ظهور فرقة "مياس" في برنامج أميركي يثير جدلاً في لبنان

time reading iconدقائق القراءة - 7
جانب من عروض فرقة مياس اللبنانية - facebook/mayyasofficial
جانب من عروض فرقة مياس اللبنانية - facebook/mayyasofficial
بيروت -رنا نجار

أثارت فرقة "مياس"اللبنانية للرقص التعبيري، جدلاً واسعاً خلال اليومين الماضيين، بعد وصولها إلى مرحلة البث المباشر في برنامج المسابقات الشهير "American's got talents"، في موسمه الجديد.

وتباينت الآراء بين مؤيد ومعارض لما تُقدمه الفرقة، إذ أشاد بها عدد من الفنانين مثل صوفيا فيرجارا، وكاثرين زيتا جونز ونجوى كرم، وأحلام، وهيفاء وهبي، بجانب المنتج صادق الصباح، فيما انتقدها آخرون لاعتقادهم بأنها "تُقدم صورة نمطية عن المرأة اللبنانية، وتعمل على تسليع المرأة والانجراف وراء الثقافة الاستهلاكية".

وقالت إحدى عضوات الفرقة قبل تقديم العرض، إنّ "المرأة الراقصة في لبنان لا تزال تُعاني، ولا يُقدم لها أي دعم"، مؤكدة أن "مشاركة فرقتها في هذا البرنامج الشهير، والتشديد على أن المرأة العربية متمكّنة، ويمكنها أن تبدع وتقدم فناً مبتكراً، وتقاتل من أجل هدفها". 

"قوة المرأة اللبنانية"

الناقد الثقافي رامي الأمين، استنكر اتهام فرقة "مياس" بـ"تسليع المرأة اللبنانية"، قائلاً لـ"الشرق"، إنّ "هذا الحديث يُعد استخفافاً بدور المرأة، إذ أثبتت ريادتها وقوتها في محافل دولية مختلفة، من الرقص، والغناء، والطب، والهندسة، والسياسة، والموضة، والاقتصاد، وإدارة الأعمال وغيرها".

وأضاف أن "النساء اللبنانيات يحاولن نقل قضاياهن المحلية ونضالاتهن عبر المنصات المتاحة، وبينها التلفزيون ووسائل التواصل، إلى العالم كله لتشكيل رأي عام ضاغط لصالح هذه القضايا"، لافتاً إلى أن "أصحاب تلك الاتهامات يستخدمون منصات اجتماعية غارقة في التسليع، للتصويب على اللبنانيات في الفرقة".

وتابع الأمين: "لا يهمني كمُشاهد إذا كانت الفرقة تحمل هدفاً نسوياً من عدمه، إلا أنها أثّرت بي شخصياً عبر العرض، تماماً كما أثرت بي فِرق ومشاركات أخرى في البرنامج، الذي لا يخلو من دعم قضايا إنسانية واجتماعية".

ويرى أن "الفرقة نجحت في إبهار قطاع ضخم من الجمهور، كونها متخففة من أثقال القضايا الكبرى، واستطاعت أن تخلق بسلاسة نقاشاً صحياً بشأن أوضاع المرأة في بلادنا، وأطلقت هذا النقاش الضروري إلى العالمية، كلوحة استعراضية ذكية ومشغولة بعناية". 

"استحواذ ثقافي"

وتعرضت فرقة "مياس" لانتقادات على مستوى تصميم الرقصات والاستعراضات، واعتبر أصحاب هذه الرؤية أن العرض الذي قُدم في البرنامج "لا يُعبر عن ثقافة لبنان".

وقال مصمّم الرقص اللبناني أليكسندر بوليكيفيتش لـ"الشرق" إنّ "الإبداع يأتي حين نبتكر شيئاً خاصاً لم يسبقنا إليه أحد، وليس عندما ننسخ شغل مصمّمين أوروبيين وأميركيين وننقل حضارات أخرى".

وأضاف: "يُشفع للفرقة بعض ضربات الخصر الجيّدة المستوحاة من الرقص العربي".

ولفت بوليكيفيتش إلى "التحديات التي يواجهها الراقصون ومصمّمو الرقص في لبنان الذين ينحتون في الصخر ليكملوا مسيرتهم ولا أحد يلفت إليهم"، متسائلاً: "هل علينا أن ننجح في الخارج كي يحترمونا؟".
 
وقال الناشط الحقوقي طارق زيدان عبر "فيسبوك"، إنّ "ما قدّمته الفرقة مأخوذ من رقصة طقوس تايلاندية تراثية تحمل اسم (Guan Yin) أو رقصة اليد الألف، وهي مرتبطة بالديانة البوذية وتجسّد التعاطف"، متسائلاً: لماذا لم تشر الفرقة إلى ذلك؟.

