
كشفت شبكة بث الأفلام والمسلسلات "نتفليكس"، الثلاثاء، عن بياناتها للربع الأول من عام 2022، والتي جاءت صادمة إلى حد بعيد، إذ تشي بتراجع في عداد الاشتراكات بنحو 200 ألف حساب، الأمر الذي ألقى بظلاله مباشرةً على قيمة الشبكة في ساعات التداول الممتد.
وفي حين تُمثل الـ200 ألف حساب عدداً ضئيلاً من اشتراكات الشبكة المقدرة بـ 221 مليون مشترك حول العالم، إلا أن إلغاء تلك الحسابات لاشتراكها يُعزى إلى الحرب الروسية الأوكرانية وتعليق الخدمة في روسيا، في حين يتمثّل الحدث الأبرز في أن شبكة البث الأشهر تشهد لأول مرة منذ 10 أعوام تراجعاً في عدد المشتركين، فيما تُلوح الشركة ببطاقة "تشارك الحسابات" كأحد الأسباب المحتملة للتراجع غير المسبوق.
100 مليون
وكان الرئيس التنفيذي لـ"نتفليكس" ريد هاستنجز، ألقى بياناً مصوراً، الثلاثاء، بالتزامن مع إطلاق التقرير ربع السنوي للمساهمين، تناول فيه مسألة تراجع الاشتراكات، وأسبابها المرشحة، بما في ذلك التضخم، والحرب الروسية الأوكرانية، وشراسة المنافسة مع الشبكات الأخرى.
وقدّر هاستنجز عدد الحسابات التي تُستخدم على نحو تشاركي، بـ 100 مليون حساب، منها 30 مليون حساب في الولايات المتحدة الأميركية وكندا، ما يعني أن قاعدة "نتفليكس" تُقدر بما يزيد على 300 مليون مستخدم، غير أن الثُلث تقريباً غير مسجّل بشكل شرعي لدى الشبكة.
وبحسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، تراجع الاشتراكات ليس حالة خاصة ترتبط بشبكة "نتفليكس"، إذ تواجه خدمات البث الأخرى حالة إلغاء الاشتراكات ذاتها، وفي مقدمتها "آبل تي في"، و"ديزني بلاس"، التي فقدت بالمملكة المتحدة وحدها 1.5 مليون مشترك.
سياسة جديدة
وتحمل نبرة الرئيس التنفيذي لـ"نتفليكس" ريد هاستنجز خلال تصريحاته الأخيرة التي وجهها للمساهمين، تحولاًً واضحاً في سياسات الشبكة إزاء تشارك الحسابات وكلمات السر، في ضوء التراجع بأعداد الاشتراكات.
ووُصفت الممارسة في السابق على أنها "أمر يجب تعلم التعايش معه" من قبل هاستنجز، وأنها "شرعية" إلى حد بعيد بين أفراد الأسرة الواحدة، الذي أكد في 2016 أن أصحاب الحسابات المشتركة بمأمن من دفع المزيد من المال وفقاً لشبكة "سي إن بي سي".
وفي تصريحات أخرى اعتبر هاستنجز مشاركة الحسابات قد تكون وقوداً للنمو، عن طريق جلب المزيد من الأفراد لقاعدة الشبكة، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
أما التصريحات الأخيرة، المدفوعة بشراسة المنافسة، فتُشير إلى أن شبكة "نتفليكس" رُبما لن تسمح مستقبلاً بتوغل تلك الممارسة واستمرارها، فأشار هاستنجز بدوره إلى فلسفة التساهل في مشاركة الحسابات التي اتبعتها الشركة سابقاً على أنها ضرب من الماضي، قائلاً: "في مراحل النمو السريع، لم يكن الأمر أولوية لمعالجته، والآن، نسعى لمعالجته على نحو جاد".
تقنين المشاركة
ويأتي تراجع عدد المشتركين مناقضاً لهدف كانت الشبكة تطمح إليه، وهو ضم 2.5 مليون مشترك خلال الربع الأول من عام 2022، بحسب ما ذكرت وكالة "رويترز"، في حين تعود السابقة الأخيرة لإلغاء الحسابات إلى عام 2011 إذ سعت الشبكة حديثة العهد بخدمة البث لفرض رسوم مستقلة على الخدمة، بعد أن كانت خدمة مجانية مضافة إلى خدمة تأجير "DVD" عبر البريد التي تخصصت فيها "نتفليكس" منذ 2007.
وكردّ فعل على تلك الخطوة، خسرت الشبكة في ذلك الحين 800 ألف مشترك، ما حدا بهاستنجز للاعتذار وقتها عن فشل التنفيذ.
غير أن "نتفليكس" على مايبدو تُخطط هذه المرة لسلوك مسلك آخر، وذلك لموازنة التراجع في عدد الاشتراكات، عن طريق تحقيق الدخل من مشاركة الحسابات، وتقنين تلك الممارسة عبر فرض قواعد جديدة كالتي أقرتها الشبكة في مارس الماضي بتشيلي، وبيرو، وكوستاريكا، بحسب الموقع الرسمي لـ"نتفليكس".
قواعد جديدة
وتعد ممارسة تشارك الحسابات وكلمات السر وفقاً لقواعد استخدام "نتفليكس" شرعية بالأساس، إذ تتيح الشبكة تشارك الشاشات بين أعضاء الأسرة الواحدة الذين يعيشون في المسكن ذاته أو رفقاء السكن، كما توصف الاشتراك على أنه "شخصي، وغير تجاري، ولا يجب مشاركته مع الأفراد خارج نطاق الأسرة".
ويفتح التوصيف السابق المجال لتفسيرات متباينة لمدى شرعية تشارك الحسابات، إذ لم يتطرق بالذكر لحالة أن يكون على سبيل المثال أحد أفراد الأسرة يعيش خارج المدينة ولا يستخدم اتصال الإنترنت ذاته.
وكان عدد من المشاركين خلال العام 2021، قد رصدوا دعوة من "نتفليكس" عبر حساباتهم لافتتاح حسابات جديدة إذا لم يكونوا يعيشون مع صاحب الحساب الأصلي في المسكن ذاته، فيما اعتُبر وقتها أول علامات التراجع عن استراتيجيتها التسويقية الضمنية، عن طريق التساهل في مسألة تشارك الحسابات.
تفكيك الممارسة
وتسعى نتفليكس لتفكيك ممارسة "تشارك الحسابات" في الفترة المقبلة عن طريق إتاحة أكثر من خيار للمستخدمين الذين يقعون في دائرة رمادية من الاستخدام الشرعي وفق قواعد الاستخدام، دون استعداء المستخدمين ودفعهم لإلغاء الحسابات بغير رجعة.
وكانت الشبكة بدأت في مارس الماضي، وفقاً لموقعها الرسمي، في اختبار خواص جديدة في 3 دول هي كوستاريكا، وبيرو، وتشيلي، بحيث تتيح للمستخدمين هناك أن يمتلكوا حسابات فرعية نظير أسعار مخفضة، وفي المقابل يصبحون في مأمن من تعليق الحسابات.
أما الخيار الآخر للمستخدمين من خارج المسكن الواحد، يتمثل في تحويل الحسابات الداخلية خارج المسكن الواحد إلى حسابات مستقلة بذاتها، مع احتفاظ الحسابات الجديدة بكافة بياناتها وقوائمها وتفضيلاتها.
اقرأ أيضاً: