"المستور: ضحايا حلال".. حكاية 5 نساء في بيت مشبوه

time reading iconدقائق القراءة - 7
الملصق الدعائي للمسلسل السعودي "المستور: ضحايا حلال" - facebook.com/ShahidVOD/
الملصق الدعائي للمسلسل السعودي "المستور: ضحايا حلال" - facebook.com/ShahidVOD/
القاهرة-عصام زكريا*

حسنا فعل المسئولون بالإفراج عن المسلسل السعودي "المستور: ضحايا حلال" بعد حوالي 3 سنوات من منعه عقب عرض أولى حلقاته.

المسلسل الذي عرض بعنوان "ضحايا حلال" فقط، كان قد أثار ضجة عقب بدء عرضه في ديسمبر 2020، ما دفع الهيئة العامة للإعلام المرئي والسموع إلى رفعه من على شاشات "شاهد" وmbc. 

ولكن ها هو يعود من جديد، فهو عمل يستحق أن يشاهد ويناقش، وفوق ذلك فمن يشاهده للنهاية سيدرك أن المسلسل لا يحمل، فعلياً، ما يستحق أن يمنع من أجله سواء بمقاييس الرقابة أو المجتمع.

جرأة غير مسبوقة

صحيح أن موضوع المسلسل جريء، وغير مسبوق في الدراما الخليجية، ولكن العبرة في الفن بالمعالجة، بمدى رقيها وصقلها وبمدى علاقة الموضوع، مهما بدا غريباً، أو حتى غير واقعياً، بالقضايا الإنسانية العامة.

وصحيح أن معظم شخصيات المسلسل غير سوية ومنحرفة بطريقة أو أخرى، ولكن العمل يضع هذه الشخصيات تحت ضوء من التشريح النفسي والاجتماعي، ويبين، بشكل جلي، أن هذه الشخصيات تعيش في معاناة وألم بسبب هذا الانحراف، كما ينبه إلى أنهم لم يولدوا منحرفين بالفطرة، ولكن ظروفاً خاصة وعامة هي التي دفعتهم إلى ذلك.

المسلسل مأخوذ عن فكرة للكاتب الأردني المعروف عادل الجابري وسيناريو السورية نور ششكيلي، صاحبة مسلسل "صبايا" بأجزائه الستة و"الميراث" بأجزائه الأربعة، والمتخصصة في الأعمال التي تتناول حياة النساء العربيات.

دور العمر

يروي العمل حكاية 5 من النساء، يجمعهم مكان ما، بيت تملكه وتديره سيدة تجاوزت أواسط العمر، ليس لها اسم، ولكن كنية تعرف نفسها، ويناديها الآخرون، بها، هي "أم نورا"، تؤدي دورها سناء بكر يونس، صاحبة الحضور المميز في أي عمل تظهر فيه، وإن كانت هذه الشخصية ستظل واحدة من أهم وأفضل أدوارها، بتركيبتها المعقدة والفريدة.

تستضيف "أم نورا" في بيتها عددا من الفتيات الجميلات، تقوم بتزويجهن بعقود "شرعية"، على يد شيخ مأذون يؤدي دوره سعيد صالح، ثم تقوم بتطليقهن بعد فترة، وتزويجهن من جديد، وبالطبع الرجال الذين يأتون إلى هذا البيت لا يرغبون في زواج حقيقي به إشهار وحياة مشتركة، ولكنهم يرغبون في الحصول على بعض المتعة "الشرعية"، لبعض الوقت، بمقابل مجز تتقاسمه أم نورة والشيخ والفتيات!

أولى هذه الفتيات هي سحر، التي تؤدي دورها ميلا الزهراني، وهي ابنة أخت أم نورا، ولكن هذه القرابة لا تمنع الخالة من استخدام الفتاة بحقارة، بل سنعرف لاحقاً أنها تفعل ذلك عمداً لتنتقم من أمها وأختها الراحلة، كما نعلم أن أم نورا تبنت سحر منذ طفولتها وزوجتها للمرة الأولى عندما كان عمرها 14 عاماً فقط، والفتاة المسكينة لا تعلم عن العالم سوى هذا البيت وهذه الحياة.

الفتاة الثانية هي شوق، وتؤدي دورها نسرين الراضي، وهي على عكس سحر، جاءت إلى المنزل باختيارها، بعد أن حاولت كفيلتها ترحيلها، وذلك لتصنع بعض المال تؤمن به مستقبلها.  

الثالثة هي ملك، تؤدي دورها العنود سعود، وهي مطلقة لديها ابنه، تحتمي ببيت أم نورة لحماية ابنتها التي يرغب أهلها تسليمها إلى أبيها، ولكن تنتهي إحدى زيجاتها بقيام زوجة برش "ماء النار" على وجهها، فتشوهه، ولا تجد سبيلاً سوى البقاء في البيت كخادمة.

الرابعة، وأحدث نساء بيت أم نورة، فهي ناريمان، وتؤدي دورها لين غرة، المهاجرة من سوريا مع أسرتها هربا من الحرب، والتي فقدت حبيبها بعد أن أقامت علاقة معه، وهي تلجأ لبيت أم نورا بحثا عن عمل، وللهرب من بيت أسرتها الذي تحول لسجن، وفي أولى زوجاتها تقع في براثن رجل مختل، هو سلطان، الذي يلعب دوره خالد صقر، يقوم بخطفها وحبسها، ويحاول قتلها، وهو المشهد الأول الذي يبدأ به المسلسل حلقاته العشر، قبل أن يتنقل في الماضي ليروي لنا قصص النساء الخمس.

تشابه غريب

قصة ناريمان وسلطان هي أكثر الخطوط إثارة، ومن الغريب أنها تشبه إلى حد ما قصة مسلسل "اختطاف"، الذي لعب فيه خالد صقر أيضا شخصية الخاطف المختل نفسها.

"اختطاف" عرض على منصة "شاهد" في 2021، بعد حجب عرض "ضحايا حلال" بعدة أشهر، ومن الصعب معرفة إذا كان صناعه قد عرفوا مسبقا بقصة ناريمان وسلطان مسبقاً.

بغض النظر عن هذا التشابه الذي يمكن أن يكون صدفة، يحتوي "المستور.. ضحايا حلال" على عدة خطوط درامية أخرى جيدة، منها قصة الحب الرقيقة التي تنشأ بين سحر وآخر أزواجها، وهو شاب مريض بالسرطان على وشك الموت، وكذلك قصة الجارة وفاء، تؤدي دورها رزان طارق، نصف السعودية نصف البريطانية، التي تقوم بخطف طفليها بعد صدور حكم بحصول طليقها على حضانتهما، وتحاول أم نورا استدراجها مقابل إعادة طفليها إليها، ولكن وفاء ترفض وتهرب بطفليها من جديد.

وفي مشهد معبر تشير أم نورا بما معناه أن وفاء شخصية مختلفة، وأن الإنسان الصالح لا يستجيب لأي ضغوط أو إغراءات، بل تعرب عن سعادتها بهروب وفاء!

الجرأة وحدها لا تكفي

هذه القصص وغيرها ينسجها بشكل متشابك ومتوازن المخرج أحمد مدحت، والذي تميز من قبل في عدة أعمال تنتمي للنوع البوليسي والرعب، وهو يستغل خبرته في هذه النوعيات ليعطي لـ"ضحايا حلال" إيقاعاً سريعاً وتشويقاً على مدار حلقاته العشر، يساعده في ذلك مونتاج هيثم كرم المحكم وموسيقى تامر كروان التي تعطي للعمل مذاقاً متجهماً وحزيناً يتناسب مع موضوعه ومزاجه. 

وبالطبع أداء ممثلاته وممثليه، الذين نجحوا في تجسيد شخصيات صعبة، يختلط فيها الشر بالخير، والضعف بالقوة، تتجاوز تبسيطات الأبيض والأسود المعتادة.

مع ذلك فإن نقطة ضعف العمل الوحيدة تكمن في نهايته التقليدية، والتي ينال فيها كل شخص عقابه، ليس فقط لإنها نهاية وعظية تجافي الواقع، ولكن لأنها مكتوبة ومنفذة بشكل متعجل ومرتبك، يخلو من المنطق. ولا أريد أن "أحرق" العمل بمزيد من التفاصيل!

على كل، هذا عمل يستحق أن يشاهد ليس فقط لجدة موضوعه، ولكن لجودته الفنية بشكل عام.

* ناقد فني

اقرأ أيضاً:

تصنيفات