وأضاف أن "الأمر بمثابة استحواذ على حضارات آسيا، على الرغم من أن هناك ما يكفي من الإبداع والأصالة في الفن اللبناني والمنطقة لنستوحي منه، ونعرضه على المسارح العالمية". 

فن وإبداع 

في المقابل وصف نديم شرفان، مؤسس فرقة "مياس"، الجدل المُثار خلال اليومين الماضيين بـ"العقيم"، مؤكداً لـ"الشرق" أن "الفرقة لا تلتفت لذلك إطلاقاً، في ظل انشغالها بالتحضير لأغاني ورقصات سيُقدّمونها خلال المراحل الثلاث المقبلة من البرنامج".

وقال: "نحن في بلد ليس فيه أدنى مقومات الحياة، مثل ضمان الشيخوخة وتأمين الأدوية الأساسية، فكيف نستهلك وقتنا مع منتقدين لا يستطيعون الوقوف بدلاً منهنّ على المسرح وتقديم عمل مبدع ومحترف؟". 

وأوضح شرفان أن "وصول الفرقة إلى هذه المرحلة في برنامج المسابقات، استغرق جهوداً ضخمة وتدريبات مكثفة لسنواتٍ طوال، وكذلك في التفكير والبحث والتأليف، وهو ليس ملعب منتقدينا وأصحاب الجدل على مواقع التواصل، نحن على ملعب الفن والإبداع الذي لا جنسية له ولا سقف". 

"المرأة أولاً"

وأكد مؤسس فرقة "مياس"، أنه لم يمتهن الرقص في جامعة أو مدرسة متخصّصة، بل تدرّب على أيدي راقصين في لبنان وخضع لورش عمل وعلّم نفسه بنفسه.

وتابع شرفان: "منذ صغري كنت شغوفاً بالرقص، متأثراً بنساء فنانات وراقصات رائدات في العالم العربي، تحدّين مجتمعهنّ من أجل الفن، مثل شريهان وتحية كاريوكا، وأمي التي تولت تربيتي وحدها في حين كان والدي مريضاً، إذ أعطتني مثالاً جيداً عن ريادة المرأة وتحديها الصعوبات ومدى قوتها في مجتمع ذكوري، لذلك صممت أن تكون الراقصات نساء فقط لأقول إن المرأة قوية وتتحدى العالم من أجل مواهبها وأفكارها".

وعن العروض القادمة التي ستقدمها فرقته، قال: "سنخبر قصة بيروت من وجهة نظرنا.. فنحن في كل عروضنا أردنا أن نظهر صورة لبنان التي نحبها والموجودة في عقولنا ووجداننا ودمنا، وكيف نريد لبلدنا أن يكون؟". 

"موسيقى من القلب"

الفنان هاري هيديشيان، مؤلف المقطوعات الموسيقية الخاصة بـ"مياس"، قال لـ"الشرق": "أنا فنان أهتم بتطوير فني وتأليف نوتاتي الموسيقية ولا ألتفت للجدل الذي لا أساس له، فيما العمل المبدع يحمل اسم لبنان ويقدم صورة جميلة عنه على مسرح عالمي وأمام ملايين المشاهدين من مختلف الجنسيات، نحن نعمل كفريق من كل قلبنا وبجهد كبير لنصل ونقدم أفضل ما عندنا".

وأضاف: "أبني نوتاتي الموسيقية على أساس القصة التي يكتبها نديم شرفان"، موضحاً أن "الموسيقى جزءاً أساسياً من العمل الراقص ومن المهم أن نقدم عملاً متكاملاً من الصوت والصورة والخطوات الراقصة واللباس، لذا أحاول أن أدمج الموسيقى الغربية بالشرقية من خلال الآلات، مع العلم أن هويتها شرقية وروحها شرقية كما هي روح الفرقة". 

وتأسست فرقة "مياس" اللبنانية على يد مصمّم الرقص نديم شرفان منذ حوالى 13 عاماً، وعرفها الجمهور عام 2019 حين فازت في برنامج "آراب جوت تالنت" الذي عُرض على شاشة "أم بي سي"، ثم شاركت في البرنامج البريطاني " The Champions Britain's Got Talent"، لكنها لم تتأهل إلى النهائيات.

وقدّمت الفرقة عروضاً على مسارح عربية وأجنبية متعددة، وشاركت في فيديو كليب لنجوى كرم وجورج وسوف، كما شاركت المطربة أحلام عرضها الغنائي في جدة. 

اقرأ أيضاً:

تصنيفات