العلاج النفسي ورحلة غوصٍ في ماضي والدتها الغامض.
وسيكون الجمهور على موعد مع العرض الشعبي الأول في لبنان لفيلم "السجناء الزرق" لزينة دكاش الذي فاز بمنحة إنتاج من مهرجان البندقية، وعرض للمرة الأولى عالمياً في مهرجان الجونة في مصر، وهو يستعرض قضية المرضى النفسيين خلف أسوار المؤسسات العقابية في السجون اللبنانية.
مواطنون بلا هوية
ويشهد المهرجان عرض فيلم "أنا لست لقيطاً" للمخرجة الروسية ماريا إيفانوفا، والذي يتناول قضية مكتومي القيد ومعاناتهم في لبنان وعدم تمكّنهم من الحصول على جواز سفر.
ويعرض المهرجان فيلماً آخر للمخرجة نفسها هو "الغضب" الذي عرض للمرة الأولى في مهرجان قرطاج السينمائي عام 2021، البطولة لمنال عيسى، وهو إنتاج لبناني ألماني مشترك. يرسم العمل ملامح الشابة اللبنانية "ايدا" التي عاشت ظروفاً قاسية فتركت قريتها هرباً من والدتها مدمنة الكحول، ولكنها تصطدم بواقع مرير أصابها بأزمات نفسية وقضى على حلمها في حياة كريمة.
5 مخرجات سعوديات
ومن السعودية، يشارك فيلم "بلوغ" الذي شارك في مسابقة "آفاق السينما" بمهرجان القاهرة الدولي الماضي، وهو من إنتاج مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، ويتناول 5 تجارب متنوعة لـ5 مخرجات سعوديات هن فاطمة البنوي وسارة مسفر وجواهر العامري وهند الفهاد ونور الأمير اللائي عبّرن، كل حسب رؤيتها، عن واقع المرأة السعودية في ضوء التطور الذي تشهده المملكة.
ويعرض المهرجان الفيلم السعودي القصير "نور شمس" (26 دقيقة) للمخرجة فايزة أمبة، وبطولة الممثلة السعودية عائشة الرفاعي، ونجم الراب أحمد صدام. يتناول الفيلم قصة أم شابة تدعى شمس، تتزوج ثم يهجرها زوجها بعد فترة قصيرة، وتتحمل تربية ابنها الوحيد مكي، وتنجح في تنشئته حتى يصبح شاباً، ثم تعمل سائقة "أوبر"، ويعمل ابنها موظف أمن بأحد المستشفيات. هو يحب الموسيقى ولديه طموح كبير في تغيير حياته للأفضل عن طريق الاشتراك في مسابقة لاكتشاف المواهب سيسافر الفائز فيها إلى فرنسا، وتخشى الأم فقدان ابنها وهجره لها وتكرار التجربة القاسية التي عاشتها بعد هجران زوجها، فتحاول أن تجعله يكره السفر بشتى الطرق.
أفلام مثيرة للجدل
يعرض المهرجان أيضاً عدة أفلام عربية وأجنبية أثارت جدلاً، مثل "بنات عبد الرحمن" للمخرج الأردني زيد أبو حمدان الذي عرض للمرة الأولى في مهرجان القاهرة الدولي وهو يعالج قضية تربية البنات في المجتمعات العربية والعنف الأسري وزواج القاصرات والتمييز بين الجنسين والنقاب، من بطولة صبا مبارك وحنان حلو وفرح بسيسو ومريم باشا وخالد الطريفي والطفلة ياسمينة العبد.
وتضم القائمة فيلم "صالون هدى" للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد الذي عرض في مهرجان البحر الأحمر، في ديسمبر الماضي، ويدور حول مفاهيم وطنية شائكة ويتعرّض لفكرة الاختيار بين الخيانة والولاء. تبدأ الأحداث الرئيسة في محل لتصفيف الشعر في بيت لحم، تمتلكه سيدة تدعى هدى، تعاني أزمات شخصية، مثل هجران أولادها لها وزوجها، وشعورها بالوحشة، فتتحالف ضد وطنها وتصوّر النساء المترددات على الصالون، بعد تخديرهن، بأوضاع مخلة ثم تبتزهنّ للعمل ضد وطنهن. الفيلم من بطولة علي سليمان ومنال عوض وميساء عبد الهادي.
اقرأ أيضاً: