منع عرض الفيلم المغربي "زنقة كونتاكت" بسبب أغنية

time reading iconدقائق القراءة - 6
مشهد من الفيلم المغربي "زنقة كونتاكت" - truecolours.it/
مشهد من الفيلم المغربي "زنقة كونتاكت" - truecolours.it/
الرباط-عبد الكريم واكريم

منع المركز السينمائي بالمغرب عرض فيلم "زنقة كونتاكت"، للمخرج إسماعيل العراقي، بدعوى أن "المخرج لم يلتزم بالسيناريو الذي نال بسببه الدعم، بعدما قدمه للجنة" بحسب بيان المركز.

وأكد المركز، أن "الموسيقى التي تم استغلالها في الفيلم، تعود للمغنية الصحراوية مريم منت الحسان، وليس للمغني فاضول، كما ورد بالسيناريو الذي عُرض على المركز ولجنة الدعم". 

وقرر المركز "تعليق تأشيرة الاستغلال التجاري والثقافي للفيلم، وتعليق العرض التجاري والثقافي للعمل السينمائي وطنياً ودولياً، بخلاف سحب البطاقة المهنية من المخرج إسماعيل العراقي، وتوجيه إنذار لشركة الإنتاج لتعديل نسخة الفيلم خلال 48 ساعة ومطابقتها مع السيناريو الأصلي، مع إمكانية سحب رخصة مزاولة المهنة ورخصة اعتماد تنفيذ الإنتاج للشركة".  

"سوء تفاهم" 

ومن جهته، أبدى المخرج إسماعيل العراقي، استعداده التام وكذلك شركة الإنتاج، لإجراء أي تعديل تطلبه اللجنة، معتبراً أن "هذه الأزمة ناجمة عن سوء تفاهم، لذا أعتذر  عن أي إساءة، شعر بها البعض اتجاه مقطع موسيقي، اعتُبر أنه يحمل بعداً سياسياً، وأتمنى الوصول لحل سريع، وعودة الأمور لمجراها".

وأكد أنه اتبع القوانين بدقة، من خلال تقديم الفيلم إلى لجنة التأشيرات التابعة للمركز السينمائي المغربي، للحصول على تأشيرة العرض التجاري سنة 2021 دون طلب بأي تغيير".

وفسر أسباب وضع صوت مغنية في الفيلم، بكونه "اختيار جمالي وموسيقي بحت، ولم أذكر هذا في السيناريو، لأن ذلك يتضح لحظة المونتاج، ولم يكن أمراً أساسياً في التسلسل الدرامي للفيلم، أي أن المشهد كان من الوارد خروجه بدون موسيقى". 

انقسام

وانقسمت ردود الفعل بين مؤيد لقرار المركز، وبين معترضين عليه، إذ قال الناقد السينمائي سليمان الحقيوي، لـ"الشرق"، إن "موقف المركز السينمائي المغربي، تجاه الفيلم، يأتي في سياق أداءه المضطرب في السنوات الأخيرة".

ورأى أن "هذا القرار متسرع، ويُورّط لجان المركز السينمائي، قبل المخرج وشركة الإنتاج"، متسائلاً بقوله: "كيف يُعقل أن يحظى الفيلم بالدعم، ويحصل على رخصة التصوير، وتأشيرة العرض، والمشاركة في المهرجانات المحلية والدولية، ثم يُعرض في القاعات، وبعد هذا المسار تأتي هذه الإجراءات؟". 

وأوضح أن "الهجوم الذي طال الفيلم، خرج من العاملين بقطاع السينما، منهم خاض نقاشاً فنياً بنية حسنة، ومنهم تعمد إقحام الفيلم في السياسة، فالبعض يتاجر بقضايا الوطن، رغم الموهبة التي يتمتع بها المخرج".

وأكد أن "موقف المغرب ووحدته أقوى من أن تنال منها أغنية أو فيلم، فلا يجب السير خلف مُدعي الوطنية ممن يتاجرون بقضايا الوطن".

"حالة عشوائية"

أما الناقد السينمائي عادل السمار،  قال لـ"الشرق"، إن: "منع الفيلم دليل آخر على الحالة العشوائية التي يعيشها المجال السينمائي المغربي اليوم، وعدم كفاءة المشرفين عليه".

وأضاف أن "بيان المركز السينمائي، دليل على جهلهم بأبجديات السينما، فكيف يطلب تغيير الموسيقى في 48 ساعة!!، فهذا جهل بالعملية التقنية وما تتطلبه من مراحل".

واعتبر أن "هذه تُعد رقابة فريدة من نوعها تنم عن عقلية تحكمية تريد فرض نفس النغمة على الجميع وإقصاء كل من يخالفها الرأي، وهي مصحوبة بتهديد بمصادرة حق مخرج شاب في التعبير عن رأيه ورؤيته الفنية والإبداعية، بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معه، أمام صمت شبه كلي للمهنيين".

"جهل وعدم استحقاق"

وفي المقابل تسائل المخرج والسيناريست رشيد زكي، عبر "الشرق"، بقوله: "كيف مَرَّ هذا الفيلم من أمام أعين لجنة انتقاء أفلام مهرجان طنجة الوطني إن كانت هناك لجنة أساساً؟، وكيف لم تنتبه اللجنة التي تؤشر على الدفعة الأخيرة للدعم والتي تشاهد الفيلم كاملاً قبل التأشير؟".

وأضاف "هل كان المخرج واعياً بالموسيقى التي اختارها ومدى أهميتها في فيلمه؟، وهل تغيير الموسيقى لا يؤثر على الخط الدرامي للعمل؟"، متابعاً "حال تغييرها رغبة في استرجاع بطاقته المهنية فقط، فهو لا يستحقها أساساً".

وقال الناقد الفني أحمد الدافري، عبر حسابه على "فيسبوك"، إن "المغنية مريم منت حسان، عدوة للمغرب، وكانت مُسخَّرة لترويج فكرة الانفصال عن طريق الأغنية في المهرجانات الدولية".

ولفت إلى تجربتها في الفيلم الوثائقي، "صوت الصحراء"، إخراج الإسباني مانويل دومينيجيز، والذي تم تصويره في مدينة تندوف عام 2007، موضحاً أن "هذا الفيلم يروج بأن المغرب بلد محتل، وكان مليئاً بالخطابات التي تدعو للانفصال".

ورأى أن استعانة صُنّاع "زنقة كونتاكت" بصوت المغنية، به نوعاً من "السذاجة"، كونهم لم يبحثوا في الخطاب الموسيقي الغنائي، الذي كان سيؤدي بهم إلى التعرف على الخلفيات السياسية للمغنية، متابعاً أن "الزج بمغنية انفصالية في عمل مغربي، لم يكن أمراً صائباً، ولم يكن ينبغي أن يتم بطريقة عشوائية".

وأوضح أن "الخطأ الذي ارتكبه صانعو الفيلم، جاء عن جهل وليس عن قصد، وكان من الممكن تداركه، وتصحيحه، حال قيام المركز السينمائي المغربي بالدور المنوط به".

وشارك فيلم "زنقة كونتاكت" في مهرجانات سينمائية عدة، آخرها المهرجان الوطني للفيلم المغربي، كما شارك في مسابقة "آفاق" بمهرجان فينيسيا السينمائي الـ77، وفازت بطلة العمل خنساء بطمة، بجائزة أحسن ممثلة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات