تواجه هوليوود أكبر حراك عمالي منذ عام 1960، مع دخول عدد كبير من الممثلين فيها في إضراب، لينضموا بذلك إلى عشرات الآلاف من الكُتاب الذين بدأوا إضرابهم في يونيو الماضي.
وقالت كلّ من نقابة الممثلين، والكتّاب، إن المطالب تهدف إلى "حماية الأعضاء في حقبة تتسم بالتغيرات المتسارعة وعدم اليقين في صناعة الترفيه، والناجمة عن عوامل مثل انتشار منصات البث الرقمي، وانهيار إيرادات شباك التذاكر، والذكاء الاصطناعي"، وفق ما أوردته صحيفة "واشنطن بوست".
لماذا أضرب الكتاب والممثلون؟
قالت جوليا بولاند وهي من الكتّاب الذين أضربوا عن العمل، في تصريح لـ"الشرق" أثناء مشاركتها في اعتصام أمام مبنى "نتفليكس"، إن "الجميع هنا يدعم الكتّاب والممثلين، الذين يطالبون بالمساواة في الأجور"، لافتة إلى أن "الكثير من الكتّاب وقفوا معنا في صفوف الاعتصام، ويدعمونا".
وأضافت، أن المطالب تتركز في "رفع الرواتب، ومراعاة التغيّرات التي طرأت على المهنة، وفي مقدمتها منصات البث التي استبدلت السينما، ما منع من متابعة عدد المرات التي يتم عرض الأعمال على الشاشة، وبالتالي لا يمكن للكتاب والممثلين الحصول على ما تبقى من أجورهم".
وأضافت، أن المخاوف تتمثل أيضاً في تأثير الذكاء الاصطناعي واستخدامه في المهنة لإنتاج محتوى من دون الحاجة إلى الرجوع إلى الممثل أو الكاتب، وهو ما يهدد بأخذ الأدوار التي يؤديها الكتّاب والممثلون.
من جهتها، قالت أليسون تيتلوك وهي كاتبة ومنتجة تلفزيونية شاركت في الاعتصام، أن "أصحاب منصات البث الضخمة يقومون بالعمل بطريقة جديدة لا تتناسب مع ما يريده الممثلون والكتاب".
وأضافت في تصريح لـ"الشرق" أن "أفضل سيناريو يتمثل في تقديم عرض أفضل، يتم فيه تلبية مطالبنا باحترام، لكي نقوم بإنهاء هذا الإضراب، والعودة إلى العمل. فهذا ما نريده".
أما الممثل جي جي دنلاب فقال في تصريح لـ"الشرق"، إن "الشبكات تحاول تمرير بنود في العقود، تمكنها من استخدام أشكالنا وأصواتنا، أينما أرادت، ولأي مدة كانت".
وأشار خلال مشاركته في الاعتصام، إلى أن "هذه هي البداية، ولا يبدو أنهم سيتراجعون عن موقفهم هذا". وأضاف أن هذه المشاكل المستحدثة، تضاف إلى المشكلة الأصلية المتمثلة في المدفوعات.
وبحسب "واشنطن بوست"، يدفع الكُتاب والممثلون باتجاه تغيير نظام الأجور وزيادتها، خصوصاً أمام التضخم المتفاقم، وتقلّص الحقوق المادية الخاصة بإعادة استخدام العمل (إعادة العرض على شبكات التلفزيون ومنصات البث الرقمي)، فضلاً عن قصر المواسم التلفزيونية، إذ انخفض عدد حلقات المسلسلات من 24 حلقة إلى 8 أو 10 حالياً في الموسم.
وبالنسبة للكُتاب، تتوافق قضايا الأجور مع المخاوف الخاصة بمنصات البث الرقمي، واستخدام "غرف الكتابة المصغرة"، والتي تعني الاستعانة بعدد كتّاب أقل. وتسعى النقابة أيضاً إلى تعزيز حماية وتعويض الكُتاب الذين يعملون في المواسم القصيرة، بأجور ممتدة على فترات زمنية أطول.
