
يُشارك المُخرج التونسي رضا الباهي، في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي الـ44، بفيلم "جزيرة الغفران"، والذي يشهد عودته إلى الساحة الفنية بعد غيابٍ دام نحو 6 أعوام، منذ فيلم "زهرة حلب" 2016.
وقال الباهي إنه يدعو إلى التعايش وتقبل الآخر، من خلال فيلمه الجديد، الذي تُقدم أحداثه من جزيرة "جربة" التونسية، والتي يراها بأنها تُشبه مدينة الإسكندرية إلى حدّ كبير في فترة ما قبل الخمسينيات، حيث كانت هناك حالة من التعايش بين مختلف الجنسيات، مثل اليونانيين والإيطاليين والأفارقة وكذلك اليهود، قائلة إنّ: "هذه الجزيرة معروفة بالتعايش السلمي بين كل البشر".
ورأى أنّ "فكرة التعايش، صارت عملية من الصعب تحقيقها، خلال السنوات الأخيرة، بسبب ثورات الربيع العربي"، مُشيراً إلى أنّه يستعرض في الفيلم "فكر المُتطرفين، فهناك شباب تمت السيطرة على عقولهم، وصاروا يرفضون مسألة التعايش السلمي، إذ أحرص على استرجاع الزمن الجميل المفقود حالياً".
ويبرز الفيلم جمال وسحر جزيرة جربة التونسية، الملقبة "بجزيرة الأحلام" وكيفية تجاوز بعض الصعوبات وتعايش وتسامح سكانها رغم اختلاف الجنسية والديانة، من تونسيين وأجانب.
الفيلم من بطولة درة، و كلوديا كاردينالي، وعلي بنور، ومحمد علي بن جمعة، وشادلي عرفاوي، وبحري الرحالي.
"التطرف الديني"
وأشار رضا الباهي، خلال حديثه لـ"الشرق"، إلى أنه تناول في فيلمه فكرة التطرف الديني، في مواجهة السعي لنشر التعايش السلمي وتقبل الآخر.
واستعرض بعض الحكايات التي كان يرويها له والده، الذي كان يعمل مُدرساً في "جربة" خلال عشرينيات من القرن الماضي، قائلاً: "والدي كان يُقيم برفقة صديقه المسيحي، وعندما يمرض، كان يقرأ له سور قرآنية بنية الشفاء، وعندما رحل ظل يقرأ ما تيسر من القرآن على روحه"، متابعاً أنّ "هذا ما أتناوله في الفيلم، رغم صعوبة تحقيقه في الوقت الحالي".
مشاركة عائلية
وكشف عن مُشاركته عائلته في تنفيذ فيلم "رحلة الغفران"، إذ تولت ابنته نيواين الباهي، العمل كمُديرة التصوير، فيما شارك ابنه بالتمثيل، بعد تجربته في فيلم "زهرة حلب"، أما شقيقه توفيق الباهي، عمل كمُهندس ديكور للمشروع.
وأرجع أسباب استعانته بأفراد عائلته في الفيلم، إلى "وجود كيمياء فنية كبيرة معهم، وأستطع توجيههم بشكلٍ سريع، ولدي قدرة على التواصل معهم بسهولة، وهذا ما أحتاجه حالياً، إذ وضعت كلّ شخص منهم في المكان المناسب، ما ساهم في خروج العمل في أفضل صورة".
ولفت إلى توقفه عن إنتاج المُشاريع السينمائية التي يُقدمها كمُخرج، مُبرراً ذلك، بأنه "عملية صعبة جداً، وفكرة قاتلة، لذلك سأكتفي بعد ذلك بالكتابة والإخراج فقط".
وأكد أنّ فكرة "جزيرة العفران"، مكتوبة منذ التسعينيات من القرن الماضي، قائلاً إنّ: "غالبية أفلامي قدّمتها بعد سنواتٍ طويلة من كتابتها، وذلك نظراً لظروف الإنتاج الصعبة، لذلك كنت أنتج بعضها، لمُمارسة هوايتي وألا أقف مكتوفي الأيدي".
المهرجانات السينمائية
وقال إنه صوّر الفيلم في 6 أسابيع، على مدار عام ونصف كامل، في جزيرة جربة، حيث توقف التصوير مرتين، الأولى بسبب تفشي فيروس كورونا، وأخرى عندما تولى رئاسة مهرجان "أيام قرطاج السينمائية"، قائلاً إنّ: "المهرجان منعني من مباشرة أعمالي كمخرج".
وأكد أنه لا يشغل باله بالمنافسة في "القاهرة السينمائي"، معتبراً أنه حصد نحو 27 جائزة من مختلف المهرجانات العالمية، التي شارك فيها منذ عام 1971، منها مهرجانات كان، وفينيسيا وتورنتو، بينما يسعى فقط لمعرفة آراء زملاءه الفنانين تجاه ما يُقدمه، "مثل محمود حميدة وعبد العزيز مخيون".
ولفت إلى أن فيلم "جزيرة الغفران" سيُشارك في عدد من المهرجانات السينمائية العالمية، خلال الفترة المقبلة، مثل برلين، ومقرر طرحه في دور العرض التونسية، مارس 2023.
وأشاد رضا الباهي، بالأعمال المُشاركة في الدورة الـ44 لمهرجان القاهرة السينمائي، ورأى أن "توقف مهرجان الجونة، أسهم في عرض أعمال متميزة في القاهرة".
وأشار إلى أن هناك منافسة قوية بين مهرجاني "القاهرة السينمائي" و"البحر الأحمر"، قائلاً إنّ الأخير صار إضافة قوية ومؤثرة للمهرجانات السينمائية العربية، رغم كونه في سنواته الأولى، إلا أنه نجح في استقطاب أفلام جيدة.
وتابع أن السبب الحقيقي وراء نجاح مهرجان "البحر الأحمر"، هو الانفتاح على الأفكار المختلفة، وتوفير الإمكانيات اللازمة له، فضلاً عن افتتاح العشرات من دور العرض في وقت قصير، وانتشار ثقافة السينما بين الجمهور هناك.
ورأى الباهي أن انتشار منصات البث الرقمي، تؤثر سلباً على دور العرض، وكذلك الصناعة بشكلٍ عام، كونها تحصل على الأفلام مقابل مبالغ زهيدة، عكس ما كان يدفعه المنتجين، وذلك رغم جذبها لقطاع كبير من الجمهور، مقابل اشتراكات مسبوقة الدفع، لافتاً إلى أن "نتفليكس" حصلت على فيلمه "زهرة حلب" مقابل 20 ألف دولار فقط.
وأكد أن "السينما التونسية تراجعت كثيراً، بالتزامن مع انتشار تلك المنصات، إذ وصل عدد دور العرض هناك، 20 صالة فقط".
اقرأ أيضاً: