"هيا الروح".. الدراما الخليجية تحتفي بذوي الاحتياجات الخاصة

time reading iconدقائق القراءة - 5
الملصق الدعائي لمسلسل "هيا الروح" - المكتب الإعلامي للشركة المنتجة
الملصق الدعائي لمسلسل "هيا الروح" - المكتب الإعلامي للشركة المنتجة
الكويت-عبد الستار ناجي*

ظلت الدراما الخليجية لعقود طويلة تدير ظهرها لعدد من القضايا والموضوعات المحورية مشغوله بالهامش، ومن بين تلك الموضوعات التى ظلت بعيدة عن البحث والدراسة والتحليل قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة وأثرهم وحضورهم في النسيج الاجتماعي.

ويأتى المسلسل الكويتي "هيا الروح" ليكون محطة محورية في ذلك الاتجاه الذي يحتفي بتلك الشريحة العريضة ويتوقف عندها بكثير من الرصد الدرامي الفني العالي الجودة . 

هيا والتحدي 

المسلسل الخليجي "هيا الروح"، يذهب بنا إلى قصة الشابة "هيا" التي تجسدها الفنانة ليلى عبد الله، وهي فتاة جامعية يتيمة   تتحدى الظروف وتصارع من أجل إثبات الذات، حيث إنها متفوقة بالجامعة وكذلك بطلة في لعبة الرماية ومليئة بالأمل.

في الوقت ذاته تتعرض هيا للكثير من الظلم الذي تعيشه في نواحٍ متعددة، كونها من ذوي الاحتياجات الخاصة حيث النظرة الاجتماعية غير الناضجة  لكن إرادة الله فوق كل اعتبار، إلى جانب العزيمة القوية للشخصية فإنها تتحدى كل الظروف والمتغيرات، تبادل "فهد"، الذي يجسده الفنان بدر الشعيبي، ابن عمها الحب، وتساعده على صقل شخصيته المستقلة  والمضي سوياً إلى المستقبل. 

الإيقاع الإنساني 

يمتاز مسلسل "هيا الروح"  بإيقاعه الإنساني الاجتماعي، ويرسخ نضال الشابة "هيا" من ذوي الاحتياجات الخاصة، المناضلة والفعالة رغم الظروف التى تحيط بها، إلا أنها تعمل على بناء وصقل  شخصيتها القوية ضمن نسيج المجتمع القاسي وتخوض قصة حب رومانسية جميلة قريبة للقلب.

تجمع طائفة من جيل الشباب في الدراما الخليجية، اشتغال ودراسة تحليلة لنظرة المجتمع السلبية لذوي الاحتياجات الخاصة وأهمية التأكيد على دورهم، واكتشاف قدراتهم وأثرهم ودورهم في النسيج الاجتماعي وتفهم احتياجاتهم من أجل مجتمع متماسك سليم.

كما يتضمن العمل أبطال من الكويت والمملكة العربية السعودية، مثل إبراهيم الحربي، والفنان الشاب بدر الشعيبي، الذي حقق شعبية كبيرة بين فئة الشباب المؤثرين حالياً، وفي العمل أيضاً عبد الله التركماني، ونور، وفي الشرقاوي، وناصر عباس، وعبد الله الطراروة، وكفاح الرجيب، وغرور، وإيمان جمال بالإضافة إلى ضيف الشرف المطرب عبد العزيز اللويس. 

خلف العمل، تقف الكاتبة الشيخة مريم ناصر الصباح، وهي تخوض هنا أولى تجاربها في مجال الكتابة الدرامية، حيث تظهر مقدرتها على تطوير القضية والشخصيات والمزج بين القضية الاجتماعية وأيضاً الرومانسية المحببة لشريحة كبيرة من جمهور الدراما الخليجية، فهي كاتبه استطاعت أن تعمق الشخصية ومن قبلها القضية بكل أبعادها لتقوم لاحقاً بكتابه الشخوص وتقاطعاتها الدرامية بشفافية عالية.

معها في التجربة والمخرج حمد البدري، الذى قدّم العديد من التجارب الدرامية ومنها "خذيت عمري وعطيت"، و"روز باريس"، و"غريب بين أهله"، و"حضن الشوك"، و"صاحبة الامتياز" وغيرها. 

وهناك أيضاً المنتج المحامي عادل اليحيي، الذى راح يوسع دائرة نشاطة ومشاريعه الإنتاجية، وينتقل إلى منطقة خصبة من الأعمال والقضايا والموضوعات الإنتاجية بعد سنوات من التحرك في المنطقة الوسطي -على الصعيد الإنتاجي- ليتجاوز ذلك مرسخاً حضوره واختياراته. 

المنطقة الصعبة 

مسلسل "هيا الروح" من تلك النوعية المختلفة  والتى تشتغل على قضايا الإنسان والظروف الموضوعية التى تعصف به والتحديات الجسام التى يعمل على تجاوزها بكثير من العزم والإرادة عبر شخصية "هيا" التى كتبت بعناية وعمق وجسدت بحترافية ومعيشة، شخصية ظلت هي المحور الذي راحت تدور في فلكه جميع الشخصيات حتى تلك التى كانت في الجانب الآخر، والتى ساهمت في منح الشخصية مساحات أكبر من التحدي والعزيمة. 

العمل في هذه الموضوعات يتطلب جرأة على صعيد الكتابة أولاً، والإنتاج ثانياً في زمن تزدحم به الفضائيات بحكايات الهوامش البعيدة، لنجد أنفسنا أمام عمل استثنائي يعزف على وتر المنطقة الصعبة، ويؤكد أن الدراما الخليجية التلفزيونية لا تزال تمتلك الجرأة للذهاب إلى موضوعات وقضايا إنسانية عميقة وصعبة حتى رغم الكثير من الملاحظات على إيقاع العمل بين حلقة أخرى وبين شخصية وثانية وبين الحلول المقدمة بالذات على صعيد التمثيل، ويبقي أن نقول مسلسل "هيا الروح" يحتفي بذوي الاحتياجات الخاصة. 

* ناقد فني

اقرأ أيضاً:

تصنيفات