كما تطالب النقابة بحد أدنى لأجور العاملين في الصناعة، يتم تطبيقه على الكُتاب الذين يعملون في برامج الكوميديا والمنوعات "المصممة لوسائل الإعلام الجديدة"، وتقييد استخدام المقتطفات التي لا يحصل الكاتب على أجر عليها.
أما بالنسبة للممثلين، فإن وجود مزيج من شروط التعاقد التي عفا عليها الزمن، والتغيرات السريعة في المشهد الإعلامي، على غرار المواسم التلفزيونية الأقصر، تزامناً مع فترات أطول بين المواسم"، فاقمت "صعوبة العيش بنمط حياة الطبقة الوسطى والمحافظة عليه"، وفقاً لما أورده الموقع الإلكتروني لنقابة الممثلين (SAG-AFTRA).
وأضافت الصحيفة الأميركية، أن هناك أيضاً "مخاوف بشأن تعويض الممثلين بشكل عادل، مقابل استخدام الذكاء الاصطناعي" (لإنتاج أصوات وأشكال الفنانين).
الحد من استخدام الذكاء الاصطناعي
ويرى أندرو ساسكيند، الأستاذ في قسم السينما والتلفزيون في "جامعة دريكسل"، والذي قضى 30 عاماً في العمل بهذه الصناعة ككاتب مستقل ومنتج ومخرج، أن استخدام الذكاء الاصطناعي "أثار غضب الكُتاب والممثلين"، الذين يرون أن الاستخدام "غير المقيّد" لهذه التكنولوجيا يمثل "تهديداً وجودياً لهم".
وأوضح ساسكيند، أن موقف الكُتاب يتمثل في أنه "لا يمكن أن تكون هناك مادة سردية عن طريق الذكاء الاصطناعي". من جهتهم، يردد المنتجون مقولة: "دعونا نلتقي مرة كل عام، ونقيّم آثار الذكاء الاصطناعي".
لكن الكُتاب يعرفون أن اللحظة التي سيمكن فيها استخدام الذكاء الاصطناعي (...)، فسيحل محلهم"، وفق ساسكيند.
وتسعى نقابة الكُتاب بقوة من أجل "الحد من استخدام الذكاء الاصطناعي، للحفاظ على عدد الفرص المتاحة أمام الكُتاب، ولضمان عدم استخدامه في إنتاج محتوى غير مدفوع الأجر".
من جانبها، حذرت المخرجة جوستين بيتمان في مقال افتتاحي لمجلة "نيوزويك"، من سيناريو استخدام الذكاء الاصطناعي لإنتاج مواد تلفزيونية، عوضاً عن الاستعانة بممثلين.
وقالت: "يمكننا أن نتوقع تدريب الذكاء الاصطناعي على البرامج التلفزيونية القديمة الناجحة لإنتاج مواسم جديدة"، في إشارة إلى المسلسل الكوميدي "Family Ties" الذي عرض في ثمانينيات القرن الماضي.
أما في ما يتعلق بالممثلين، فإن النقابة "SAG-AFTRA" تسعى بقوة إلى "حماية منتسبيها من استخدام أشكالهم أو أصواتهم أو أدائهم، من دون موافقتهم أو حصولهم على مقابل مادي".
وفي هذا الصدد، قالت النقابة، إن قدرة الذكاء الاصطناعي على تقليد هذه التعبيرات الإبداعية، أثبتت بالفعل أنها "تشكل تهديداً حقيقياً ووشيكاً لعمل أعضائنا".
وإضافة إلى ذلك، تحاول النقابة منع الاستوديوهات من أن تكون قادرة على "تدريب الذكاء الاصطناعي لإنتاج عروض جديدة من أعمال الممثلين الموجودة بالفعل".